قال تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن الرد الأمريكي على استراتيجية «الهجوم الساحر» التي يتبعها الأمير «محمد بن سلمان» لتسويق خطته الإصلاحية الاقتصادية خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، يقوم على محورين. أولهما هو التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي، والثاني هو دعم الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وذلك كمقابل لزيادة الاستثمارات الأمريكية في المملكة.
وقال «بريان كاتوليس» الباحث في «مركز التقدم الأمريكي»، في تقريره بالصحيفة أنه رغم الخلافات التي تصاعدت مؤخرا بين السعودية والولايات المتحدة، فإن هناك فرصة لعودة التعاون الوثيق، حيث تريد واشنطن شركاء موثوق بهم في منطقة الشرق الأوسط يساعدون في جلب الاستقرار والازدهار.
ووصف الكاتب زيارات الوفد السعودي إلي واشنطن ونيويورك وكاليفورنيا المتتابعة، بأنها «جزء من خطة هجوم ساحر سعودية على الولايات المتحدة للترويج لخطة الإصلاح الاقتصادي الطموح التي يقودها الأمير محمد بن سلمان، ضمن خطة للإصلاحات الاقتصادية، لخفض الاعتماد على النفط في النفقات، واتباع موقف أكثر حزما على مستوي الأمن الإقليمي».
وقال إنه عندما التقي كبار المسؤولين السعوديين في الرياض قبل بضعة أشهر، ومنهم نجل الملك وولي ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»، فقد سمع أفكارا حول فرص الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لبناء أسس جديدة لعلاقاتهما قائمة على مواجهة التطرف والنمو الاقتصادي الشامل الذي ينتج فرص عمل في كلا البلدين.
وشدد على أن ما يثير الشكوك الأمريكية في الموقف السعودي ويضعف العلاقات الثنائية هو تشكيك البعض في الولايات المتحدة في النوايا السعودية بشأن مكافحة الإرهاب. وأن مزاعم تورط سعوديين في هجمات 11/9 والتمويل السعودي للمتطرفين في كوسوفو وبنغلاديش والمعارضة السعودية لاتفاق نووي إيران والنقد الصريح لسياسة إدارة «أوباما» سوريا، إضافة إلى انعدام الثقة، وانتقاد سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان والحرية الدينية، كلها أمور قد غذت من هذه الشكوك.
مواجهة التطرف ودعم الأمن الإقليمي
يرى الكاتب أن المفتاح الأول لأي تقدم في العلاقات الأمريكية السعودية هو مواجهة الطرفين للتطرف ودعم الأمن الإقليمي، مشيرا لإجرائه حوارات مع لقادة السعوديين، أكدوا فيها أن «أهدافهم الرئيسية في المنطقة تتمثل في تعزيز نظام الدولة القومية ومواجهة القوى التي تعمل على تقويض الحكومات (مثل ما يحدث في اليمن)». ولكنه أشار لتشكيك بعض المسؤولين الأمريكيين فيما إذا كان العمل العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن يمكن أن ينجح في تعبيد الطريق إلى تسوية سلمية في النهاية.
ويشير الكاتب إلى أن وجود استراتيجية مشتركة لهزيمة «الدولة الإسلامية» وغيرها من الجماعات المتطرفة هو «أمر ضروري»، لافتا إلى وجود حاجة ملحة لمناقشات يقوم بها المسؤولون الأمريكيون مع السعودية بوضوح بخصوص قضية دعم الحرب ضد التنظيم وبذل جهود لمواجهة الفكر المتطرف.
ويقول الكاتب إن حكام السعودية الذين جاءوا بعد وفاة الملك «عبد الله» في يناير/كانون الثاني 2015 قاموا بخطوات كبيرة لإحباط «العناصر الأكثر رجعية في المؤسسة الدينية في المملكة»، ولكنهم مطالبون بالمزيد، وأن المسؤولين الأمريكيين سيناقشون مع السعوديين مسألة احترام الحريات الأساسية.
ويشدد على أنه دون تحقيق تقدم على هذه الجبهة (حقوق الإنسان)، فإن إقامة علاقات استراتيجية سيكون صعبا، وتوسيع التعاون بين الولايات المتحدة والسعودية في مجالات الطاقة والدفاع، والاستخبارات سيكون أمرا حرجا.
وتصف الصحيفة «رؤية 2030» السعودية بأنها أجندة اقتصادية جريئة، إذا نفذت بشكل كامل، فإنه يمكنها إعادة كتابة العقد الاجتماعي في البلاد وفتح الباب لمزيد من التجارة الثنائية والاستثمار الأجنبي المباشر في مجال التكنولوجيا، والرعاية الصحية، والبناء، وخلق الملايين من فرص العمل في كلا البلدين.
واشنطن لا تزال شريكا
ويشير تقرير «وول ستريت» إلى أنه رغم تعرض العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية لاختبارات عديدة من قبل مثل هجمات 11/9، والحرب في العراق، وانتفاضات الربيع العربي، والاتفاق النووي الإيراني، وتشكيك كلا البلدين في قيمة العلاقات الثنائية، إلا أن الجيل الجديد من القادة السعوديين لا يزال يدرك أن الولايات المتحدة لا تزال شريكا استراتيجيا، وأن روسيا والصين والهند ليس لديهم ما تقدمه واشنطن.
ومع إشارة الكاتب لنوايا أمريكية لإعطاء أولوية لهذه الشراكة للسعودية في مواجهة الفوضى الإقليمية، للوصول إلي توفير الأمن والاستقرار والتقدم الاقتصادي للحفاظ على الاستقرار، إلا أنه يري أن «هذه الزيارة السعودية لم تسد كل الثغرات والفجوات في العلاقة مع الولايات المتحدة، ولكنه سوف تفتح حوارا يساعد في تحقيق النتائج مستقبلا».
صحيفة «وول ستريت جورنال»-