(ترجمة منال حميد - الخليج أونلاين)
نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن صديق مقرب من الكاتب السعودي جمال خاشقجي، أنه كان يخشى أن يتعرض للاعتقال في حال دخل إلى القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية لاستخراج بعض الأوراق الخاصة به.
وكانت تقارير إعلامية أفادت بأن خاشقجي قد اعتُقل في أثناء توجُّهه إلى القنصلية السعودية في إسطنبول لاستخراج بعض الأوراق الرسمية، وانقطعت أخباره منذ دخوله إلى المبنى، في وقت كانت خطيبته التركية وصديقه ينتظران في الخارج.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن خاشقجي دخل القنصلية في تمام الساعة الواحدة والنصف ظهراً؛ للحصول على وثيقة يحتاجها لإتمام إجراءات زواجه، بحسب ما قاله صديقه التركي توران كشلاكجي، وتابع أنه وبعد انقضاء خمس ساعات من دخوله إلى مبنى القنصلية لم يخرج.
وفي مقابلة هاتفية مع خطيبته خديجة جنجيز، قالت إنه ليس لديها أي معلومات، مبديةً قلقها عليه.
وكان خاشقجي قد أعرب لصديق مقرب منه عن خشيته من تعرضه للاعتقال في حال راجع القنصلية السعودية. وبحسب صديقه، فإنه قال له يوم الاثنين إنه يمكن اعتقاله وأخذه إلى السعودية إذا ذهب للقنصلية.
ويأتي اعتقال خاشقجي في أعقاب موجة اعتقالات بالداخل السعودي شملت علماء دين ومثقفين ونشطاء ورجال أعمال سعوديين خلال العام الماضي، حيث سعى ولي العهد، محمد بن سلمان، لتثبيت أركان حكمه وتعزيز سلطته وقمع أي معارضة.
وفي حين اعتُقل معظم هؤلاء داخل السعودية، فإن هناك من جُلب من الخارج بالتعاون مع أنظمة عربية صديقة للمملكة، حيث أُعيدوا قسراً إلى بلادهم ويُحتجزون هناك دون اتهامات قانونية واضحة، ومنهم لُجين الهذلول الناشطة البارزة في مجال حقوق المرأة والتي اعتُقلت بالإمارات رُحِّلت إلى الرياض وأُودعت السجن.
ورفضت الحكومة التركية التعليق على الأنباء التي تحدثت عن اعتقال خاشقجي، لكن منذ أن أُبلغت السلطات بالحادث وهي تتابع القضية.
وتقول "نيويورك تايمز"، إنها تمكنت من الاتصال بأحد موظفي القنصلية السعودية بإسطنبول في وقت متأخر من ليلة أمس، وأبلغها أن الدوام قد انتهى.
وفيما يتعلق باعتقال خاشقجي، قال الموظف بالسفارة السعودية: "لقد سمعنا الشيء نفسه، لكننا لا نعرف".
من جهتها، رفضت السفارة السعودية في واشنطن التعليق على اختفاء خاشقجي.
وتقول صحيفة "الواشنطن بوست" الأمريكية: إن "خاشقجي واحد من أبرز الصحفيين السعوديين، وعندما كان شاباً أجرى مقابلة مع زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، في أفغانستان، كما شارك بتغطية فعاليات لملوك السعودية المتعاقبين، وكان يُنظر إليه على أنه مقرب من الحكومة السعودية، فكان يُعتمد عليه في الدفاع عن سياسات الرياض، وعمل مستشاراً غير رسمي لكبار المسؤولين السعوديين".
لكن ومع موجة الاعتقالات التي عاشتها السعودية العام الماضي، اضطر خاشقجي إلى المغادرة، وكان يقضي أيامه متنقلاً بين واشنطن وإسطنبول ولندن، وانتقد الحكم المتسلط لولي العهد، وكتب كثيراً من تلك المقالات الناقدة في صحيفة "الواشنطن بوست".
هذه المقالات حوَّلته إلى "منبوذ" بالنسبة للسلطات السعودية، وخاصة حاشية بن سلمان، حيث اتهمته بتلقي أموال من حكومات أجنبية لتشويه سمعة المملكة.
وطلبت زوجة خاشقجي، التي اضطرت إللبقاء في السعودية، الانفصال، وهو ما تحقق فيما بعد؛ ما دفعه للبحث عن زوجة أخرى، وكان من المقرر أن يتزوج بسيدة تركية تعرَّف إليها في إسطنبول، وهو سبب ذهابه إلى القنصلية السعودية لاستخراج بعض الأوراق الرسمية.
حيث تقول مصادر مقربة منه، إنه ذهب صباحاً غير أن القنصلية السعودية طلبت منه العودة في الساعة الواحدة والنصف، وعندما عاد للحصول على الوثيقة، دخل ولم يخرج.
وجه آخر لنفاق بن سلمان
من جهتها، قالت صحيفة "الواشنطن بوست" التي يكتب فيها خاشقجي مقالات رأي، مقالاً باللغة العربية، قالت فيه إن خاشقجي -أحد الكُتاب في الصحيفة- قد تعرض للاعتقال داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.
وقالت الصحيفة: "على مدار العام الماضي، زعمت السلطات السعودية، بقيادة بن سلمان، أنها تنهض بعملية إصلاح في المملكة ستنقلها أخيراً إلى الحداثة، بحسب تعبيرهم، إلا أن التطورات المقلقة من مجتمع النشطاء داخل البلاد تحكي قصة مختلفة إلى حد كبير".
وتابعت: "إن الذين يضغطون من أجل التغيير –سواء كانوا ناشطين في مجال حقوق المرأة أو صحفيين أو أقليات عرقية– يبلّغون عن تعرضهم لمضايقات ممنهجة من قِبل السلطات".
وبيَّنت "الواشنطن بوست" أنه مع كل إصلاحٍ مفترضٍ، تأتي موجة من الاعتقالات الجديدة والأحكام بالسجن، والسلوك القمعي على نحو متزايد.
وتابعت أن خاشقجي قدَّم لقرّاء الصحيفة "تعليقات ثاقبة ونقداً حاداً بشأن الدولة، التي يبدو أنها غير قابلة للاختراق"، وأضافت: "بدأ في الكتابة لنا العام الماضي، وأصبح منذ ذلك الحين واحداً من أكبر المساهمين المستمرين في قسم الآراء العالمية".
وأضافت: "خلال الأشهر الأخيرة، ترجمنا مقالاته إلى اللغة العربية من أجل الوصول إلى جمهوره الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي".
وأكدت الصحيفة أن خاشقجي ورغم انتقاده بلده الأم، فإنه عبّر عن حبه ورغبته في العودة، وكان دائم التعبير عن اعتقاده أن السعودية يمكن أن تكون أفضل، وأنها ستكون كذلك.
وختمت الصحيفة بالقول: "عندما زار ولي العهد مجلس تحرير صحيفة واشنطن بوست في شهر مارس الماضي، لم يكن جمال موجوداً... كان بن سلمان يعمل بجد لإقناعنا بإصلاحاته المقترحة. إن اعتقال صحفي ومعلق معروف، في بلد أجنبي وبلا سبب وجيه، سيكون بمثابة تذكير آخر بالنفاق وفراغ الوعود بتحقيق انفتاح المجتمع السعودي".