سايمون هندرسون- معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى
في 7 أيار/مايو، أعلنت المملكة العربية السعودية عن تنفيذ مجموعة من التغييرات [من خلال إصدار قوانين] وردت في ما لا يقل عن واحد وخمسين "أمراً ملكياً". وعلى الرغم من أن هذه الخطط قد صدرت نظرياً من قبل العاهل السعودي الملك سلمان نفسه، يكاد يكون من المؤكد أن ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر ثلاثين عاماً، والذي برز بوصفه الرجل الأكثر نفوذاً في المملكة، قد عرضها على والده المريض لمجرد التوقيع عليها.
وحتى الآن، ركز المراقبون في جميع أنحاء العالم على الإقالة المفاجئة وإن ليست غير المتوقعة لوزير النفط علي النعيمي البالغ من العمر ثمانين عاماً، الذي أعطي وظيفة خالية من أي مضمون وهي مستشاراً في الديوان الملكي. وقد حل محله مخضرم آخر في مجال النفط هو خالد الفالح، الذي أمضى العام الماضي وهو يحاول إعادة النظام إلى وزارة الصحة التي يغلب عليها الفوضى.
والآن، ستبحث الأسواق المالية عن أي تغيير في سياسة النفط السعودية، التي تعرضت لضغط كبير خلال العامين الماضيين مع انهيار الأسعار وتشبث المملكة بحصتها في السوق من أجل تقويض منتجي الصخر الزيتي في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فعلى الرغم من تكبد هؤلاء المنتجين خسائر تجارية، إلا أنهم لم يوقفوا أعمالهم، كما تعافت الأسعار بعض الشيء من أدنى مستوى وصلت إليه والذي ترواح ما بين 20-30 دولار للبرميل الواحد. ومن خلال تعيين فالح وزيراً للطاقة، فبإمكان محمد بن سلمان أن يضع الآن استهداف إيران نصب عينيه، والتقليل من قدرتها على الاستفادة من عائدات النفط الإضافية بعد رفع العقوبات. وكان محمد بن سلمان قد قام بإذلال النعيمي في اجتماع منتجي النفط في قطر الشهر الماضي، من خلال عدم قبول الأمير لاتفاق في اللحظة الاخيرة بشأن تجميد الإنتاج بسبب عدم إخلال إيران فيه.
وسوف تؤثر تغييرات أخرى على عدد من القطاعات المختلفة. فقد تم تغيير اسم وزارة البترول والثروة المعدنية إلى "وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية". وتم تعيين محافظ جديد للبنك المركزي. وتم تعديل اسم وزارة التجارة والصناعة لتصبح الآن "وزارة التجارة والاستثمار"، التي عُيّن فيها وزير جديد، وهو الأمر بالنسبة لوزارات النقل، والحج التي تم تعديل اسمها لتصبح "وزارة الحج والعمرة"، والشؤون الاجتماعية التي تم دمجها مع وزارة العمل لتصبح "وزارة العمل والشؤون الاجتماعية"، والصحة. وتم كذلك إنشاء "هيئة عامة للترفيه" [تختص بكل ما يتعلق بنشاط الترفيه] - وهو احتمال بعيد المنال نظراً لافتقار المملكة لدور السينما والمسارح العامة والظروف المتشددة عموماً.
ومن الواضح أن التغييرات تهدف إلى توفير بنية للأمير محمد بن سلمان في رؤيته الجديدة «السعودية 2030»، وهي خطة اقتصادية كُشف عنها الشهر الماضي وسط جو احتفالي كبير يُبشر بمستقبل للمملكة ما بعد فترة النفط. وتشير التقارير إلى أن الشباب السعودي قد رحب بالخطة، على الرغم من أن المشككين يؤكدون على التحدي المتمثل في تغيير مجتمع محافظ جداً والابتعاد عن الدور المهيمن للنفط، الذي تملك المملكة منه أكثر من ستين عاماً من الاحتياطيات في معدلات الإنتاج الحالية.
وعلى أي حال، إن تأثير الأمير محمد في صنع القرار السعودي هو كبير جداً حالياً الأمر الذي يطرح السؤال عما إذا كان الملك سلمان سيعيّنه رئيساً للوزراء، وهو المنصب الذي يحتفظ به العاهل السعودي حالياً. ومثل هذا الترقية ستؤدي لا محالة تقريباً إلى أن يصبح الأمير محمد بن سلمان الملك القادم، كما ستزيد من تهميش ولي العهد الحالي، الأمير محمد بن نايف، المفضل لدى واشنطن والأكبر سناً من الأمير محمد بن سلمان بستة وعشرين عاماً والأكثر خبرة بكثير في شؤون الحكومة.
وفي المرحلة القادمة، قد يستهدف الأمير محمد بن سلمان في المستقبل القريب الأمير متعب، وزير "الحرس الوطني السعودي" الذي هو أيضاً أحد أبناء الملك الراحل عبد الله وحليف وثيق للأمير محمد بن نايف الذي يواجه مرحلة صعبة. وفي دوره المزدوج كوزير للدفاع، يريد محمد بن سلمان على ما يبدو استيعاب "الحرس الوطني" في وزارته، على الرغم من أن الدور التقليدي لهذا "الحرس" هوحماية أسرة آل سعود من انقلاب عسكري. إن أي تحرك ضد "الحرس الوطني" قد يثير أزمة في صفوف العائلة المالكة الأوسع، والتي على الرغم من احترامها للملك لطالما كانت قد أكدت على بناء توافق في الآراء - وهي ميّزة يفتقر إليها الأمير محمد بن سلمان على ما يبدو. ونظراً للأدوار الرائدة التي تقوم بها السعودية في العوالم الإسلامية والعربية، والطاقة، فستكون لمثل هذه السياسة العنيدة التي يتبعها القصر عواقب دولية كبيرة، فضلاً عن أنها ستقلص إلى حد بعيد من نفوذ الولايات المتحدة في الرياض.