كمال السلامي - الخليج أونلاين-
يوماً بعد آخر يُثمر الانفتاح الاقتصادي في السعودية مزيداً من النتائج الإيجابية على المستويات كافة، في ظل توجه واضح لتعزيز القطاعات غير النفطية، وكانت أبرز نتائج هذا النمو المطرد تقلص معدل البطالة في المملكة بشكل تدريجي.
ووصلت البطالة في السعودية، خلال الربع الأخير من العام الماضي 2022، إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من 20 عاماً، بوصولها إلى 8%، متقلصة إلى قرابة النصف مما كانت عليه عام 2020.
وتقود خطط المملكة الطموحة في مختلف المجالات، نحو الوصول إلى نسبة البطالة المخطط لها ضمن رؤيتها، والبالغة 7%، قبل الوصول إلى العام 2030، وهو ما يؤكد نجاعة البرامج والخطط والإجراءات المتبعة لتقليص البطالة، وزيادة حجم الوظائف والفرص.
انخفاض ملحوظ
الهيئة العامة للإحصاء السعودية أعلنت، الخميس (28 سبتمبر)، انخفاض معدل البطالة في أوساط السعوديين إلى 8.3% في الربع الثاني من العام الجاري 2023، مقارنة بـ8.5%، في الربع الأول من ذات العام.
ووفقاً لبيانات الهيئة فإن معدل البطالة في أوساط الذكور وصل في الربع الثاني من العام الجاري إلى 4.6%، مقابل 15.7% في أوساط الإناث، كما انخفض معدل البطالة الإجمالي (من السعوديين والأجانب) في الربع الثاني إلى 4.9%، مقابل 5.1%، في الربع الأول 2023.
وبلغت البطالة في أوساط السعوديين 15.4% في الربع الثاني من 2020، بسبب جائحة كورونا، وهو ارتفاع كبير مقارنة بـ12.9% في عام 2018، وحينها كان الارتفاع بسبب تراجع أسعار النفط في 2014، وانكماش الاقتصاد في 2017.
من جانبها قالت صحيفة "الاقتصادية" المحلية (28 سبتمبر)، إن هذا الانخفاض بمعدل البطالة في أوساط الذكور والإناث في المملكة يعود لطفرة النمو التي يشهدها الاقتصاد السعودي، وهو ما وفر المزيد من الوظائف للمواطنين.
وأشارت الصحيفة إلى انخفاض معدل البطالة للسعوديات إلى 15.7٪، في مقابل 16.1٪، في حين استقر معدل بطالة السعوديين الذكور عند 4.6٪.
وهذا الانخفاض في معدل البطالة يشير إلى أن برامج رؤية 2030 تؤتي ثمارها، وتقترب من تحقيق هدفها قبل المدة المحددة، حيث تهدف إلى خفض البطالة إلى 7٪، بحلول ذلك العام.
وسجلت مشاركة السعوديات مستوى ارتفاع تاريخي خلال الربع الثالث من العام 2022، حيث بلغت 37٪، في حين كان مستواها القياسي للذكور خلال الربع الرابع من 2020 والرابع من 2022 عند 68.5٪.
إشادة صندوق النقد الدولي
صندوق النقد الدولي أشاد بحالة الازدهار التي وصل إليها الاقتصاد السعودي، مؤكداً في بيان صحفي نشره في ختام مشاورات المادة الرابعة مع السعودية للعام 2023، إلى أن معدل البطالة في المملكة وصل إلى أدنى مستوياته عام 2022.
وقال الصندوق، في البيان الذي نشره مطلع سبتمبر الجاري، إنه مع زيادة نسب المشاركة في القوة العاملة، تراجع مجموع البطالة إلى 4.8% مع نهاية عام 2022، مقابل 9% خلال جائحة "كوفيد 19"، وهو ما يعكس ارتفاع أعداد العاملين السعوديين في القطاع الخاص، وتزايد العاملين الوافدين مجدداً، مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة، ويتركز معظمهم في قطاعي البناء والزراعة.
كما لفت بيان الصندوق إلى أنه مقارنة بالعامين السابقين تراجع معدل بطالة الشباب إلى النصف، مسجلاً 16% في عام 2022، في حين بلغت نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة 36% في عام 2022، متجاوزة نسبة الثلاثين بالمئة المستهدفة في إطار رؤية 2030.
وفي وقت سابق، أثنى الصندوق على الإصلاحات الاقتصادية والمالية المستمرة في المملكة، والتي تأتي ضمن مستهدفات رؤية 2030، وأشار في التقرير الختامي الصادر عن خبراء الصندوق بشأن بعثة مشاورات المادة الرابعة للعام 2022، إلى أن السعودية أسرع اقتصادات مجموعة العشرين نمواً عام 2022.
وكان مؤشر "بي إم آي" الخاص بمسح التوظيف أشار، خلال ديسمبر الماضي، إلى تسارع وتيرة خلق الفرص في المملكة، حيث سجلت قراءة المؤشر 52 نقطة، وهي الأعلى خلال الأعوام الـ5 الماضية منذ يناير 2018.
التوطين والاستثمار
المملكة بحاجة إلى زيادة الاستثمارات في قطاع الخدمات والتصنيع، كي تحقق مستهدفاتها المتعلقة برؤية 2030، فيما يتعلق بالبطالة، ووفقاً للخبير الاقتصادي السعودي عبد الله الربدي، فإن "قطاع الخدمات يعد أكبر مولّد للوظائف، مما يساهم في تخفيض نسبة البطالة داخل البلد، بالإضافة إلى السياحة الداخلية"، بحسب ما نقل موقع "العربية" في أبريل 2022.
وتتوزع قوى العمل السعودية في ثلاثة قطاعات رئيسة من المهن، في مقدمتها الخدمات، وهي الأعلى بنسبة 28.69%، ثم المهن الفنية والعلمية بنسبة 27.98%، وأخيراً المهن الإدارية، وهي الأدنى بنسبة 3.56%، وفق تقارير اقتصادية.
وأعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية، في يونيو 2022، أن نسبة توطين الوظائف في القطاع الخاص ارتفعت إلى 22.3% في نهاية العام 2021، مقارنة مع 17.1% عام 2017.
وعملت السعودية خلال السنوات الماضية على زيادة كفاءة وإنتاجية سوق العمل وتقليص الاعتماد على العمالة الوافدة، ورفع معدلات توطين الوظائف، ضمن استراتيجيتها للقضاء على البطالة وتنمية اقتصادها، إلا أن خططها اصطدمت بقلة الكادر المحلي المؤهل تأهيلاً يناسب احتياجات السوق، خصوصاً في قطاعي الصناعة والخدمات.
بدوره قال خبير الموارد البشرية، صالح السدمي، لصحيفة "الشرق الأوسط"، في مارس الماضي، إن المشروعات العملاقة، ودخول الشركات الأجنبية، وتسارع وتيرة التوظيف لدى القطاعين العام والخاص، أسهمت إسهاماً مباشراً في خفض معدل البطالة بين السعوديين لتصل إلى مستويات قياسية.
نمو الاقتصاد غير النفطي
من الطبيعي في بلد يعتمد على النفط أن يتأثر مؤشر البطالة بخفض إنتاج النفط، لكن ما حدث مع السعودية مختلف، فبينما خفضت المملكة إنتاجها إلى 9 ملايين برميل يومياً، سجل مؤشر البطالة انخفاضاً، وهذا يؤكد- حسب الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي- أن خطط التنويع الاقتصادي تسير بالاتجاه الصحيح.
وقال الشوبكي لـ"الخليج أونلاين": "إنه من الجيد تحقيق انخفاض في معدلات البطالة في السعودية، رغم تخفيضها إنتاج النفط المتفق عليه مع "أوبك +" وأيضاً التخفيض الطوعي".
وأشار إلى أن ذلك الخفض سيؤدي إلى تقليص إيرادات السعودية، ويحدّ من النمو الاقتصادي فيها، إلا أنها في المقابل تسعى لتنمية اقتصادها غير النفطي.
وأضاف: "لذلك عندما نقرأ انخفاضاً في معدل البطالة مع إنتاج أقل من المعتاد للنفط في السعودية، فهذا يعني أن هناك بالفعل نمواً في الاقتصاد غير النفطي في السعودية، الآن تقريباً تنتج قرابة 9 ملايين برميل، وقدرتها أن تنتج 12 مليون برميل يومياً، فأعتقد أن نمو الاقتصاد غير النفطي في السعودية لافت، وهو سبب انخفاض البطالة في الربع الثاني، وأعتقد أنه سيستمر في الربع الثالث والرابع".
ولفت الشوبكي إلى أن "معدلات البطالة في السعودية بالفعل انخفضت من 8.5% في الربع الأول من العام الحالي، إلى 8.3% في الربع الثاني، لكنها كانت 8% في الربع الأخير من العام الماضي، ومن ثم هناك تحسن، لكنه لا يزال أقل من المستويات التي تحققت في الربع الأخير من العام الماضي".
حسابات رؤية 2030
ويوضح الخبير الاقتصادي أن "الانخفاض في حد ذاته، مع الظروف الاقتصادية الموجودة، يدل على متانة الاقتصاد السعودي أولاً، وحسابات الرؤية التي تسير في الاتجاه الصحيح".
وبخصوص مستهدفات البطالة ضمن رؤية 2030، قال الشوبكي إنه من المتوقع أن يتم الوصول إلى نسبة 7%، قبل العام 2030، مضيفاً: "أتوقع أن تصل السعودية قبل هذا العام، لعدة أسباب، أهمها قرب تنفيذ القرار السعودي بأن تكون مقار الشركات الإقليمية التي تتعامل مع الحكومة في الرياض، هذا يساعد على مزيد من التوظيف في المملكة، وتنفيذ القرار هذا في 2024، أي إنه اقترب".
وأشار إلى أن النهضة الاقتصادية تنعكس إيجابياً على معدلات البطالة، مؤكداً أن "رؤية 2030 تسير على ما يرام، وهناك مشاريع استثنائية جديدة، في القطاعات كافة، تطور في كل القطاعات في المملكة".
وبيّن أن النمو الاقتصادي في السعودية سيعزز مكانتها في مجموعة العشرين، وسينعكس على معدلات التوظيف في كل المجالات.