على مدى العقد الماضي، سحبت البحرين الجنسية من 27 مواطنًا على خلفية أسباب تتعلق بالأمن القومي. وتعادل نسبة المواطنين الأصليين في البحرين 1 بالمائة من عدد السّكان البريطانيين، لكن، منذ العام 2014، سحبت المملكة البحرينية الجنسية من أكثر من 300 مواطن على خلفية أسباب يُفتَرَض أنّها مماثلة. وآخرُ الذين سُحِبت جنسيتهم آية الله الشّيخ عيسى قاسم، الذي يُنظَر إليه على أنّه الزّعيم الرّوحي للغالبية الشّيعية في البلاد. في 20 يونيو/حزيران، قالت الحكومة التي يقودها السّنة أنّه كان يُرَوّج للتّطرف والطّائفية. وقد كان أيضًا ناقدًا صريحًا للنّظام الذي يزداد قسوة.
وهذا مجرد مثال أخير على حملة القمع ضد المعارضة السّلمية. في 14 يونيو/حزيران، حظرت السّلطات الجمعية الأكبر في المعارضة، الوفاق، وكانت قد زادت فترة السّجن بحق زعيمها الشّيخ علي سلمان، من أربع إلى تسع سنوات. وقبل يوم، كانت قد اعتقلت نبيل رجب، وهو ناشط من أجل حقوق الإنسان. كما كانت معارِضة بارزة أخرى، زينب الخواجة، قد غادرت البلاد في أوائل يونيو/حزيران بعد إبلاغها بأنّه سيتم اعتقالها من جديد.
الحكومة، التي تهيمن عليها الأسرة الحاكمة، تدّعي أن المعارضة تزرع الفتنة. لكن النّشطاء يلقون اللّوم على السّلطات نفسها. خلال الرّبيع العربي في العام 2011، نزلت نسبة كبيرة من الشّعب البحريني إلى الشّارع للمطالبة بإصلاحات سياسية واسعة النّطاق. وردّ النّظام، المدعوم من السّعودية والإمارات العربية المتحدة، وهما مملكتان يتزعمهما السّنة، أيضًا بعنف. ووسط الدّعوات إلى الإطاحة به، أنشأ الملك حمد بن عيسى آل خليفة لجنة وثّقت انتهاكات حقوق الإنسان. حتى أنّه أجرى بعض التّغييرات، بمساعدة البريطانيين، مثل إنشاء مفتشية للسّجون. ومع ذلك، يستمر القمع.
الاحتجاجات الآن محظورة في المنامة، عاصمة البحرين، في حين سهّلت قوانين جديدة احتجاز جنسية المنتقدين وسحب جنسياتهم.
السّيدة الخواجة تقول إنّها اعتُقِلت 11 مرة، إحداها على خلفية تمزيق صورة الملك. والدها، عبد الهادي الخواجة، وهو ناشط من أجل حقوق الإنسان، اعتُقِل في العام 2011 وحُكِم عليه بالسّجن مدى الحياة، على خلفية التآمر ضد الدّولة (أي المطالبة بالدّيمقراطية). وقد كتب العام الماضي أن "المبنى رقم 10 في سجن جو أصبح معروفًا بمبنى التّعذيب، وقد كنت أسمع بنفسي أصوات الضّحايا".
منتقدو الحكومة يُتَّهمون غالبًا بخدمة "مصالح أجنبية". والمقصود بهذا عادة إيران، التي يقول مسؤولون إنّها حرّضت على الانتفاضة في العام 2011. وقد تم كشف زيف الاتهام، غير أنّه يحظى بالدّعم في المنطقة. آية الله قاسم وجمعية الوفاق متهمون بامتلاك علاقات مع قوى أجنبية. الوفاق، ذات الغالبية الشّيعية، التي تسعى إلى مملكة دستورية، أغضبت النّظام بمقاطعتها الانتخابات العامة في العام 2014.
دفعت البحرين ملايين الدّولارات لشركات العلاقات العامة الغربية لتبييض صورتها بعد العام 2011. والآن يبدو أنّها تزدري الرّأي الأجنبي. وبعد منع السّلطات لأعضاء في المعارضة من حضور اجتماع في الأمم المتحدة هذا الشّهر، قال المفوض السّامي من أجل حقوق الإنسان [في الأمم المتحدة] إنّ "القمع لن يمحو مظالم النّاس، بل سيزيدها". وردّ وزير الخارجية البحريني على تويتر بأنّه "لن نضيع وقتنا بالاستماع لكلمات مفوض سام لا حول له و لا قوة".
خوان مانديز، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بشؤون التّعذيب، قال إنّ البحرين تعتبر نفسها مُحَصّنة من الرّقابة، نظرًا لعلاقاتها مع بريطانيا، التي تبني قاعدة بحرية في المملكة، وأمريكا، التي تُبقي أسطولها الخامس هناك. العام الماضي، رفعت الولايات المتحدة حظرًا، كانت قد فرضته في العام 2011، عن مبيعات الأسلحة إلى البحرين، مدعية وجود تقدم في مجال حقوق الإنسان. لكنّها على الأقل دانت إجراء القمع الأخير، في حين أن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، عند زيارته المملكة الشّهر الماضي، كتب مشيدًا بـ "التزامها بمواصلة الإصلاحات".
الولايات المتحدة وبريطانيا تريان في البحرين حليفًا ثابتًا في محيط صعب. لكن استقرار المملكة قد يكون وهميًا. لقد أثارت تصرفات الدّولة المعارضة، وخصوصًا الشّيعة، الذين اشتكوا دائمًا من التّمييز. وبتركهم من دون أيّ خيار آخر، قد يتحوّل البعض إلى العنف، أو يلجأون إلى إيران طلبًا للمساعدة. وبذلك، قد تكون البحرين وضعت نفسها في موقف لطالما ادعت أنّها تتجنّبه.
ذا إيكونوميست- ترجمة مرآة البحرين-