حفلت الأوساط السياسية والاقتصادية العالمية الأسبوع المنصرم بالكثير من اللغط حول قانون جاستا. ذلك التشريع الذي أصر الكونغرس الأميركي على إقراره عبر رفض فيتو الرئيس أوباما، ضاربا بعرض الحائط المعاهدات الدولية واتفاقية حصانة الدول التي وقعتها الولايات المتحدة الأميركية عام 2004 وغيرها.
جاستا أو"قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب" لم يأت بسهولة. بل كان نتيجة عمل مكثف وخطة إعلامية منظمة، خصوصا وأن استغلال مأساة الحادي عشر من سبتمبر عاطفيا، لعب دورا في التصويت الكاسح من قبل الكونغرس في رفض الفيتو الرئاسي.
الكثير من المحللين أكدوا على أن المملكة في مأمن من هذا القانون وأن المسألة لا تعدو أن تكون ابتزازا مفضوحا مصيره الفشل، لأنه ببساطة لا يوجد أي دليل على تورط السعودية في الحادث المأساوي. وذلك باعتراف البيت الأبيض في بيانه الرسمي.
لكن السؤال المهم هو لماذا وجهت كل هذه السهام نحو المملكة. ولماذا هذا الإجماع المنقطع النظير على إقحام السعودية بشكل أقرب ما يكون للانتقام والعقاب منه للبحث عن حق الضحايا؟ وهل بالفعل جميع أعضاء الكونغرس، النواب والشيوخ متواطئون في مؤامرة ضد المملكة؟
الجواب بطبيعة الحال هو لا. لكن صورة المملكة هناك أسوأ بكثير مما نعتقد.
السعودية -كما يرونها هم- "هي البؤرة التي يخرج منها الإرهابيون. والسعوديون مجموعة من البدو الأثرياء الذين يحتقرون المرأة ويمنعونها من التعليم والعمل".. هذه هي صورتنا النمطية في الذهنية الغربية بشكل عام.
من السذاجة أن نكتفي بلوم الشعوب الغربية على جهلها بالواقع الذي نعيشه. إذ ان الخطأ بأكمله يقع على عاتقنا. نحن لسنا فقط مقصرين في الإعلام الخارجي وتصحيح الصور المغلوطة عن المملكة بل إننا متخلفون تماماً وجهودنا تقترب من "الصفر" في نقل الحقيقة كما هي على أقل تقدير!
الفهم العميق لأهمية الرسالة الإعلامية الخارجية يحتم علينا أن نلعبها باحترافية كبيرة. إقامة الأيام الثقافية والعرضات ونصب الخيام ومعارض (المملكة بين الأمس واليوم) ليست هي اللغة التي يتحدثها الإعلام الآن.
نحن بحاجة لعمل منظم يدخل اليوتيوب وتويتر وانستقرام وغيرها ويصنع موادّ إعلامية ذكية وموجهة تكشف الوجه الحقيقي للمملكة وتخدم مصالحنا حول العالم.
نحن بحاجة إلى معلقين ومحللين سعوديين يتحدثون لغات مختلفة يُستضافون في بي بي سي وفوكس نيوز وروسيا اليوم وغيرها للدفاع عن قضايانا.
علينا أن نقتحم "الاندبندنت" و"الباييس" و"لوفيغارو" وغيرها بكتاب محترفين ينقلون الإنجازات الكبيرة التي حققناها في مكافحة الإرهاب وتدمير القاعدة وتقليم أظافر إيران وغيرها من الأعمال التي جنبت العالم الكثير من الكوارث.
ميادين الإعلام واسعة ومتنوعة تبدأ من مجرد فيديو صغير يرفعه شاب على اليوتيوب وتنتهي باقتحام هوليوود. وإذا ما أديرت الحملات الإعلامية بشكل احترافي وذكي فستغير الكثير من معادلات السياسة بل وربما غيرت مستقبل المنطقة بأكمله.
عماد العباد-