في 13 حزيران/يونيو، وصل الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة في زيارة من المرجح أن تشمل نيويورك والساحل الغربي وكذلك واشنطن. وستكون المحادثات التي من المتوقع أن يجريها مع إدارة الرئيس أوباما والكونغرس الأمريكي عنصراً حاسماً في العلاقات الثنائية. وعلى الرغم من أن ولي ولي العهد البالغ من العمر ثلاثين عاماً يشغل مناصب رسمية مختلفة (النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع، ورئيس "مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية")، إلا أن استحقاقه الأكثر أهمية هو أنه النجل المفضل للعاهل السعودي المريض الملك سلمان البالغ من العمر ثمانين عاماً. لذلك، فهو يمثل مستقبل المملكة العربية السعودية - لا سيما وأنه أطلق مؤخراً "برنامج التحول الوطني 2020" كجزء من مبادرة «رؤية عام 2030»، بهدف توجيه اقتصاد المملكة بعيداً عن الاعتماد المفرط على احتياطيات النفط .
وهذه هي الزيارة الثالثة التي يقوم بها الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن خلال مدة تزيد قليلاً عن عام واحد. ففي أيار/مايو 2015، رافق ابن عمه الأكبر سناً، ولي العهد الأمير محمد بن نايف، للمشاركة في قمة زعماء دول الخليج في كامب ديفيد، عندما حاول الرئيس أوباما تهدئة المخاوف بشأن الاتفاق النووي مع ايران. وفي أيلول/سبتمبر، عاد إلى واشنطن مع والده الذي سمح له بإدارة غالبية المحادثات في الاجتماع الذي عُقد مع الرئيس الأمريكي في المكتب البيضاوي.
بيد، إن الرحلة الفردية التي يقوم بها الأمير بن سلمان هذا الأسبوع سوف تباركه في الواقع كشخصية رئيسية في الاتصال بين الرياض وواشنطن وتهمّش الوريث التقليدي الواضح الأمير محمد بن نايف، الذي كان قد اعتُبر سابقاً من قبل مسؤولين أمريكيين بأنه "أمير مكافحة الإرهاب" و "السعودي المفضل لدى واشنطن". فخلال الزيارتين التي قام بهما الأمير بن نايف إلى البيت الأبيض في كانون الأول/ديسمبر 2014 وأيار/مايو 2015، تم تكريمه من قبل الرئيس الأمريكي وكبار مسؤولي الأمن. إلا أن ذلك الشرف يعود الآن إلى الأمير محمد بن سلمان، الذي سيعقد اجتماعات في البيت الأبيض والكونغرس - من بينها مع مسؤولين ولجان تشرف على قضايا الأمن الداخلي والاستخبارات، والتي عادة ما تُعتبر جزءاً من دائرة نفوذ الأمير محمد بن نايف.
وعلى الرغم من التقارير الأولية التي تصوّر الزيارة الحالية للأمير الأصغر سناً على أنها محاولة لعرض رؤيته إلى الشركات والبنوك الاستثمارية في الولايات المتحدة، عن مبادرة «السعودية 2030»، إلا أن الجزء الأول من الرحلة سيركز على ما يبدو على توفير الدعم السياسي. وقد يكون ذلك أمراً صعباً. ففي الوقت الحالي، هناك شعور بالقلق في دوائر الكونغرس تجاه الرياض مما قد تتضمنه الصفحات الثمانية والعشرين التي استُبعدت من التقرير العلني المتعلق بهجمات 11 ايلول/سبتمبر. ويقال إن الصفحات الناقصة تحتوي على مزيد من التفاصيل حول التدخل السعودي المحتمل في تلك الهجمات، على الرغم من أن رئيس "وكالة المخابرات المركزية" الأمريكية جون برينان كان قد أكد في مقابلة أجراها مع قناة "العربية" في 12 حزيران/يونيو بأنه "ليس هناك أي دليل على أن [المملكة العربية السعودية] دعمت الهجمات ...".
وفي غضون ذلك، توقف البيت الأبيض عن تقديم ذخائر القنابل العنقودية إلى الرياض في الشهر الماضي بسبب المخاوف من تساقط [المزيد] من الضحايا بين المدنيين في اليمن، حيث يكافح التحالف بقيادة السعودية من أجل إعادة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى السلطة، بعد أن كان المتمردون الحوثيون المرتبطون بإيران قد أُجبروه على الفرار من العاصمة في العام الماضي. وفي الاسبوع الماضي، عكس الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قرار إدانة العمليات السعودية في اليمن الذي كانت قد اتخذته إحدى اللجان، بعد أن هددت الرياض بقطع جميع معوناتها المالية لبرامج المساعدات التابع للأمم المتحدة. وقد شكى كي مون من الضغوط "غير المقبولة" التي تمارسها الرياض [على الأمم المتحدة].
وبصرف النظر عن هذه الخلفية الدبلوماسية المشحونة [بمشاعر عدم اليقين]، فإن زيارة الأمير محمد بن سلمان سوف تمنح فرصة للسياسيين والمسؤولين الأمريكيين لتقييم الأمير شخصياً. وعلى الرغم من صغر سنه وعدم خبرته النسبية، إلا أنه يتمتع بسمعة [طيبة كمسؤول] يعمل بجد ويمتلك شخصية قوية. ويعاني بن سلمان أيضاً من قصة تتتبعه منذ أيامه كرجل أعمال، حيث يبدو أنه كان قد هَدّد قاض سعودي بإطلاق رصاصة عليه لرفضه التوقيع على إحدى معاملاته التجارية. بالإضافة إلى ذلك، ففي الوقت الذي يصوّره المسؤولون السعوديون بأنه يتمتع بعلاقة عمل جيدة مع الأمير محمد بن نايف، إلا أن ذلك يٌعتبر على نطاق واسع شئ غير صحيح، ويُقال أن بعض أعمامه الأصغر سناً، والعديد من أبناء أعمامه من آل سعود [يتتبعون سياسته] بانتظار فشله. لذلك ينبغي أن يُنظر إلى زيارة الأمير محمد بن سلمان هذا الأسبوع بأنه يريد التأكد من عدم إمكانية عكس مسار تقدمه.
سايمون هندرسون- معهد واشنطن-