ملفات » رؤية المملكة السعودية 2030

هكذا أصبحت قطر مدعاة لحسد بن سلمان

في 2018/10/26

رويترز-

زعم أمير سعودي نافِذ ذات مرة أن قطر عبارة عن "300 شخص وقناة، وهذا لا يشكل بلدا"، وألهم هذا الازدراء، ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، للشروع في فرض حصار رباعي على الدوحة (بجانب الإمارات والبحرين ومصر).

لكن بعد مرور عام ونصف على فرض الحصار، اعترف ولي العهد الشاب بما أصبح واضحا للعالم، أن قطر تعمل بشكل جيد.

وسيكون من السهل على هذه الدولة الصغيرة الغنية التي يبلغ عدد سكانها 2.6 مليون نسمة، أن تشمت في مصيبة السعودية  المتمثلة في حالة الاشمئزاز الدولي المحيط بها؛ بسب مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي".

ومع ذلك، فإن حالة الشماتة تلك، أو الشعور بالرضا لإدانة جارها الخليج في مقتل المعارض البارز داخل القنصلية السعودية بإسطنبول، لم يكن موجودا لدى الدوحة.

هذا ليس لأن قطر دولة خاضعة أو ضعيفة، بل إن حضور الأمير "تميم بن حمد آل ثاني" في العاصمة يفوق نظرائه في أبوظبي ودبي في عواصمهم.

فصوره تزين كل شيء هناك من ناطحات السحاب إلى سيارات الأجرة، ولم تخجل قطر أبدا من التفاخر بثرواتها، والشروع في جولات التسوق الفخمة، والاستحواذ على أصول في سلسلة هارودز الشهيرة بلندن ونادي لكرة القدم باريس سان جيرمان.

وعلى نحو غير معهود، سلكت قطر طريقا هادئ تماما، وكان ذلك أفضل رهان لها لمعالجة الأزمة السعودية، ولسبب وجيه، فحدود مغلقة مع جارتها أفضل من الفوضى على الجانب الآخر، لاسيما إذا كانت هذه الفوضى قد تؤدي إلى اضطراب بشأن النظام الملكي.

وسواء من خلال الضوابط الداخلية أو الولايات المتحدة والعقوبات الأوروبية، فإن أفضل النتائج بالنسبة لقطر، هو أن ولي العهد المعاقب -وليس المخلوع – أصبح أكثر إدراكا بحدود قوته.

لا يستغرق الأمر طويلا في الدوحة لكي تعرف أن الحظر الذي تفرضه السعودية والإمارات والبحرين ومصر، كان بمثابة نعمة اقتصادية، بعد صدمة مبدئية، عندما سحبت دول الحصار حوالي 30 مليار دولار من ودائعها المصرفية، وأوقفت السفن المحملة بالألبان، لكن سرعان ما أعادت قطر توجيه وتنظيم سلاسل توريد ومصادر تمويل بطرق قد تفيدها في نهاية المطاف لسنوات.

حتى "بن سلمان"، أدرك ذلك، وأشاد بالاقتصاد العظيم، لقطر في تصريحاته في مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض الأربعاء .

 واستخدمت قطر ثرواتها الكبيرة - التي تضم حوالي 44 مليار دولارا من الاحتياطيات وصندوق سيادي بقيمة 300 مليار دولار – لشحن 17 ألف بقرة، ومزارعين أيرلنديين لتحقق الاكتفاء الذاتي من منتجات الألبان، وتبرز في الوقت ذاته المنتجات الإيرانية والتركية على أرفف المتاجر وسط العاصمة في كارفور الدوحة.

ويقول أحد المسؤولين الحكوميين إن المواد الخام مثل البيتومين، التي كان يتم شرائها من خلال الموزعين في دبي تصل الآن بشكل مباشر وبتكلفة أقل.

وساهم الحصار في تسريع توسعة ميناء حمد، وهو مكون أساسي في البنية التحتية، لرؤية قطر الوطنية 2030، وهي الخطة التي تجهزها البلاد عندما يتباطأ الطلب على الطاقة، ومنذ أن أغلق الحصار طرق الشحن الرئيسية في المنطقة، أقام "تميم" علاقات جديدة مع ماليزيا والصين والهند واليونان.

ورغم أن القطريين لا يريدون البوح بذلك على الإطلاق، لكن هناك فخرا مستقرا في التغلب بنجاح على اختبار الإجهاد السعودي، كما أن هناك ارتياحا شبه عالمي، لحدوث ذلك، قبل أن تركز أنظار العالم على استضافة قطر لكأس العالم لكرة القدم 2022، وهو الحدث الأول من نوعه لدولة عربية.

ويقول أحد كبار المسؤولين "كان الحصار بمثابة مأساة للعديد من العائلات التي تقطع شملها، وللتعاون بالخليج، ولكن علينا أن نتصرف وكأن الحصار دائم إنه الوضع الطبيعي الجديد".

ويبدو أن قطر نجحت في اجتياز الحصار عن طريق الطائرات، وأصبحت أرفف الأسواق التجارية مخزنة بالبضائع، وشعبها يتغني بالوطنية، فلا عجب عندئذ أن الدوحة مدعاة للحسد من قبل "بن سلمان".