كامل جميل - الخليج أونلاين-
دخلت السعودية، يوم الخميس (11 نوفمبر 2021)، مرحلة جديدة في مجال منح جنسيتها لمواطني بلدان أخرى، لتؤكد حالة التغيير التي تعيشها منذ سنوات قليلة، ضمن إطار رؤية المملكة 2030.
موافقة الملك سلمان بن عبد العزيز التي صدرت أكدت منح الجنسية السعودية "لعدد من أصحاب الكفاءات المتميزة والخبرات والتخصصات النادرة".
وفقاً للبيان فإن تجنيس هذه الفئات التي تشمل الكفاءات الشرعية والطبية والعلمية والثقافية والرياضية والتقنية يسهم في تعزيز عجلة التنمية، ويعود بالنفع على الوطن في المجالات المختلفة.
يأتي ذلك "تماشياً مع رؤية 2030 الهادفة إلى تعزيز البيئة الجاذبة التي يمكن من خلالها استثمار الكفاءات البشرية واستقطاب المميزين والمبدعين"، بحسب البيان ذاته.
قدموا خدمات جليلة
النظر إلى قائمة الأسماء التي مُنحت الجنسية السعودية إثر صدور الموافقة الملكية، يشير إلى أن الخصوصية بمنح الجنسية لا تتعلق بالرتب العلمية العليا، بل بالخدمة الإنسانية والمهنية والعلمية وغيرها من المجالات.
فقائمة من منحوا الجنسية ضمت عدداً من الأسماء البارزة في المجالين الثقافي والفكري، ممن كانت لهم إسهامات مُهمة في دعم الحراك الثقافي المحلي بالإنتاجات والجهود والإصدارات النوعية.
من بين هؤلاء الدكتور أمين سيدو، الذي قام بجهود علمية وبحثية كبيرة، ورفد الحراك الثقافي المحلي بمجموعة من الإنتاجات والأعمال التي تجاوزت الثلاثين إصداراً، ووثقت لسير أعلام الثقافة والفكر والأدب في السعودية.
ومنح الجنسية أيضاً الدكتور محمد البقاعي، الباحث والمحقق والمترجم، والمؤرخ الدكتور عبد الكريم إبراهيم السمك، وسمعان العاني، أحد رواد الإخراج المسرحي في السعودية، ومختار عالم خطاط كسوة الكعبة المشرفة وشيخ خطاطي مكة.
المرحلة الثالثة
على الرغم من أن السعودية تعتبر من أصعب البلدان في التجنيس لكن سبق أن مرت بمرحلتين للتجنيس، لتأتي المرحلة الأخيرة مسجلة مرحلة ثالثة لكنها هي الأشمل والأوسع.
المرحلة الأولى، تعود إلى عهد المؤسس الملك عبد العزيز (1876-1953) حينما استعان بأسماء كان لها دور في بناء المملكة وتطورها.
أدرك الملك المؤسس أن الدولة الحديثة تحتاج إلى من يضع دعائمها ويرسم خطها التنموي، لذلك لم يتردد في الاستعانة بنخبة من أصحاب الخبرة؛ لأن السعوديين وقتها كانوا للتو بدؤوا رحلة التعليم داخل المملكة أو خارجها في مصر أو لبنان.
من بين هؤلاء السوري يوسف ياسين، الذي كان وزيراً للخارجية، والمستشار السياسي حافظ وهبة من مصر، ووزير الصحة رشاد فرعون، بالإضافة إلى سياسيين بارزين مثل خير الدين الزركلي، وفؤاد حمزة، وأحمد الشقيري.
أما المرحلة الثانية فكانت في عام 2005، في عهد الملك فهد حين طرأت تعديلات على نظام التجنيس بوضع اشتراطات لمن تجوز له منح الجنسية، تشابه إلى حد بعيد النظام في المملكة المتحدة من حيث الإقامة مدة لا تقل عن خمس سنوات، وأن يكون من أصحاب المهن التي تحتاج إليها البلاد.
رؤية 2030
يأتي التجنيس وفق الآلية الجديدة في إطار رؤية 2030 التي أعلنها ولي العهد، محمد بن سلمان، في 2016، وهي خطة اقتصادية تهدف لتنويع الاقتصاد السعودي بعيداً عن المصادر النفطية التقليدية.
وكانت السعودية قد أقرت، في مايو من العام 2019، نظام الإقامة المميزة ضمن رؤية المملكة 2030، والذي يمنح المستفيد عدداً من المزايا مقابل رسوم تدفع مرة واحدة للحصول على إقامة دائمة، أو سنوياً مقابل الحصول على إقامة مؤقتة مع المزايا نفسها.
ولا يشترط للمتقدم أن يكون من المقيمين في السعودية. كما لا تشترط مدة محددة للإقامة في المملكة بعد الحصول على الإقامة المميزة، ويعامل المستفيد معاملة المقيم من حيث تطبيق الأحكام الضريبية والأحكام النظامية الأخرى، ولا تخوله الإقامة المميزة الحق في الحصول على الجنسية السعودية.
وفي نوفمبر 2019 تم منح الإقامة المميزة لأول دفعة بلغ عددها 73 شخصاً، يمثلون 19 جنسية، ومن فئات متنوعة، بحسب وكالة "واس".
تعزيز عجلة التنمية
تفيد التقارير المحلية الرسمية بأن التجنيس، وفق ما أصدرته السلطات السعودية، يسهم في تعزيز عجلة التنمية، ويعود بالنفع على المملكة في المجالات المختلفة، تماشياً مع رؤية 2030 الهادفة إلى تعزيز البيئة الجاذبة التي يمكن من خلالها استثمار الكفاءات البشرية واستقطاب المميزين والمبدعين.
بحسب ما أوردت صحيفة "مكة" المحلية فإن العدد المعلن للحصول على الجنسية ضئيل جداً، ولا يقارن بالمستويات العالمية، ولن يكون له أي تأثير على تنافسية الكفاءات الوطنية في سوق العمل.
ولا يقلل استقطاب الكفاءات مطلقاً من شأن الكفاءات الوطنية، ويعد ممارسة عالمية متبعة في أكثر الدول تطوراً وتقدماً.
وبعد أن استقطبت السعودية الأثرياء وأصحاب رؤوس الأموال عبر نظام الإقامة المميزة، تعمل على جذب العقول والكفاءات. واشتراطُ أن تكون الكفاءات المجنسة من المتميزين والمبدعين، دليل رغبة القيادة بأن يراعي الاستقطاب أعلى معايير الكفاءة والمهنية.
وسيكون استقطاب المتميزين والمبدعين قائماً على الترشيح وفق المصلحة العامة، ولن يكون هناك فتح باب تقديم للطلبات بهذا الخصوص.