الخليج 365-
وإذا صحت الدراسات المستقلة، يقبع بين الكثبان الرملية والنخيل بالقرب من حقول النفط في المنطقة الشرقية دير يعود إلى القرن السابع الميلادي، وهو ما يعد دليلًا واضحًا على أن الإسلام كان متسامحًا مع بناء الكنائس في تلك المنطقة.
ويشير المقال بداية إلى القرارات الحديثة التي اتخذها ولي العهد محمد بن سلمان، والتي يبدو فيها شيء من التحدي لرجال الدين، وأبرزها السماح بافتتاح دور السينما وإقامة الحفلات الموسيقية ومنح المرأة الحق في قيادة السيارات، وهي الأمور التي كانت تعد شبه مستحيلة في السعودية من قبل، إلا أن السماح ببناء الكنائس للمسيحيين المقيمين في السعودية والبالغ تعدادهم 1.4 مليون يبدو أكثر خطورة، كما يتضمن خطورة أكبر من القرارات السابقة.
وفي تصريح أحد كبار الأمراء السعوديين للمجلة البريطانية، يقول "في أي مكان آخر لا مشكلة، ولكن لا يجتمع دينان في جزيرة العرب"، مشيرًا إلى أحد الأحاديث النبوية، كما أكد أن الكنائس لم يسمح بها منذ تكون أول مجتمع مسلم منذ 14 قرنًا. في المقابل، يؤكد المقال أن التنقيب في الجبيل ومواقع أخرى على الساحل الشرقي تثبت عكس تلك المزاعم.
إذ سجل المؤرخون عقد مجلس في أسقفية بيت قطراية بالقرب من الجبيل عام 676 بعد الميلاد، أي بعد أكثر من 40 عامًا من وفاة النبي.
وبخلاف ذلك، هناك وجود لكنائس في كل الدول الست الأخرى التي تضمها شبه الجزيرة العربية. في قطر على سبيل المثال، والتي تنتهج ذات المدرسة الوهابية التي تتبعها السعودية، سُمِح ببناء كنيسة منذ عقد واحد فحسب، وهو ما حدث في البحرين أيضًا عام 1906.
وحاليًا يقوم الكاثوليك في البحرين ببناء كاتدرائية جديدة في البحرين، على اسم سيدة شبه الجزيرة العربية وإيجاد منزل دائم للكنيسة ومكان لمساندة الكاثوليك القادمين إلى تلك المنطقة.
وبحسب المقال، يعد الاستثناء السعودي من وجود الكنائس في البلاد هامًا للغاية، نظرًا لأنها تستضيف أقدس الأماكن الإسلامية، وهي أهم منارة لنشر الدين الإسلامي.
وفي تشرين الأول الماضي، أكد الأمير محمد بن سلمان رغبته في أن تكون السعودية مفتوحة لكل الأديان والتقاليد والبشر من جميع أنحاء العالم.
ولكن قبالة الساحل السعودي في البحرين، يشكو كاميلو بالين، الأسقف الكاثوليكي لشمال الجزيرة العربية، من أن الأوضاع لم تتغير على الإطلاق في السعودية بالنسبة للمسيحيين.
ويؤكد بالين أن الصلاة الخاصة مسموح بها، ولكن الظهور العام للرموز المسيحية ليس مقبولًا، كما يؤكد أن طقوس التناول في بلد لا يسمح بالخمر يعد إشكالية.
ويقارن موقع الأسقف على الإنترنت لقاءات الصلاة السرية بمحن المسيحيين الأوائل في ظل الإمبراطورية الرومانية.
وفي جناح أحد السفارات الأجنبية في العاصمة السعودية الرياض، بجوار البار، ثمة طاولة مغطاة بقطعة من القماش الأسود يتم استخدامها كمذبح الكنيسة، في حين يرفع القس الإنجيل ويتلو الصلاة في حضور عدد من الأجانب من دول مختلفة.
ويدعو بعض رجال الدين في السعودية إلى إعادة التفكير في القضية، ويؤكدون أن حديث الرسول حول عدم اجتماع ديانتين في الجزيرة العربية يُفسر بشكل خاطئ، وأن المقصد هو عدم اجتماع سلطتين وليس ديانتين، وأن النبي لم يكن ينوي إطلاقًا منع غير المسلمين من أداء شعائرهم في شبه الجزيرة العربية، كما يؤكد مسئول رسمي في وزارة الشئون الإسلامية السعودية أن وثيقة المدينة التي وقعها الرسول نصت على التعايش مع اليهود، وأنها نموذج يحتذى به في تلك القضية.
وكان الملك عبد الله، ملك السعودية السابق، قد افتتح مركزًا للحوار بين الأديان، إلا أن موقعه كان خارج البلاد، تحديدًا في العاصمة النمساوية فيينا.
في المقابل، كان محمد بن سلمان أكثر شجاعة بحسب المقال، إذ استضاف عدد من رجال الدين المسيحي في البلاد. والتقطت وسائل الإعلام السعودي صورًا للبطريرك الماروني والمبعوث البابوي، الكاردينال جون لوي توران، والذي ارتدى الزي الديني كاملًا والتقى بملك السعودية.
ويعد المرسوم الذي صدر بهدف تجريد الشرطة الدينية من سلطاتها بالاعتقال ملاذًا للمسيحيين الذين ينظمون اجتماعات كبيرة في بعض المنازل لعقد الصلوات.
وكانت السعودية قد سعت لإبعاد الدعاة المتعصبين وحظر ظهورهم إعلاميًا وغيرها من الخطوات في التعليم والكتب المدرسية لمحاولة تقليل التعصب.
ويتوقع أحد المستشارين الملكيين أيضًا أن قضية افتتاح بابوية وبناء كنيسة في السعودية ما هي إلا مسألة وقت، وأن أحد الأماكن المرشحة هي مدينة نيوم الجديدة والمخطط تأسيسها شمال غربي البلاد، والتي يمكن اعتبارها خارج شبه الجزيرة العربية.
ويرى البعض أن ما يفعله محمد بن سلمان وسجنه للمعارضين قد تسبب في كبح المعارضة، وهو ما يظهر في تعليقات مفتي السعودية التي تبدو متراجعة، مقارنة بتصريحاته السابقة الداعية لوقف بناء الكنائس في جزيرة العرب بعدما بُنيت كنيسة جديدة في الكويت في 2012، إلا أن القمع في السعودية قد يتسبب في ردة فعل عكسية.