تحت عنوان "كيف تؤثر التطورات على علاقات السعودية مع مصر والأردن واليمن؟" كتب مروان المعشّر:
الهبوط الحاد في أسعار النفط في العامين الماضيين، يعني أن السعودية ستُواجِه صعوبة فائقة في ممارسة نفوذها مع دول المنطقة، على غرار مصر والأردن، من خلال المِنَح المالية التقليدية التي تقدّمها إلى هذه البلدان. وفي حين تتخذ القيادة السعودية الجديدة خطوات، مثل خصخصة جزء من شركة النفط "أرامكو"، ورفع أسعار الوقود، وحتى احتمال اقتراض المال، يُتوقَّع أن تُستخدم الإيرادات الإضافية إلى حدٍّ كبير لتعويض عجز ميزانيتها المحلّي، بدلًا من مواصلة المستويات الحالية للتمويل الذي يذهب إلى مصر والأردن.
وأضاف: "من المتوقّع أيضاً أن تحوّل المملكة العربية السعودية معظم المساعدات إلى قروض، بدلاً من كونِها منحاً مباشرة. وعلى سبيل المثال، تركّز الرياض الآن على تقديم الدعم النفطي لمصر، والذي ستُضطر القاهرة إلى تسديده مع الفائدة. وسيكون لذلك تأثيرٌ اقتصادي كبير على هذين البلدين، فمصر والأردن تعانيان اقتصادياً. لكن على الرغم من ذلك، ربما يجبرهما هذا التغيير على سنّ التدابير اللازمة للإصلاح الاقتصادي الذي أحجمتا عن القيام به حتى الآن".
وأردف: "كلّفت الحرب على اليمن السعوديين مايُقدّر بـ5.3 مليارات دولار، وهو رقم مُذهل نظراً إلى المشاكل المالية الحالية في السعودية. وبالتالي من المرجّح أن يضغط السعوديون من أجل التوصّل إلى تسوية سياسية في هذا البلد عاجلاً وليس آجلاً. وثمة بوادر تُشير إلى أن هذا بدأ يحدث بالفعل. والحال أن جزءاً من سعي السعوديين إلى انتهاج سياسة خارجية أكثر هجومية، يستند إلى توقّعهم بأن حلفاءهم التقليديين سيكونون أكثر انسجاماً مع موقفهم.
واستطرد: وهكذا، ثمّة علائم توترات كامنة تحت السطح مع الأردن ومصر، بسبب الخلافات بشأن كيفية التعامل مع الأزمة السورية وإيران وجماعة الإخوان المسلمين. وعلى سبيل المثال، كان المقصود من زيارة الملك سلمان الأخيرة إلى مصر مواءمة موقف القاهرة من الأزمة اليمنية مع موقف الرياض، حيث لم يَفِ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتعهداته بتقديم الدعم العسكري؛ وأيضاً من الأزمة السورية، حيث أثارت علاقات الرئيس المصري القوية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غضب الرياض.
سياسات السعودية تجاه سوريا ولبنان
في سياق تقييمه سياسات المملكة العربية السعودية في مايتعلق بسورية ولبنان، كتب
جوزيف باهوت: كانت رغبة الرياض في دحر النفوذ الإيراني محرِّكاً رئيساً لقرار دعم الانتفاضة السورية ضد نظام بشار الأسد، حتى ولو أدّى ذلك إلى عسكرة هذه الانتفاضة وإلى بروز عددٍ لايُحصى من الجماعات التي تستلهم الأفكار السلفية.
وبما أن الصراع في سورية الآن يُدار بصورة حصرية تقريباً من خلال رغبة روسية- أميركية في دفع العملية السياسية إلى الأمام، فقد تكيّفت السياسة السعودية مع هذا الوضع على مضض. وفي حين لاتزال السعودية تُعرب عن رغبتها في إقصاء الأسد من السلطة، إلا أنها تدعم وتلبي احتياجات وفد المعارضة الذي يتفاوض مع النظام في جنيف. وتأمل الرياض أيضاً أن يحلّ نفوذ موسكو في سورية مع مرور الوقت محلّ نفوذ طهران.
ينطبق المنطق نفسه المُعادي لإيران على توصيف السياسة السعودية تجاه لبنان. فقد دعمت الرياض لفترة طويلة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري وحلفاءه، وشجعتهم على الوقوف بحزمٍ ضد الخصم الإيراني اللدود الذي يمثّله حزب الله، حتى عندما انخرط كلا الفريقين في حكومات وحدة وطنية. ومع ذلك، استمرار عدم وجود حكومة فعّالة في بيروت، وكذلك ماتراه الرياض القوة السياسية المتنامية لحزب الله، شكّلا على مايبدو محرّكاً للتحوّل المفاجئ والمدهش في سياستها. ففي أوائل العام 2016، قطعت السعودية كل المساعدات التي كانت تقدّمها للجيش اللبناني، وهدّدت بشكل مباشر أو غير مباشر بتقليص أشكال الدعم الأخرى للدولة والاقتصاد اللبناني. وما من شكّ في أن هذا التصرف هو سيف ذو حدّين، شأنه في ذلك شأن التدابير الأخرى التي تضعف حلفاء ومصالح السعودية في البلاد.
أزمة تيران وصنافير
تيران وصنافير.. الزاوية الإسرائيلية
تحت عنوان "الزاوية الإسرائيلية لصفقة جزيرتي تيران وصنافير بين مصر والسعودية" كتب سايمون هندرسون في معهد واشنطن: وفقاً لتصريحات تلفزيونية أدلى بها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في 10 أبريل، لم يكن للمملكة أي اتصال مع إسرائيل حول صفقة الجزيرتين المصريتين، لكن السعودية ستحافظ على شروط معاهدة السلام من خلال إبقائهما منزوعتي السلاح. وليس من الواضح ما إذا كانت السفن التي ستبحر من إيلات وإليها سوف تمر عبر المياه الإقليمية السعودية أثناء تنقلها في أقصى غرب المضيق، الذي لا يزيد عرضه عن ثلاثة أميال. ويمكن أن تنشأ تحديات دبلوماسية أخرى إذا سار العمل قدماً في الواقع في اقتراح بناء الجسر. وعادة ما ترفع السفن التجارية الإسرائيلية أعلام بلدان أخرى، لكن احتمال إبحار سفن البحرية الإسرائيلية تحت جسر سعودي مصري قد يؤدي إلى قيام عدم ارتياح كبير في المملكة".
وأضاف: "إن أكبر نقطة ضعف في الصفقة في الوقت الحالي هي المعارضة الداخلية في مصر، حيث أن مركز الرئيس عبد الفتاح السيسي ليس قويا. ويُعتقد أن القاهرة قد تشاورت مع إسرائيل وواشنطن خلال أشهر المفاوضات التي أسفرت عن هذه الإعلانات، كما يبدو أن الحكومة الإسرائيلية لم تُثر أي اعتراض شريطة أن لا تؤثر الصفقة على النقل البحري والملاحة الخاصة بإسرائيل.
وفي حين يؤكد ذلك على ما يبدو العلاقة القوية بين إسرائيل ومصر، والتي تتضمن حالياً وجود تعاون وثيق في مجالات مكافحة الارهاب وتطوير الغاز الطبيعي، فبإمكان هذه الصفقة أن تعكس أيضاً النضج المتنامي في العلاقات المؤقتة بين السعودية والقدس.
ورسميا، ما زالت الرياض تعارض قيام علاقات رسمية مع إسرائيل، ولكن من الواضح أن كلا البلدين يتشاركان وجهات نظر مماثلة حول قضايا رئيسية مثل التهديد الذي تشكله إيران. وتشير آخر التطورات المتعلقة بمضيق تيران إلى أن خططهما ذات المصالح المشتركة آخذة في الاتساع".
مسمار في نعش السيسي
كتبت الخبيرة الأمريكية في شؤون الشرق الأوسط ساره يركس مقالا في بروكنجز بعنوان "هل الخطأ الذي ارتكبه السيسي مؤخرًا سيكون مسمارا في نعشه؟" استهلته بالقول: يواجه السيسي حاليا الاعتراض الأكثر صخبا وغضبا على حكمه منذ توليه السلطة عبر انقلاب عسكري في عام 2013. هذه الاحتجاجات ليست انتفاضة عفوية، بل تم التخطيط لها والإعلان عنها يوم 15 أبريل، عندما خرج آلاف المصريين إلى الشوارع احتجاجا على الحلقة الأحدث في سلسلة من القرارات الجريئة والمثيرة للجدل، التي تعمل ببطء لكن بثبات في تمزيق هيكل الدعم الصلب الذي كان السيسي يحظى به يوما في الخارج والداخل".
وأضافت: قلل السيسي وحكومته مرة أخرى بشكل دراماتيكي من مدى التدمير الذاتي الذي قد يسببه سلوكهم. وكما أشارت تمارا ويتس ببلاغة، تواصل مصر إلقاء العقبات في طريقة التعاون بين الولايات المتحدة ومصر. لكن الأسوأ من التخريب الذاتي لعلاقات مصر الخارجية، هو الضرر الذي يلحقه السيسي بسمعته في الداخل. وقد يتحول قرار نقل ملكية الجزيرتين إلى المملكة إلى المسمار الأخير في نعش السيسي. وبغض النظر عن النتيجة النهائية لأحداث 25 أبريل، يجب أن يلتفت السيسي إلى السخط المتزايد في أوساط الشعب المصري".
وأردفت: "كم كانت رمزية تنظيم المظاهرات في عيد تحرير سيناء قوية. فلطالما كانت التهديدات القومية وقضايا السيادة الوطنية أحد أهم عوامل الغضب المصري، التي سمحت لمنظمي الاحتجاجات بالاستفادة من الغضب والإحباط في أوساط المصريين من مختلف الأطياف السياسية. هذا الغضب الذي أعرب عنه المواطنون في الشوارع، وعلى شبكة الإنترنت، وفي وسائل الإعلام، يجب أن يعتبر جرس إنذار للسيسي، الذي ينزف الدعم".
ولفتت أيضا إلى أن الغضب لم يعد مقتصرا على الإسلاميين أو غيرهم من المعسكر المناهض للسيسي، بل اخترق أحد المعاقل القليلة المتبقية الداعمة للسيسي: المصريون العاديون الذين ليست لهم علاقة بالسياسة في المعتاد، الذين برغم عدم تصديقهم الكثير مما يقال بشأن انتهاكات النظام، إلا أنهم لم يستطيعوا ابتلاع نقل الجزيرتين. كما رصدت لخبيرة شعور المصريين بأن السيسي خدعهم بالتنسيق مع إسرائيل وأمريكا قبل قرار نقل ملكية الجزيرتين، وخسارته خلال الفترة الماضية دعم العديد من الشرائح بدءا من الليبراليين وصولا إلى الأثرياء.
وختمت بالإشارة إلى أن السيسي لا يخسر فقط أنصاره، ولكن أيضا بدأت جعبة أعذاره تنفد. وبدلا من الاعتذار عن أخطائه، دافع عنها، وألقى باللائمة على نظريات المؤامرة. مضيفة: مثل الكثير من أسلافه، لا يفهم أن الشيء الذي يحتمل أن يزعزع استقرار حكومته أكثر ليس المؤامرات الخارجية، ولا حتى خطة داخلية، ولكنه هو.
غياب الحكمة السياسية
ونشر معهد واشنطن مقالا لـ ماجد عاطف بعنوان "السيسي وغياب الحكمة السياسية" خلُصَ إلى أن الطريقة التي أُعلِن بها خبر نقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير، وترتيبات زيارة ملك السعودية لمصر، خلفت غضباً شديداً لدى قطاعات واسعة من المصريين كان بالإمكان تقليله، لو تمت معالجة الأمر بكيفية أفضل من ذلك. ولقد أدت تلك القضية إلى طرح سؤال مهم حول الكيفية التي يتعاطى بها الرئيس المصري مع الملفات الكبرى للدولة المصرية. وتعليقًا على السؤال الساخر: "ها والسيسي ناوي يبيع الهرم ليهم إمتى؟"، قال الكاتب إنه لا يعكس شعوراً بالألم فحسب، بل يلقي ظلالاً حول وطنية الرجل الذي كان في القريب العاجل بطلاً لدى قطاعات واسعة، قبل أن يخلق هذا الإخراج السيئ لتلك القضية انطباعات كارثية بدون مبرر. وختم بالجملة الأكثر أهمية في مقاله: "الإدارة المخابراتية - لا السياسية - لملف تسليم الجزيرتين للسعودية، هي المسؤول الأول عن انفجار الشارع المصري، وهذا النهج بالطبع، يمثل خطراً على "السيسي" نفسه قبل أن يمثل خطراً على النظام ككل".
علاقة إيران وإسرائيل بالاتفاق المصري-السعودي
نشر مركز بيجن-السادات للدراسات الاستراتيجية تحليلا للعقيد (احتياط) الدكتور عيران ليرمان، والبروفيسور جوشوا تيتلبوم، خلُص إلى ما يلي:
- حقيقة كون السعودية تعهدت الآن بالالتزام عمليا بالواجبات المفترضة على مصر بموجب معاهدة السلام مع إسرائيل؛ يعني: أن المملكة، زعيمة العرب، لم تعد تنظر إلى موقع إسرائيل في المنطقة باعتباره شذوذًا يحتاج إلى تصويب.
- علاوة على ذلك، ورغم التبرؤ من أي اتصالات مباشرة حول هذه القضية- وغيرها من القضايا الهامة، على مر السنين- فإن حقيقة كون السعودية تعهدت الآن بالالتزام عمليا بالواجبات المفترضة على مصر بموجب معاهدة السلام مع إسرائيل، يعني: أن المملكة، زعيمة العرب، لم تعد تنظر إلى موقع إسرائيل في المنطقة باعتباره شذوذًا يحتاج إلى تصويب.
- ورغم أن هذا بعيد كل البعد عن تطبيع العلاقات السعودية مع إسرائيل، إلا أنه برغم ذلك بصيصٌ من الضوء، محل ترحيب، يُظهِر فوائد التعاون والتنسيق في المنطقة التي تعاني من العنف.
شؤون خليجية