كامل جميل - الخليج أونلاين-
تستعد السعودية لخوض غمار تحدٍّ جديد من خلال سعيها لاستضافة "إكسبو 2030"، بعد أن حققت العديد من الإنجازات اللافتة على جميع الصعد خلال السنوات الماضية مما عزز حظوظها في هذه المنافسة.
وتنافس العاصمةَ السعودية الرياض لاستضافة المعرض 3 مدن أخرى، وهي "بوسان" الكورية الجنوبية، وروما عاصمة إيطاليا، ومدينة "أوديسا" الأوكرانية.
وباعتبار أن إيطاليا نظمت معرض "إكسبو 2015" في ميلانو، ونظام المكتب الدولي للمعارض يشترط عدم تنظيم أي دولة نفس المعرض خلال 15 عاماً، ونظراً للأوضاع التي تمر بها أوكرانيا، فالمنافسة فعلياً تنحصر بين الرياض وبوسان.
كما يبلغ عدد الدول الداعمة لطلب الرياض استضافة "إكسبو 2030" 90 دولة، من أصل 170 دولة عضواً في المكتب الدولي للمعارض، وهي المنظمة المسؤولة عن معرض "إكسبو" الدولي.
ومن المنتظر أن يشارك ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الاثنين (19 يونيو 2023)، في حفل استقبال المملكة الرسمي لملف ترشيح الرياض في باريس، بمشاركة الدول الأعضاء في المكتب الدولي للمعارض، وذلك عشية انعقاد اجتماع الجمعية العمومية الـ172 للمكتب، الثلاثاء (20 يونيو).
الحفل يهدف إلى التعريف بجاهزية الرياض وخططها ومشاريعها لاستضافة المعرض، تمهيداً للتصويت لاختيار المدينة المستضيفة لهذا الحدث في اجتماع الجمعية العمومية التالي الذي سيعقد في شهر نوفمبر 2023.
ويشمل حفل الاستقبال، الذي تقيمه الهيئة الملكية لمدينة الرياض، معرضاً يعبّر عن العمق الحضاري والثقافي للمملكة وعاصمتها، ويبرز ثقلها السياسي والاقتصادي، وتميز موقعها الجغرافي.
كما يعبر أيضاً عن بنيتها التحتية المميزة التي تجعلها جاهزة لاحتضان أكبر الفعاليات والمناسبات العالمية، وما ستكون عليه من قدرات أكبر عند اكتمال المشاريع التطويرية الجاري تنفيذها، والمقرر تدشينها قبل الموعد المحدد لانطلاق المعرض.
وسينقل المعرض زوّاره عبر رحلة افتراضية في الرياض عام 2030، تبدأ من الوصول إلى مطار الملك سلمان الدولي، ثم الانتقال عبر وسائل النقل الحديثة إلى جولة على أبرز معالم العاصمة ومشاريعها الكبرى.
أهمية "إكسبو"
يعد "إكسبو الرياض 2030"، الذي سيحمل عنوان "معاً نستشرف المستقبل"، تجمعاً ضخماً للدول والمنظمات بحضور 226 مشاركاً رسمياً، من بينها الدول والمنظمات الدولية بالإضافة إلى المنظمات غير الحكومية والجامعات ورجال الأعمال والفنانين والمبتكرين.
كما يبرز المعرض تميز الموقع الجغرافي للسعودية وثقافتها وسياحتها وتاريخها وتطورها وثقلها السياسي والاقتصادي.
ويستهدف "إكسبو 2030" تجاوز الأرقام المسجلة في عدد الزوار من خلال استهداف 40 مليون زيارة إلى المعرض، وكان "إكسبو 2020 دبي" جذب 24 مليون زيارة على مدى ستة أشهر.
كما يشمل المعرض 3 مواضيع فرعية، هي "غد أفضل" و"العمل المناخي" و"الازدهار للجميع".
وسيركز "غد أفضل" على ما تتيحه الابتكارات في العلوم والتكنولوجيا من فرص مستقبلية، تحقق التحول بما يعزز الصمود أمام التحديات ويخدم البشرية.
أما "العمل المناخي" فيعنى بدفع عجلة الابتكار من خلال التعاون الدولي، في سبيل المحافظة على النظام البيئي والموارد الطبيعية وذلك بتقديم حلول مستدامة لجميع الدول.
ويهتم "الازدهار للجميع" بمعالجة أوجه التفاوت والاختلالات العالمية، من خلال مشاركة كل دولة من منظورها الثقافي وظروفها المحيطة وتطلعاتها.
جاهزية تامة
في 12 مارس الماضي اختتمت بعثة المكتب الدولي للمعارض زيارتها إلى الرياض، وناقشت خلالها ملف المملكة لاستضافة "إكسبو 2030".
وخلال مؤتمر صحفي عُقِد في ختام زيارة البعثة، قال الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض، فهد بن عبد المحسن الرشيد: "ملفنا قوي، وجاهزون لاستضافة إكسبو 2030، حيث قمنا باستيفاء كافة المتطلبات الفنية. لدينا دعم دولي غير مسبوق، بالإضافة إلى دعم المجتمع السعودي".
وأضاف: "نتوقع أن يحظى المعرض بأكثر من 40 مليون زيارة للموقع، بالإضافة إلى مليار زيارة عبر المنصة الافتراضية (الميتافيرس)، وهو ما لم يحدث من قبل في تاريخ معارض إكسبو".
بدوره قال رئيس بعثة المكتب الدولي للمعارض باتريك سبيشت: "تعرفنا على إمكانيات المملكة العربية السعودية. فالمملكة، والرياض تمتلكان جميع الممكنات المطلوبة".
من جهته أعرب الأمين العام للمكتب الدولي للمعارض، ديمتري كيركنتزس، عن اعتقاده بأن المملكة ستنظم معرض إكسبو "متناسب تماماً مع البرنامج الذي اطلعنا عليه هذا الأسبوع، ومسيرة تطور المملكة على مدى السنوات القليلة الماضية"، مضيفاً أن "وجود البنية التحتية المتكاملة في المملكة يلبي متطلبات حدث مثل معرض إكسبو".
الرياض خلية نحل
رئيس الهيئة الملكية للرياض، فهد الرشيد، قال للصحفيين على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، في يناير الماضي، إن "الميزانية الموضوعة لبناء موقع إكسبو بقيمة ثمانية مليارات دولار قليلة مقارنة باستثمارات البناء الحالية البالغة 400 مليار دولار في المدينة، التي يصل عدد سكانها إلى ثمانية ملايين نسمة".
وأضاف الرشيد: "نحن نبني أكبر شبكة مواصلات في العالم وأكبر مطار في العالم، كما يجري إنشاء أكثر من 30 مشروعاً ضخماً حالياً، وبالتالي فإن المدينة تشبه خلية نحل للنشاط الاقتصادي".
وتخطط المملكة لضخ استثمارات إجمالية تبلغ نحو 800 مليار دولار، تمكنها من زيادة مساحة الرياض وعدد السكان بها إلى الضعفين بحلول "2030".
يشير المحلل الاقتصادي نمر أبو كف، الذي تحدث لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن "أهمية هذا المعرض تكمن في أنه أقدم معرض دولي مستمر حتى اليوم، لذا فإن معظم الدول تحاول جاهدةً المنافسة على استضافته على أراضيها".
ويلفت إلى أن "للتاريخ الذي تقام فيه نسخة 2030 خصوصية بالنسبة للمملكة، إذ سيكون عام التتويج لرؤية الأمير محمد بن سلمان (2030)".
وعما تبحث عنه السعودية من وراء هذا التنظيم يقول أبو كف: "السعودية تنافس على تنظيم هذا المعرض للحصول على فوائد كبيرة، منها رغبتها في تعظيم مداخيلها غير النفطية، وربما تستفيد مدينة الرياض بشكل خاص من هذا المعرض".
كما أوضح أن "المعرض أيضاً سيعزز فرص السعودية في عدم الاعتماد على البترول مستقبلاً في التنمية المستدامة، وربما يكون هذا حافزاً للدول والشركات المختلفة لاقتحام السوق السعودية، خصوصاً أن المملكة تشهد نمواً في اقتصادها وازدهاراً، وهي من الدول القليلة التي لديها هذه الميزة الآن".
ويلفت إلى أن "تنظيم السعودية لهذا المعرض سيجلب لها فوائد كثيرة، منها الاستفادة من التعاون مع كثير من الدول والشركات عبر إمكاناتها الهائلة، والعبور إلى عصر التكنولوجيا، وربما يكون المعرض فرصة لإبراز كثير من القطاعات غير المستغلة في السعودية، وهو ما سيعزز مكانتها العالمية ويدفعها إلى التقدم دولياً في عدة مجالات".
ويؤكد الخبير الاقتصادي أنَّ "ولي العهد السعودي يريد نقل المملكة إلى مراحل متقدمة وجديدة، كثير منها متوافق مع رغبة الغرب في تعديل وتغيير الصورة النمطية للمملكة في الخارج بأنها دولة منغلقة؛ وهو ما يدفع السعودية إلى الانفتاح على العالم".