طه العاني - الخليج أونلاين-
يشهد القطاع السياحي في السعودية خطوات متسارعة نحو تعزيز مكانة المملكة على خارطة العالم السياحية، من خلال تنفيذ العديد من الخطط والبرامج وإقرار الأنظمة للارتقاء بالسياحة باعتبارها من أهم محاور تنويع الاقتصاد في البلاد.
وتأتي موافقة مجلس الوزراء السعودي على نظام السياحة في 23 أغسطس، لتشكّل خطوة جديدة نحو تطوير البيئة التنظيمية والتشريعية لقطاع السياحة.
وتبيّن وزارة السياحة السعودية، بأن النظام الجديد يطرح أساليب مبتكرة للاستثمار في مناطق المملكة، مما يساهم في جذب الأعمال، حيث يتضمن النظام الجديد تشريعات وإجراءات مرنة لجذب الاستثمارات النوعية.
وقالت الوزارة في تغريدة لها بموقع التواصل "تويتر"، إن أبرز ما تضمنه النظام فيما يخص المستثمرين والمشغلين في قطاع السياحة، هو تعديل مصطلح مرافق الإيواء السياحي إلى مرافق الضيافة، والتي تعكس واقع الضيافة السعودية، وكذلك وضع آلية تكفل حماية الوجهات السياحية والمقومات السياحية بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
كما يستحدث تراخيص وتصاريح لأنشطة سياحية جديدة لتمكين الإبداع والابتكار في مجال الاستثمار السياحي، وكذلك يتيح مواقع جديدة لتطويرها كوجهات سياحية جاذبة للاستثمار.
ويضمن نظام السياحة الجديد جودة الخدمات المقدمة للسائح والزائر وحماية حقوقهم، ويمنح التجربة المُثلى للسائح، لتصبح المملكة وجهة سياحية عالمية.
كما يساهم في تقديم الحلول والتسهيلات لتحقيق مستهدفات استراتيجية السياحة الوطنية.
ويقول الباحث عبدالرحيم الهور إن: "المملكة العربية السعودية تعمل على منظومة سياحية حديثة متكاملة، مبنية على خبرات الماضي العريق في إدارة السياحة الدينية، ورؤية المستقبل المعاصر، من خلال تشكيل منظومة سياحية شمولية، انطلاقاً من البنى التحتية المرتبطة بالمطارات وشبكة الطيران المحلية والتعاقدية، ومروراً بالمنافذ الحدودية".
ويتابع في حديثه مع "الخليج أونلاين": "مع تطوير جذري في الخدمات الإلكترونية المتعلقة بالهجرة والجوازات والفيزا والإقامات وأنواع الزيارات، لتكون سهلة وفاعلة وكفؤ للتعامل مع الرؤية الحديثة في السياحة العالمية للمملكة، وقد تزامن مع ذلك التطوير الشمولي للمناطق السياحية في المملكة والأنواع السياحية كذلك".
ويشير الهور إلى أنه وفي المقابل، "تأتي هذه الخطوات في إطار النهضة الشاملة للمملكة في كافة القطاعات، تجسيداً للرؤية الاقتصادية المستقبلية، ولتطبيق ذلك كان لابد من الدخول في معايير منافسة دولية وعالمية والحصول على مراتب متقدمة في تلك المؤشرات الدولية، وهذا ما تم تحقيقه"، على حد قوله.
أبرز محاور النظام
ويشتمل النظام السياحي الجديد في السعودية على محاور تعالج العديد من القضايا السياحية في البلاد وترتقي بها إلى مستويات أفضل.
وأوضحت وزارة السياحة السعودية، في 24 أغسطس، أن من أهداف النظام الجديد الذي أقرّه مجلس الوزراء، وأبرز مضامينه، اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير الاحترازية اللازمة في المرافق السياحية لمواجهة المخاطر، بالتنسيق مع الجهات المختصة.
كما يعمل النظام الجديد على إنشاء قاعدة بيانات معلوماتية لتوفير البيانات والإحصاءات والمعلومات عن جميع الجوانب الخاصة بقطاع السياحة في المملكة.
ويهدف إلى تيسير إجراءات استخراج التراخيص للاستشارات السياحية ومرافق الضيافة والأنشطة السياحية الموجودة، من خلال مركز خدمة شامل ومنصة إلكترونية موحدة.
ويوصي النظام بوضع خطة القوى العاملة السنوية بالتعاون مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص لتحقيق مستهدفات التوطين والمعايير اللازمة من الجهة المختصة بناء على تصنيف منظمة السياحة العالمية.
ويحرص النظام السياحي على تفعيل تصاريح الأنشطة السياحية التجريبية لخلق بيئة سياحية ممكنة لجميع ما يستجد في القطاع من أنشطة مستقبلاً، كما يسعى لحماية سمعة السياحة في المملكة والوجهات والمقومات السياحية وإبراز قيمتها وأهميتها.
رؤية مستقبلية
ويرى وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب أن هذا النظام يأتي تتويجاً لمسيرة إصلاح القطاع، حيث تم بناءه استئناساً بأفضل الممارسات العالمية التي تم اختيارها بناءً على مؤشر أفضل 10 دول في القدرة التنافسية للسياحة والسفر الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.
وتنقل صحيفة "الوطن" السعودية في 23 أغسطس الماضي، عن الوزير قوله، إن هذا النظام لا يكتفي بتقديم حلول للمشكلات الحالية، ولكنه يضع رؤية مستقبلية للأنماط السياحية التي قد تستجد لاحقاً.
ويؤكد الخطيب أن مسيرة تنظيم القطاع تواصلت بإصدار تنظيم مجالس التنمية السياحية في المناطق مؤخراً، وأن هذه المجالس سوف تكون عاملاً محفزاً يساعد على تسريع تطوير الوجهات السياحية في مختلف مناطق المملكة بالتعاون مع إمارات المناطق وبقية الشركاء.
ويرجّح وزير السياحة بأن هذا الأمر سوف يكون عاملاً حاسماً لوضع المملكة في المكان اللائق بها عالمياً ضمن أكثر الدول جذباً للسياح من خلال ما تقدمه من تجارب ملهمة وغير مسبوقة، وهذا ما يظهر جلياً في المشروعات السياحية التي تشيدها البلاد في مختلف الوجهات السياحية.
ميزانية تاريخية
وكانت الحكومة السعودية قد رصد ميزانية وصفت بـ"التاريخية" للقطاع السياحي الواعد، إذ خصصت أكثر من 3 مليارات ريال (نحو 799 مليون دولار)، لوزارة السياحة والهيئة السعودية للسياحة.
وقال الخطيب خلال قاء مع قناة العربية في 14 ديسمبر الماضي، إن تخصيص هذه الميزانية يؤكد أهمية القطاع ومساهمته في رؤية 2030 وتعزيز مساهمة دور القطاع الخاص في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي وخلق الوظائف.
ويوضّح بأن أولويات هذه الميزانية تتضمن تطوير الوجهات السياحية، وتطوير الأنظمة والتشريعات وجذب الاستثمارات، وتطوير وتدريب العناصر البشرية في قطاع السياحة، حيث خصص لها أكثر من 500 مليون ريال (نحو 133 مليون دولار) لتدريب المواطنين والمواطنات.
وكشف عن نجاح في تدريب 140 ألف مواطن ومواطنة، بجانب نمو عدد الوظائف من 680 ألفاً إلى 700 ألف في هذا القطاع خلال العام 2021.
ولفت الخطيب إلى أن قطاع الفنادق والشقق الفندقية سيكون من الأولويات وسيكون التركيز عليه كبيراً جداً، وذلك بالنظر إلى المشاريع الكبيرة مثل البحر الأحمر والدرعية.
100 مليون زائر
وتشير التقارير الاقتصادية إلى أن النظام الجديد سيسهم في تسريع تحقيق الأهداف التي حددتها الاستراتيجية الوطنية للسياحة في المملكة، ومنها الوصول إلى استقطاب 100 مليون بحلول 2030، ومساهمة السياحة بنسبة 10% في الناتج المحلي الإجمالي ومليون وظيفة سياحية جديدة.
بدوره رحب عضو الجمعية السعودية للاقتصاد، عبدالله المغلوث، بموافقة مجلس الوزراء على نظام السياحة الجديد في المملكة، مبيناً بأن النظام الجديد سيلعب دوراً كبير في تدفق المزيد من الاستثمارات الداخلية والخارجية إلى قطاع السياحة.
ويؤكد المغلوث خلال حديثه مع صحيفة "الرياض" السعودية، في 25 أغسطس، بأن المملكة تستهدف رفع عدد الزيارات السنوية السياحية إلى 100 مليون سائح بينهم 55 مليون من خارج السعودية.
ويضيف أن البلاد تسعى إلى توفير مليون وظيفة ملائمة للكوادر الوطنية وزيادة الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنسبة 10 %، وسيكون للنظام السياحي الجديد دوراً كبيراً في حماية سمعة السياحة في والوجهات والمقومات السياحية وإبراز قيمتها وأهميتها.
وتشير توقعات مجلس السفر والسياحة العالمي، إلى نمو قطاع السفر والسياحة في السعودية، بمعدل 11% سنوياً خلال 10 سنوات القادمة، لتصبح السوق الأسرع نموّاً في الشرق الأوسط.