قبل أربع وعشرين ساعة من بدء ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة خرج رئيس الاستخبارات الأميركية جون برينان في حوار هو الأول مع وسيلة إعلام عربية ليقول بأن السعودية أفضل حلفاء بلاده ضد الإرهاب، وأن الرياض لا علاقة لها بأحداث 11 سبتمبر، وأنه يشعر بالقلق من نشاطات إيران الإرهابية.
كانت رسالة واضحة بأن العلاقات بين الرياض وواشنطن في حال جيدة، وأن لدى البلدين الكثير من العمل السياسي والأمني ليُنجز، لاسيما في ملفات المنطقة التي تئن تحت وطأت تفشي الجماعات المتطرفة والميليشيات التي أسهمت الفوضى العارمة في توالدها بشكل خطير مزعزعة بذلك الاستقرار الإقليمي والدولي -على حد سواء-، وقد شعر المتابعون للعلاقات بين البلدين بحالة من التوتر تسود الموقف السياسي بين الرياض وواشنطن، ولم يخف الرئيس أوباما ومن قبله وزير خارجيته جون كيري ما أسمياه "الخلاف التكتيكي" مع الرياض في شأن قضايا المنطقة، لكن كما هو معروف في السياسة يحدث الخلاف حول حل الخلافات فالمصالح والتحديات قد تتسبب في بروز التباينات.
الملفت أن المملكة والولايات المتحدة مع إدراكمها لوجود خلاف لم يجعلا من ذلك عائقاً للتواصل، فقد تكثفت اللقاءات والاتصالات بين الجانبين بشكل واضح، والتي توجت بحضور الرئيس أوباما إلى القمة الخليجية التي عقدت مؤخراً في الرياض، وخرج الجانبان بمفاهيم وصيغ متنوعة ومختلفة للتعاون بين دول مجلس التعاون وحليفهم الأميركي.
وتتطلع الدوائر السياسية في واشنطن لاسيما في مجال الدفاع إلى الزيارة الأولى الرسمية للرجل الثالث في المملكة، والذي يتولى عدداً من الملفات الحيوية والحساسة على رأسها وزارة الدفاع، إذ يعمل الأمير محمد بن سلمان على الارتقاء بالمنظومة الدفاعية وتعزيز الصناعات العسكرية، إضافة إلى تأمين وتدعيم القدرات الدفاعية للجيش السعودي بكافة قطاعاته في مواجهة الأخطار المحدقة بالأمن الإقليمي بشكل عام، وكان الجانب الأميركي قد تعهد في القمة الخليجية - الأميركية التي عقدت في كامب ديفيد والأخيرة التي عقدت في الرياض أبريل الماضي؛ بالإسراع في إمداد الحلفاء الخليجيين بالأسلحة، والتعاون في مجالات مكافحة الإرهاب، والأمن البحري، والأمن الإلكتروني، وتعزيز الدفاع ضد الصواريخ الباليستية التي تواصل إيران اختبارها بشكل استفزازي وفي تحدٍ سافر للأمن والقرارات الدولية.
في الوقت الحالي تعمل الإدارة الأميركية على لملمة أوراقها إيذاناً برحيلها لصالح ساكن جديد في البيت الأبيض، لكن العلاقات بين الرياض وواشنطن لم تكن يوماً رهينة بوجود شخص أو رحيله بقدر ماهي مرتبطة وأكثر تشعباً وعمقاً مما نتوقع، وعلى الرغم من أن الإستراتيجيين الاميركيين يشددون على التفاف سياستهم نحو شرق آسيا إلا أن للشرق الأوسط تأثيراً كبيراً لا يمكن معه الانصراف بالكلية عنه.
أيمن الحماد- الرياض السعودية-