من يتصدّر للإعلام بصفته الشخصية يجب أن يحذر، ومن يتصدّر بصفته المسؤول، يجب أن يكون أشدّ حذراً في كل كلمة يدلي بها، فعندما تصدر الكلمة من مسؤول فهي تعني الكثير بالنسبة للجمهور، وعندما تلمس هذه الكلمة اقتصاد وطن بأكمله فهي تعني تحديد مصير، ومستقبل أجيال، خصوصًا في وقت نحن في أمسّ الحاجة فيه إلى رفع المعنويات وشحذ الهمم، وتوحيد الصف، ونبذ الخلاف.
كلمة (الإفلاس) التي قالها نائب وزير الاقتصاد والتخطيط في حلقة برنامج (الثامنة) لم تمر على المجتمع مرور الكرام بل وقف عندها المجتمع بمختلف فئاته وقفة جدّ وحزم، واعترض عليها الاقتصاديون لأنها نالت من مكانة هذا الوطن ومن سمعته كما نالت من علمهم ومعرفتهم، فما كان من نائب الوزير إلاّ أن قام بتقديم تصريح آخر مفيداً بأنه (من الممكن أن يكون خانه التعبير بهذه الكلمة «الإفلاس» مؤكداً أن هذا لا يعني أنه ليس لدينا مشكلة اقتصادية هيكلية، أو لا نعمل بجدّ في الفترة المقبلة).
في الآونة الأخيرة، نجد كثيراً من التصريحات من قبل بعض المسؤولين والتي أقل ما يمكن أن توصف به أنها استفزازية وأنها تنال من المواطن بشكل خاص أو من المجتمع بشكل عام، ولئن كان لدى نائب وزير الاقتصاد والتخطيط الشجاعة لأن يشير بأن التعبير قد يكون قد خانه في ذلك التصريح على الرغم من أنه كان يشرحه بالتفصيل خلال اللقاء فإن غيره لا زال يصرّ على بعض آرائه وتصريحاته بشأن المجتمع والتي يعتقد بأنها صحيحة وأن تعبيره كان وفياً وصادقاً فيها.
بعض المسؤولين الذين يخونهم التعبير ينسون أحيانا أن مثل هذه التصريحات تتلقفها بعض الأفواه التي تريد الإساءة لهذا الوطن وتستخدمها ضد هذا الوطن سواء على الصعيد المحلي أو العالمي، وبعض الذين يخونهم التعبير قد يجهلون اليوم أن الإعلام هو المسيطر على الساحة وأن مثل هذه الهفوات وزلات اللسان هي بالنسبة لبعض من هم في الساحة هدايا عظيمة لا تقدّر بثمن وبعض من يخونهم التعبير يعتقدون أن مناصبهم قد توفّر لهم الحماية والتمكين فلا يأبهون بتعبيرهم سواء كان خائنًا لهم أم صادقًا.
البعض يخونه التعبير فيجرح هذا ويسيء إلى ذاك وينال من الناس ولا يملك الجرأة والشجاعة لأن يعتذر معتقدا أن لا حاجة للاعتذار فقد خانه التعبير.
إبراهيم محمد باداود - المدينة السعودية-