غاب وزير الاقتصاد والتخطيط عادل فقيه وحضر نائبه، فيما شاركه اللقاء وزيرا المالية والخدمة المدنية في الحلقة المسجلة من برنامج «الثامنة» مع داود الشريان بعد صمت طويل وضغوط شديدة من الرأي العام.
وظهرت حقيقة ما تردد منذ مدة في الكواليس أن وزارة المالية لم تعد تلك الوزارة المهيمنة على الأجهزة الحكومية، حينما كان الوزراء يخطبون ود موظفيها من الوزير إلى أصغر موظف.
التساؤل عن غياب وزير الاقتصاد والتخطيط له أسبابه الموضوعية، فالمهندس عادل فقيه صاحب مشروع بدأه في وزارة العمل حينما كان وزيراً لها أيام الطفرة المالية، وحينها تسيّد المشهد الاقتصاد الحكومي في السعودية ببرامجي «حافز» و«نطاقات»، إذ سلّم الاستشاري ومستشاريه زمام الأمور واقتنع بالاستمتاع بالرحلة، وهو ما يحدث - مع اختلاف تفاصيل هنا وهناك - في ما نعيشه الآن من تطبيقات «تنويع» مصادر الدخل.
وزارة المالية فرّطت في فرص ذهبية خلال سنوات طويلة «ما بين عجز وفائض»، إذ لم تصلح أوضاعها الإدارية الداخلية وسياسات تعاملها في الصرف والمحاسبة مع الأجهزة الحكومية وكان الاقتصاد مربوطاً بها، وحين تم فصله عن المالية تمنعت من التطبيق لسنوات.
وتبيّن من اللقاء «الفضائي» أن وزارة الاقتصاد والتخطيط هي صاحبة الصوت العالي على مجمل الأجهزة الحكومية، بل جرت «محاكمة» غير مباشرة بين نائب وزير ووزير من الدفعة الجديدة ضد مرحلة مثّلها وزير من الجيل القديم المتجدد، وكان صوت الدفاع ضعيفاً جداً حتى لم يكد يسمع.
أبرز ما قيل هو حتمية الإفلاس التي ذكرها جازماً نائب وزير الاقتصاد والتخطيط، والجزم هنا مطلوب للإقناع، وهي ذكرتني مع اختلاف الاتجاه بالتصريح الشهير لمدير جامعة في زمن قديم عن وفرة المخزون المائي في السعودية بما يعادل أضعاف جريان نهر النيل لسنين لا يعلم عددها من كثرتها إلا «الباخصون» في التسويق والتبهير.
الادعاء بوفرة المخزون المائي وقتها كان رافعة «علمية أكاديمية» مشجعة لمزيد من سياسات الإفراط في الزراعة سنوات طوالاً إلى حين اكتشاف العطش، و«الحتمية» الجازمة هنا لا تختلف عن ذلك من زاوية التبرير والتسويق لرأي ورؤية ما. ما بين عطش مائي وعطش مالي.
تحضرني هنا نكتة قديمة متجددة، ولأن ذاكرتنا تنسى بسرعة فلا مانع من إعادة سردها.
أعلن رجل أعمال عن طلب توظيف محاسب، فتقدم ثلاثة محاسبين للوظيفة، كل واحد منهم سيرته الذاتية العملية بطول صكوك الأراضي التي استطاعت وزارة الإسكان حيازتها.
في المقابلة الشخصية سأل رجل الأعمال المحاسب الأول عن حاصل جمع واحد زائد واحد، فامتعض المحاسب لعدم احترام خبرته. جاء دور الثاني فسأله رجل الأعمال السؤال نفسه، فكان الجواب: «حاضرين كم تبي تكون النتيجة».
أما المحاسب الثالث فكان جوابه: «نتيجة حاصل الجمع تعتمد على العملية نشتري أو نبيع!».
طبعاً يمكنك تخمين من فاز بالوظيفة.
عبد العزيز السويد- الحياة السعودية-