الذي نريد أن نعرفه من أصدقائنا في واشنطن، هل كانوا لا يعرفون أن السعودية دولة وهابية عندما التقى الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت 1945؟، أم كانوا لا يعلمون بديانة صديقتهم عندما بدأت الشراكة البترولية في الثلاثينيات؟، وهل عندما جاءوا لمساعدة المملكة في صد العدوان العراقي عنها في التسعينيات كانت المملكة بلا دين؟، الهجوم السياسي على سلفية هذه البلاد في هذا التوقيت الذي يشهد حرباً دولية على الإرهاب لا يفسر إلا بأن الدول العظمى اتفقت على أن الإسلام عدو حضاري حان الوقت للخلاص منه، وبمعنى آخر يمكن تفسير الحملة ضد المملكة بالتطبيق العملي لنظرية صراع الحضارات التي ابتدعها المفكر الأميركي صموئيل هنتجتون.
وعلينا أن لا نتنازل عن قناعة أن كل ما يصدر من واشنطن اليوم من قوانين ضدنا هي داخل دائرة الصراع الحضاري بين الإسلام والغرب، فإن حصر القضية بين المملكة والكونجرس الأميركي أو وسائل الإعلام في واشنطن فقط سيقدمنا للطرف الآخر كعصاة يجب معاقبتهم، فعلينا هنا في المملكة أن نتعامل مع قضية اتهامنا بالإرهاب وقضية إصدار قانون من الكونجرس يسمح لأسر ضحايا 11 من سبتمبر، على مستويين، الأول حضاري والثاني قانوني، ففي الأول لا يحق لأي قوة في الأرض ان تجعلنا نتنازل عن ديننا، وبهذا يجب ان تكون رسالتنا للأميركان وغيرهم واضحة حتى نضمن لها تأييداً إسلامياً كبيراً، أما المستوى القانوني فيبدو أننا تأخرنا به كثيراً وذلك بسبب الاعتبارات السياسية التي جعلتنا نتعامل من مسألة التشريعات والقوانين تعاملاً سياسياً، كأن ننتظر فيتو الرئيس الأميركي على قانون الكونجرس، فإن وضعنا كل أملنا على هذا الاعتبار السياسي سوف نقع تحت سطوة الابتزاز والمقايضات التي تؤجل القضية ولا تحلها.
الصراع الحضاري هو الذي أهل المرشح الجمهوري إلى الوصول إلى هذا الوضع المتقدم في سباق الرئاسة، وهو الذي جعل الكونجرس يصادق على قراره في التزامن مع ذكرى كارثة سبتمبر، لكي يستفيد أعضاء الكونجرس من مناخ المأساة ويمرروا قانونهم بسلام، المشكلة الأساسية هي أننا لم نعرف أننا في صراع حضاري مع الغرب، وقد تم تحديد الإسلام الذي يخلق ثنائية المواجهة معه، بالإسلام السني، أو ما يسميه البعض الإسلام السعودي، فالسكوت عن إرهاب المليشيات الشيعية يرجع لأن خطرها ليس على الغرب وبالتالي هي لا تدخل في دائرة صراع الحضارات، فبالرغم من إصدار حكم قضائي ضد طهران بسبب تورطها المباشر ومعها حزب الله في مساعدة الإرهابيين الذين قاموا بالتفجير في 11 سبتمبر لم نشاهد تجريماً للعقيدة الدينية لإيران، فهي على عكس المملكة تماماً التي يوضح سجلها الأمني بأنها دولة تحارب الإرهاب بغض النظر عن انتماءاته الطائفية، وعملت لأجل هذا الهدف عدة مجهودات من ضمنها إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب مقره في الامم المتحدة، وأتمنى أن وفد المملكة الذي سوف يحضر اجتماع الجمعية العمومية هذا الأسبوع أن يفضح الدول التي حجبت عن المشاركة في أعمال هذا المركز، حتى يعلم العالم من مع صراع الحضارات ومن مع تعايش الحضارات سلمياً، فأفضل رد على سيل هذا الاتهامات التي تكال لنا هو رفع مستوى التحذير من إشعال نار الصراع الحضاري بين الإسلام والغرب، ونملك الكثير لكي نقدم معقولية هذا التحذير، فاعتذار رئيس وزراء بريطانيا توني بلير عن مشاركة بلاده في الحرب على العراق التي لم تكن مشاركة شرعية وراح ضحيتها آلاف من الجنود البريطانيين، لا يوجد تفسير واحد لهذا العمل العسكري غير العمل على إذكاء الحرب الحضارية، شواهدنا كثيرة ولكن أصواتنا قليلة.
مطلق بن سعود المطيري- الرياض السعودية-