شاهد المهتمون برنامج داوود الشريان على قناة MBCعندما استضاف وزيري المالية والخدمة المدنية ووكيل وزارة الاقتصاد والتخطيط وطلب منهم شرح أسباب صدور القرارات الأخيرة وآثارها على المجتمع والاقتصاد والعواقب لو لم تُقدم الدولة عليها ؟ .. الإجابات كانت صادمة من حيث المضمون والطرح.
في شرح نائب وزير الاقتصاد والتخطيط قال إن البلد كانت متجهة للإفلاس بعد ثلاث سنوات لو لم تتخذ القرارات الحاسمة الموجهة للقضاء على الهدر المادي ورفع مستوى الإنتاجية والتخلص من بعض الالتزامات التي لم تعد ضرورية لأن الزمن تجاوزها بعد إدخال التقنية الحديثة في كل أجهزة الدولة. وفي شرح وزير الخدمة المدنية أفاد أن إنتاجية موظف الدولة ساعة واحدة في اليوم وأن الحل رفع الإنتاجية وتقليص أعداد موظفي الدولة والتخلص من العلاوات والبدلات التي لم يعد لها لزوم حسب رأي الوزير.
وزير المالية برر عدم وجود صندوق سيادي بأن مؤسسة النقد لديها صندوق/صناديق استثمارية مجدية واتفق مع زملائه فيما ذهبوا إليه من المبررات. والرأي الآخر الذي لم يطرح في البرنامج أن الدول تعلن إفلاسها عندما تصبح مصروفاتها أكثر من دخلها القومي ويكون الدين العام أضعاف الدخل القومي ، بالإضافة الى تجفيف صناديق الاستثمار والاحتياطي العام وتصبح العملة لا قيمة لها. والسؤال الذي كان غائباً من الحوار هو: كم حجم الاحتياط الحالي ؟وهل هو بالذهب أو بعملات أجنبية؟
الشعب السعودي شعب وفي وعندما يواجه بالحقيقة بكل شفافية سيبذل الغالي والرخيص في سبيل حماية الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره. مناطق الهدر التي لامستها القرارات الأخيرة تندرج تحت مفهوم «ترشيد إنفاق المال العام» كما وصفها فضيلة الشيخ صالح بن حميد في خطبة الجمعة في الحرم الشريف ،وهذا الطرح في نظري أبلغ من مفهوم التقشف الذي استهدف شرائح معينة من قطاعات الدولة بدون أن يربط الهدر بخطة لترشيد إنفاق المال العام. والسؤال: كيف تكون المملكة مهددة بالإفلاس وهي تتربع على ربع احتياط العالم من النفط ومعظم ثرواتها الطبيعية الأخرى لازالت بكراً لم تلامسها مشاريع التنمية بعد؟ التعدين، والسياحة، والتصنيع، والثروات البحرية لازالت تنتظر توجهاً تنموياً جريئاً لإحداث نقلة نوعية تجذب الاستثمار وتخلق فرص عمل واعدة تستوعب الخريجين من الجامعات والمعاهد العلمية. الاستثمار في التعليم ليس ترفاً .. وتأخير مشروع تطوير مطار الملك عبد العزيز ومشاريع القطارات والنقل العام داخل المدن ليست ترفاً.. ولكن هدر الفرص الاستثمارية هو الهدر الذي يحرم خزينة الدولة من عوائد مالية تعزز القدرة على الإنفاق. كثافة العمالة الوافدة -من آسيا على وجه الخصوص- التي تستنزف الأموال الى الخارج وتحد من فرص التوظيف للسعوديين بحاجة لبرنامج خاص يجيب فيه وزراء الخدمة المدنية والتخطيط والعمل عن التوجهات المستقبلية تمشياً مع خطة التحول 2020 ورؤية 2030 . شباب الوطن الذين يشاركون في التأمينات الاجتماعية حالياً يدعمون صندوق المتقاعدين في القطاعين العسكري والمدني في المرحلة القادمة وينبغي تطمينهم أنه عندما يأتي دور تقاعدهم سيجدون حقوقهم محفوظة.
وبرغم أن الانطباع الذي تركه البرنامج كان محبطاً إلا أن ثوابت الاطمئنان على مستقبل المملكة اقتصادياً وأمنياً ستصمد بإذن الله تعالى عندما نحافظ على وحدتنا الوطنية وندرك أن لكل مواطن دوراً في ذلك أياً كان موقعه.
سعيد الفرحة الغامدي- المدينة السعودية-