كامل جميل - الخليج أونلاين-
يعدّ الاستثمار في الذكاء الصناعي من بين أكثر المجالات جاذبية للاستثمار بالعصر الحالي، لذلك بدأت السعودية بالاستثمار في هذا القطاع ضمن خططها لتنويع اقتصادها وفق "رؤية 2030".
وتشير التوقعات إلى إمكانية تحقيق المملكة عوائد اقتصادية من مشاريع الذكاء الصناعي بنحو 12.4% من ناتجها المحلي الإجمالي، وهو ما يعادل أكثر من 135.2 مليار دولار، وذلك مع موعد استكمال مراحل "رؤية 2030".
وتعمل المملكة حالياً على تأسيس صندوق تبلغ قيمته نحو 40 مليار دولار للاستثمار في الذكاء الصناعي، وذلك ضمن مساعيها لتصبح مركزاً أساسياً للذكاء الصناعي عالمياً، وفق ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
مشروع واعد
وبحسب ما نقلت "نيويورك تايمز" عن 3 "مصادر مطلعة"، الثلاثاء (19 مارس 2024)، فإن محافظ صندوق الاستثمارات العامة ياسر الرميان، بحث خلال الأسابيع الماضية مع شركة "أندريسن هورويتز" (A16Z) الأمريكية المتخصصة في مجال الذكاء الصناعي إطلاق صندوق استثماري بقيمة 40 مليار دولار، في النصف الثاني من العام الحالي.
ووفق الصحيفة، فإن الرميان بحث مع "أندريسن هورويتز" إمكانية فتح الشركة الأمريكية مكتباً لها في العاصمة السعودية الرياض، حيث من المرجح أن يشارك أصحاب رؤوس أموال آخرون في صندوق الذكاء الصناعي.
وتوجد عدة أسباب تجعل الذكاء الصناعي قطاعاً جاذباً للاستثمار، حيث يتوقع مراقبون أن تزدهر هذه الصناعة في السنوات القادمة، حيث يعتمد عديد من القطاعات عليها لتحسين الكفاءة والابتكار.
ومن الأدلة التي تؤكد جدوى الاستثمار بهذه التكنولوجيا دراسة أجرتها شركة "مايكروسوفت" الأمريكية، أظهرت أن كل دولار تستثمره الشركات في تبني حلول الذكاء الصناعي يحقق عائداً مقداره 3.5 دولار في المتوسط.
ووفق ما تشير إليه تقارير متخصصة، يتيح الذكاء الصناعي فرصاً متنوعة في مختلف الصناعات والقطاعات، من ذلك التكنولوجيا، والطب، والتصنيع، والزراعة، والتجارة، وغيرها.
تمهيد الأرضية
وسبق أن أكد محافظ صندوق الاستثمارات العامة السعودي ياسر الرميان، خلال حديثه في قمة "الأولوية" التابعة لمبادرة مستقبل الاستثمار، في فبراير الماضي، أن المملكة "في وضع جيد يؤهلها لأن تكون مركزاً للذكاء الصناعي خارج الولايات المتحدة".
ولفت حينها إلى أن السعودية لديها "الإرادة السياسية لتنفيذ مشاريع ذكاء اصطناعي، ولديها أموال وفيرة يمكنها تخصيصها لتعزيز تطوير التكنولوجيا".
وحققت السعودية، خلال الأعوام الماضية، إنجازات تشير إلى أن مستقبلها في الذكاء الصناعي سيكون واعداً، أبرزها إطلاق الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الصناعي المعروفة باسم "سدايا"، في يناير 2021، التي تعمل على خلق قطاعات اقتصادية متنوعة وتطوير الكوادر الوطنية في مجال البيانات.
وفي أغسطس 2021، أعلنت الرياض استهدافها إنشاء 400 شركة في مجال الذكاء الصناعي، والمساهمة في جلب استثمارات بهذا المجال، خلال السنوات الـ10 القادمة، تقدَّر بـ80 مليار ريال (نحو 21 مليار دولار).
وفي يوليو 2023، قرر مجلس الوزراء السعودي إنشاء المركز الدولي لأبحاث وأخلاقيات الذكاء الصناعي، ومقره الرياض؛ وذلك في ظل تحذيرات دولية من خطر الذكاء الصناعي وتهديده للبشرية بسبب الاستخدامات السلبية وغير الأخلاقية له.
وفي مارس الجاري، أطلقت شركة "أرامكو" السعودية أول نموذج ذكاء اصطناعي توليدي في العالم في القطاع الصناعي.
يضاف إلى هذا أن السعودية حصلت على المركز الأول عالمياً في مؤشر الاستراتيجية الحكومية للذكاء الصناعي الصادر عن شركة "تورتويس إنتليجينس" الدولية، في يوليو الماضي.
خطوة جريئة
يرى المهندس سامر المبيض، مؤسس شركة "فرهات روبوتكس" للروبوتات والذكاء الصناعي، أن تأسيس السعودية صندوقاً خاصاً للاستثمار في الذكاء الصناعي "خطوة جريئة" تعكس التزام السعودية بالاستثمار في المستقبل.
وأوضح في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن "هذا المشروع يأتي في وقت تخضع فيه السعودية لتحول اجتماعي، مدفوعة بمبادرات مثل رؤية 2030، التي تهدف إلى تنويع اقتصادها بعيداً عن الاعتماد على النفط، ونحو نمو قائم على الابتكار".
كما اعتبر أيضاً أن "قرارات الشراكة مع شركة (A16Z) خطوة مهمة عن طموحات السعودية، لتصبح لاعباً عالمياً في مجال التكنولوجيا والابتكار".
ويضيف: "تشير التكهنات أيضاً إلى أن (A16Z) قد تفتح مكتباً في المملكة، وهي خطوة مهمة جداً يمكن أن تُعزز موقع السعودية كمركز ناشئ للتكنولوجيا والاستثمار بالمواهب والشباب المحلي".
كما يلفت إلى أن "هذا التطور لن يوفر فقط لرواد الأعمال المحليين الوصول إلى الخبرات والموارد القيمة، بل سيجذب أيضاً المواهب والاستثمارات الدولية، مع تعزيز نظام ديناميكي مشجع للابتكار".
وبحسب المبيض فإن "في قلب هذه الجهود الطموحة يكمن أيضاً العائد المالي والأرباح، إذ يتوقع أن الذكاء الصناعي سيكون أداة لتحويل كامل للصناعات من الرعاية الصحية إلى الخدمات المالية، وكثير جداً من مجالات المجتمع والحياة".
كما يعتقد المبيض أن الصندوق البالغ قيمته 40 مليار دولار يعدّ "استثماراً استراتيجياً في المستقبل"، ويرى أنه "من خلال دعم الشركات الناشئة والتكنولوجيات الواعدة في مجال الذكاء الصناعي، ستتمكن (A16Z) والمملكة من تحقيق عوائد مالية كبيرة، مما يسهم في نفس الوقت في دفع السعودية نحو هدفها في التنويع الاقتصادي والقيادة التكنولوجية".