توم بورتر/ بيزنس إنسايدر- ترجمة الخليج الجديد-
قال محللون إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان استفاد من اقتصاد المملكة وثرواتها الهائلة ودبلوماسيتها لقلب صورته في الغرب، لكن سعيه لتعزيز وتوسيع نفوذه العالمي يواجه عقبات، لاسيما أسلوب تعامله مع المعارضة، بحسب تقرير لتوم بورتر في موقع "بيزنس إنسايدر" (Business Insider) ترجمه "الخليج الجديد".
بورتر أضاف أنه "في نوفمبر/تشرين الثاني، تجمع آلاف السعوديين في شوارع الرياض للاحتفال بانتصار جريء لحاكمهم محمد بن سلمان؛ إذ تم اختيار المملكة، متفوقة على إيطاليا وكوريا الجنوبية، لاستضافة إكسبو 2030، وهو معرض عالمي سيجذب استثمارات بالمليارات وآلاف الزوار إلى الدولة الخليجية".
واعتبر أن "القرار كان بمثابة انقلاب لولي العهد في محاولته إعادة تشكيل الصورة العالمية للسعودية كجزء من مشروع رؤية 2030 المميز، والذي سيشهد ابتعاد المملكة عن اعتمادها على الوقود الأحفوري (النفط والغاز والفحم) لتصبح مركزا عالميا للتكنولوجيا والابتكار".
واستدرك: "لكن قبل ست سنوات فقط، كانت القصة مختلفة تماما (...)، إذ واجه ولي العهد عزلة عالمية في أعقاب القتل الوحشي للمعارض (السعودي) جمال خاشقجي (داخل قنصلية بلاده بإسطنبول في عام 2018) وتقطيع أوصاله، في جريمة قالت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إنها ارتُكبت على الأرجح بأوامره المباشرة".
وفي حملته لانتخابات الرئاسة لعام 2020، قال جو بايدن إنه سيجعل ولي العهد السعودي "منبوذا" بسبب قتل خاشقجي، الذي نفت الرياض مرارا أن يكون قد تم بأمر أو علم محمد بن سلمان.
أسواق النفط
جورجيو كافييرو، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، قال إنه "مع مرور الوقت، أصبح تركيز الناس في الغرب أقل على قضية مقتل خاشقجي، واختاروا التركيز أكثر على كون السعودية لاعبا عالميا مهما يتعين على الدول العمل معه لتعزيز مصالحها الوطنية".
واعتبر جريجوري غوز، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة تكساس، أن "سلطة ولي العهد على أسواق النفط العالمية كانت أساسية لقدرته على تحمل تداعيات مقتل خاشقجي وإعادة بناء سلطته".
غوز أردف أن "مركزية السعودية (أكبر مصدّر للنفط في العالم) في سوق النفط العالمية هي محور النفوذ العالمي السعودي. والحرب (الروسية) في أوكرانيا (منذ فبراير/ شباط 2022)، التي عطلت أسواق الطاقة ودفعت الأسعار إلى الارتفاع في عام 2022، زادت من أهمية الرياض بالنسبة لدول مثل الولايات المتحدة.. وإذا كنت تريد التعامل مع المملكة، فأنت بحاجة إلى التعامل مع ولي العهد".
واستطرد: "في حين أن حرب أوكرانيا هي التي دفعت إدارة بايدن للتعامل مع محمد بن سلمان، فإن معظم الدول الأخرى، وبينها روسيا والصين، كانت تتعامل مع الرياض دون أي مشاكل أو انقطاع".
إسرائيل وإيران
و"لم يستخدم ولي العهد السعودي القوة الاقتصادية للمملكة فحسب، بل استخدم الدبلوماسية الحاذقة لاستعادة النفوذ"، كما زاد بورتر.
وأوضح أنه "في الأشهر الأخيرة، دخلت السعودية في مفاوضات، بوساطة الولايات المتحدة، لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ولو أن المفاوضات توقفت فجأة بسبب الهجمات (...) التي شنتها (حركة) حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول (الماضي)، وما تلاها من قصف إسرائيلي لغزة".
وتابع: "كما انخرطت السعودية في مناقشات بوساطة الصين لتخفيف التوترات مع إيران، عدوها الإقليمي اللدود، والتراجع عن الصراع في اليمن، حيث ينخرط وكلاء السعودية والمدعومين من إيران في حرب وحشية وطويلة الأمد".
وقال جون ألترمان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن العاصمة، إن "السعودية أصبحت لاعبا أكثر أهمية وبناءً في شؤون الشرق الأوسط (...) وساعد ذلك في تحسين مكانة ولي العهد".
ووفقا لغوز، فإنه "عندما يهدأ الصراع بين إسرائيل وحماس، فمن المرجح أن تستأنف السعودية محاولة تطبيع العلاقات مع إسرائيل".
رياضة وسياحة
وقال بورتر إن "عمل ولي العهد لا يقتصر على كسب القادة السياسيين ورجال الأعمال، بل يسعى أيضا إلى إعادة تأهيل صورة السعودية في الغرب على نطاق واسع عبر الاستثمار وتشجيع السياحة".
وزاد بأنه "سعيا لتحقيق ذلك، تعمل السعودية على تحويل نفسها إلى قوة رياضية عالمي عظمى كجزء من ما يسمى باستراتيجية "غسل الرياضة"، في إشار إلى اتهامات تنفي الرياض صحتها بأنها تستخدم الاستثمارات في الرياضة لتحسين صورتها، لاسيما على خلفية انتخاكات لحقوق الإنسان.
ولفت إلى أن "صندوق الثروة السيادية السعودي استثمر المليارات (من الدولارات) في لعبة الجولف واستضافة بطولات الملاكمة للوزن الثقيل وجلب بعض أشهر لاعبي كرة القدم في العالم للمنافسة في الدوري المحلي".
واستدرك: "لكن ما تزال هناك عقبات أمام ولي العهد في سعيه لتعزيز وتوسيع نفوذه العالمي، وليس أقلها تصميمه المستمر على سحق المعارضة، إذ أطلق في الأشهر الأخيرة حملة لمعاقبة منتقدي مشروع مدينة نيوم الضخمة، على خلفية قرار السلطات تهجير السكان الذين يعيشون على الأرض التي ستُبنى عليها المدينة".
لكن "في الوقت الحالي، فإن تصميم ولي العهد على إنجاح خطط رؤية 2030 يحد من قدرته على العدوان المتهور.. ويدرك أن هذا النوع من الإجراءات يقوض احتمالات التنويع الاقتصادي الناجح للاقتصاد السعودي"، وفقا لكافييرو.