أراقب منذ الحديث عن التحول الوطني ومن بعده الإعلان عن رؤية 2030 مبادرات أصحاب المعالي الوزراء الأعضاء في مجلس الاقتصاد والتنمية، وكيف ستحقق التحول الوطني لصالح المواطن وهو المعني بكل خطط ومبادرات وأعمال أي حكومة في العالم.
وباعتباري متمسكا بأهداب الأمل والتفاؤل أظل أبحث عن الإيجابي في كل ما يصدر من قرارات ولكني للأسف غالبا ما أُخذل.
أتمنى دائما أن يجتهد المسؤولون في إيجاد حلول لكثير من مشكلاتنا بطريقة عملية وواقعية، وهذا النوع من الحلول في الغالب يحتاج إلى دأب ومثابرة من قبل المسؤولين، إلا أن الملاحظ أن الغالب والأعم من قراراتنا تأخذ الطريق الأقصر والأسهل بصرف النظر عن نجاعة الحلول أو واقعيتها؛ ولذلك غالب مشكلاتنا قائمة ومتفاقمة.
وباعتبار أن لكل قرار إيجابيات وسلبيات نجد أننا نضيف بسلبيات القرارات غير الواقعية مشكلات جديدة لمشكلاتنا القائمة المتفاقمة ولعل أمثلة ذلك قرارات السعودة التي لم تنجح في مكافحة البطالة، وأضافت لها مشكلات التضخم وارتفاع تكلفة المعيشة وارتفاع تكلفة العمالة والإنتاج والإضرار بالصناعة التي تعد من أهم مصادر تنويع الدخل التي صكوا أسماعنا بالحديث عنه.
والمتابع لمبادرات أصحاب المعالي التي عكفوا عليها أشهرا من أجل تحقيق التحول الوطني ورؤية 2030 يجد أنها لم تتجاوز التفنن في توفير مصادر تمويل لميزانية الدولة من جيوب المواطنين. فذهب كل وزير يبحث في مبادرات تحقق دخلا إضافيا لوزارته – و الذي لا يمكن إدراجه ضمن تنويع مصادر الدخل - وكان آخرها مبادرات وزارة الخدمة المدنية التي ذهبت في مبادرتها للاقتطاع من رواتب وبدلات الموظفين الحكوميين مدنيين وعسكريين بشكل مباشر، وإلى استقطاع 11 يوما من رواتب الموظفين السنوية بالتحول في صرف الرواتب من الشهور الهجرية إلى (الأبراج) بالتقويم الشمسي.
وهي مبادرات للأسف ستسهم في إبطاء عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتجعل التحول الوطني إلى تراجع رفاه المواطن ومستوى معيشته ما لم يتم تدارك الأوضاع وتصحيح المسار.
تنويع مصادر الدخل لا يتحقق إلا بتدفق دخول إضافية ومتنوعة من خارج الاقتصاد الوطني وليس من داخله وبالتأكيد ليس من جيوب المواطنين.
ومن بين أهم مصادر تنويع الدخل تنمية الصادرات غير البترولية من جهة وتنمية السياحة من جهة أخرى.
بينما للأسف الصناعة التي يمكن أن تحقق تنمية الصادرات تعاني من الإهمال الحكومي وتراجع الدعم ومن آثار قرارات رفع تكلفة العمالة، وهو ما يجعلها في موقف تنافسي أضعف في الأسواق الخارجية.
ومثلها السياحة، فهي لا تحظى بالدعم الذي تستحقه كواحد من أهم مصادر تنويع الدخل، وتعاني من قيود عديدة على منح التأشيرات السياحية (سياحة الترفيه وسياحة المعارض والمؤتمرات وسياحة العلاج وغيرها) وقيود على حركة الحجاج والمعتمرين ما بين مدن ومناطق المملكة السياحية، وأخيرا فرض رسوم على تأشيرات العمرة.
يا أصحاب المعالي إن الهدف النهائي لتنويع مصادر الدخل هو أن يدخل جزء من هذا الدخل إلى جيوب المواطنين لا أن يؤخذ منها.
ركيزة الرؤية 2030 تنويع مصادر الدخل وتخفيف الاعتماد على البترول كمصدر دخل أساس ويكاد أن يكون الوحيد، وما رأيناه وسمعناه من مبادرات لا يتجاوز تمويل ميزانية الدولة، فأين مبادراتكم المتعلقة بتنويع مصادر الدخل والتنمية يا أصحاب المعالي؟
فائز صالح جمال - مكة السعودية-