طه العاني - الخليج أونلاين-
شهدت الحكومة السعودية تغييرات جذرية في التشكيلة الوزارية الجديدة، برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بعد أن كان نائباً لرئيس الوزراء، في استثناء للنظام الذي ينص على أن الملك هو من يشغل هذا المنصب
وبموجب هذه التغييرات، التي أعلن عنها في 27 سبتمبر الجاري، أصبح الأمير خالد بن سلمان بن عبد العزيز، نجل الملك، وزيراً للدفاع خلفاً لأخيه ولي العهد، الذي حمل حقيبة الوزارة منذ بداية العام 2014.
وفي أول تعليق له عقب صدور أمر التعيين، قال الأمير خالد: "يشرفني أن أرفع لمقام مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- بالغ الشكر والتقدير على الثقة الكريمة بتعييني وزيراً للدفاع، وأسأل الله التوفيق والسداد لخدمة ديني وقيادتي ووطني..".
وأضاف في تغريدة له على موقع "تويتر": "لقد حظيت وزارة الدفاع منذ تولي سمو سيدي ولي العهد قيادتها، باهتمام كبير ومتابعة مباشرة من سموه الكريم، أثمرت بإطلاقه -حفظه الله- برنامج تطوير وزارة الدفاع، الذي يعكس إيمان سموه بأهمية تطوير قدرات الوزارة، ومواكبة التطور العسكري وفق أعلى المعايير، والارتقاء بها إلى أعلى المستويات..".
واسترسل بالقول: "سنمضي بمشيئة الله على نهج سمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظه الله- ومساره الذي رسمه لوزارة الدفاع، لتصبح الوزارة مؤسسة حديثة تمتلك قوات عسكرية محترفة، تحمي أمن الوطن وتذود عن مصالحه".
مسيرته التعليمية
ولد الأمير خالد في الرياض عام 1988، ليصبح الابن التاسع للملك سلمان، ثم تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي في مدارس العاصمة السعودية. وفي عام 2012 تزوج ابنة الأمير محمد بن مشعل بن عبد العزيز.
وتشير وكالة الأنباء السعودية في تقرير سابق، إلى أن الأمير خالد حصل على شهادة البكالوريوس في علوم الطيران من كلية الملك فيصل الجوية، وواصل تعليمه في الولايات المتحدة لينال من جامعة هارفارد شهادة (كبار التنفيذيين في الأمن الوطني والدولي)، كما درس الحرب الإلكترونية المتقدمة في باريس.
وبدأ العمل على دراساته العليا في جامعة جورجتاون للحصول على درجة الماجستير في الآداب في تخصص الدراسات الأمنية، ولكن تم تعليق دراسته؛ نظراً إلى مهام عملية مختلفة، وذلك قبل تعيينه سفيراً للمملكة العربية السعودية لدى الولايات المتحدة.
وبعد تخرجه في كلية الملك فيصل الجوية، انخرط في صفوف القوات الجوية الملكية السعودية، لتبدأ مسيرته المهنية في الطيران على طائرتي "تيكسان6" و "تي-38" بقاعدة كولومبوس الجوية في ميسيسبي.
ثم بدأ بعد ذلك برنامج طيران على طائرة "إف-15 إس"، وعُين ضابط استخباراتٍ تكتيكياً، إلى جانب مهنته كطيار في السرب الثاني والتسعين التابع للجناح الثالث في قاعدة الملك عبد العزيز في الظهران.
الطيار "الجريء"
وتدرب الأمير خالد بشكلٍ مكثف مع الجيش الأمريكي في كل من الولايات المتحدة والسعودية، وقد حلّق طياراً مقاتلاً بإجمالي يقارب 1000 ساعة طيران، لكن إصابة في ظهره أجبرته على التوقف عن الطيران، فعمل ضابطاً في مكتب وزير الدفاع.
وتفيد صحيفة "القبس" الكويتية في تقرير سابق، بأنه عندما تولى والده ولاية العهد في يونيو 2012، لم يضعه في تصنيف مختلف عن مجموعته، بل واصل مهامه القتالية إلى جانب الطيارين السعوديين.
وسبق أن كشفت تقارير- لم تنفها السعودية- أنه شارك في أول ضربة جوية نفّذتها المملكة ضد "داعش" في 23 سبتمبر 2014 داخل الأراضي السورية.
وبعد تولي والده الحكم في 23 يناير 2015، كان الأمير خالد من أوائل من شاركوا في الضربات الجوية ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، ونتيجة تلك المشاركات لقبه الإعلام السعودي بـ"الأمير الجريء".
كما ظهرت العلاقة القوية التي تربطه بشقيقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في الصورة الشهيرة التي تم تداولها بعد انطلاق عملية "عاصفة الحزم" في مارس 2015، وظهر في الصورة الأمير خالد، وهو يرتدي زيه العسكري الخاص بالقوات الجوية، بينما يقبل يد شقيقه الأمير محمد.
ونظراً إلى مشاركته الفاعلة في سلاح الجو السعودي، تم تكريم الأمير خالد، حيث حاز نوط درع الجنوب، ونوط المعركة، ونوط الإتقان، ونوط سيف عبد الله.
تطوير شامل للوزارة
ويرى الكاتب والصحفي بدر العتيبي، أن وزارة الدفاع السعودية حظيت باهتمام ومتابعة كبيرين من قبل الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، طوال فترة توليه قيادة الوزارة منذ يناير 2015 إلى الـ27 من سبتمبر الجاري، وكانت هناك استراتيجية تطوير واضحة في إطار رؤية المملكة 2030، تؤسس لمشروع عسكري يعظم مكانة المملكة إقليمياً ودولياً ويحمي حدودها.
ويسترسل العتيبي في حديثه مع "الخليج أونلاين" بأن "الأمير خالد "يستكمل إنجاز هذه المهمة الوطنية العظيمة، ولا شك في أنه الأجدر، فهو طيار مقاتل وشغل منصب نائب وزير الدفاع تحت قيادة ولي العهد، كما أكد الأمير خالد أنهم في وزارة الدفاع سيسيرون على نهج ولي العهد، ومساره الذي رسمه لها، ولذا فإن أبرز دلالات تعيين سموه في هذا المنصب هي استكمال هذا المشروع العسكري، فضلاً عن أنه يعكس الاستقرار السياسي للبلاد".
ويشير إلى وجود برنامج لتطوير شامل لوزارة الدفاع يتضمن إطلاق استراتيجية جديدة للدفاع الوطني؛ بما يعزز الاستجابة للتهديدات المتغيرة والمتسارعة، ويضمن حماية مصالح المملكة وأمنها، وكذلك إنشاء مركز حرب جوي في المنطقة الشرقية والذي أعلن عنه في عام 2019، ليكون مماثلاً لما هو موجود في قاعدة "نيليس" الجوية بولاية نيفادا الأمريكية، أيضاً هناك مهمة أخرى ضمن هذا البرنامج هي تحديث القوات المسلحة قدراتها العسكرية بمنظومات تسليح نوعية ذات تقنية عالية.
ويبين أنّ تعامل وزير الدفاع مع هذه الملفات "ينطلق من المكانة الإقليمية والدولية للمملكة، التي تتطلب زيادة تسليح الجيش وتنويع مصادره، في ظل التطورات والتهديدات الإقليمية التي تواجه المنطقة، وهو ما تعمل عليه وزارة الدفاع بالفعل، وقد انعكس هذا على ارتفاع تصنيف السعودية بين أقوى الجيوش إقليمياً وعالمياً، ولكن هذا ليس نهاية المطاف، ولذا فإن الأمير خالد سيسعى لمزيد من تعزيز القدرات الدفاعية والعسكرية للمملكة محلياً، وزيادة الاستثمار في التصنيع المحلي للأسلحة، وهي مهمة وطنية كبيرة، هو قادر على تحقيقها".
مهام متعددة
وفي خطوة تعكس الثقة بقدراته تم تعيين الأمير خالد سفيراً للرياض في واشنطن عام 2017، وتعد هذه هي المرة الأولى في تاريخ المملكة التي يصدر فيها ملك سعودي أمراً بتولية أحد أبنائه هذا المنصب، بعد أن كان مستشاراً في سفارة المملكة.
وقدم أوراق اعتماده إلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وتقلد منصبه رسمياً في 21 يوليو 2017، ليصبح السفير السعودي العاشر لدى الولايات المتحدة منذ عام 1945.
وفي 2019، عاد الأمير خالد إلى المملكة بعد تكليفه بمنصب نائب وزير الدفاع، حيث سبق أن عمل مستشاراً مدنياً رفيع المستوى في الوزارة.
وتلفت وكالة الأنباء السعودية إلى أنَّ ولي العهد كلفه بملفات ومسؤوليات عدة، وكان ملاصقاً له منذ فترة طويلة، واستطاع خلالها أن يستوعب رؤية ولي العهد لتطوير وزارة الدفاع لتكون في مصاف الدول المتقدمة عسكرياً.