يعرف جيداً المتابعون للسياسة السعودية، وتحديداً من المراقبين والساسة الغربيين، أن طريقة الحكومة في التعاطي مع القضايا واضحة، بغض النظر عما إذا كانوا يتفقون معها أو لا، وهو طبيعي ما دامت المنطلقات تختلف أحياناً، وتدرك جيداً في الوقت نفسه مدى حدة هذه الحكومة إيجاباً في الاتفاق على المسلمات العالمية، كإرساء السلام، ومحاربة الإرهاب، وغيرها.
ليس لدى الرياض ما تخفيه، وحتى لو أرادت لا يمكن ذلك، فكل شيء يبدو واضحاً، من خلال العناصر الاستخباراتية، أو حتى السياسية، لذلك يفترض ألا نقف عند قرار مجلس النواب الأميركي للتشريع الأخير كثيراً، والذي يسمح لأسر ضحايا هجوم 11 سبتمبر بمقاضاة الحكومة السعودية على الأضرار التي لحقت بهم، على الرغم من احتمال أن يعترض البيت الأبيض على ذلك القرار.
كما لا يجب أن نستعرض حجم معاناة السعودية من الإرهاب، وكيفية محاربته، وكمية الخسائر البشرية والمادية والمعنوية، من مواطنين وغيرهم.. ولأنه لا ملة للإرهاب، فليس من المنطقي أن تسقط أفعال المختلين عقلياً، ونفسياً، وعقدياً على حكوماتهم، أو حتى أسرهم على أقل تقدير، ولا يمكن لأي عاقل أن يقول بذلك، هذا إذا ما افترضنا أن جنسيات إرهابي 11 سبتمبر هي المنطلق!.
هم يعرفون ذلك، وقد تحدث سابقاً مصدر بالاستخبارات الأميركية للزميلة "الشرق الأوسط"، قائلاً: "إن الاتهامات التي صدرت بحق المملكة ليست بجديدة ولكن جرى دحضها، ببيانات رسمية مستمرة، من الرئيس السابق جورج بوش، ومسؤولين كبار في الإدارة الأميركية، خصوصاً أن أولئك كان لهم معرفة بالحقائق، وأشادوا بالمملكة العربية السعودية كحليف نشط، وقوي، في الحرب ضد الإرهاب".
أما قانونياً، وهو ما يجب أن نتذكره، وبعد ابتزاز دام سنوات، إن مسؤولي المخابرات الأميركية انتهوا من فحص 28 ورقة سرية من التقرير الرسمي الخاص بهجمات 11 سبتمبر، على الولايات المتحدة، وإنها لا تظهر أي دليل على تلك الاتهامات ضد الرياض.. خاصة أن هذه الصفحات، أو ما يمكن أن يسمى بالورقة الأخيرة، لا تحتوي على أي دليل جديد على أن السعودية لعبت دوراً في هجمات 11 سبتمبر 2001، بحسب متحدث البيت الأبيض.
ما يحتم العمل عليه الآن، وبشكل دقيق وعميق، هو إعادة تقييم العلاقة السعودية - الأميركية، وهل لا زالت واشنطن تصنف كحليف قريب، وتحديداً بعد الاتفاق الإيراني الشهير؟! هذا هو السؤال.. لأن لعبة سبتمبر لم تعد مسلية أكثر.. والسلام.
أمجد المنيف- الرياض السعودية-