الحقيقة أن هناك نشاطاً محموماً خلال الفترة الماضية من كبار الموظفين في الحكومة الأساسيين والمتعاقدين من طريق الاستشارة سواء من خلال الشركة إياها أم غيرها للبحث عن سبل «تنويع» للدخل. ولأنهم يتطلعون إلى الأمام والمستقبل الأخضر المشرق، لم يلتفت أحد منهم إلى الوراء قليلاً، فكان التركيز على الرسوم المتناثرة هنا وهناك وقصقصة البدلات والعلاوات، والضغط لجعل التقاعد المبكر جذاباً وما إلى ذلك.
ولا أعلم لماذا لم يسعفهم التفكير الإيجابي إلا في تقصد الجيوب الصغيرة وترك الجيوب الكبيرة.
هناك حقوق للمال العام والدولة في جيوب كثيرة، أبرزها والمعلن منها إعلامياً من الحكومة نفسها، وضع الأيدي والأرجل على الشوارع والأراضي والحدائق، واستثمارها لعدد غير محدود من السنوات من دون وجه حق، بل والتمنع في ردها إلا بعد التي واللتيا.
فلماذا لم تلجأ هذه الوزارات والهيئات لتحصيل حقوقها المالية والدولة معها والأجهزة الرقابية بيدها؟ ما الذي منع هذه الجهات من هذا الاتجاه؟ لماذا لم تبادر وزارة «الاقتصاد» والتخطيط إلى حمل راية استعادة حقوق الدولة من الهوامير؟ وخصوصاً أن وزيرها المهندس عادل فقيه لديه خبرة في العمل البلدي أثناء توليه أمانة جدة، وهو لا شك على دراية بأوضاع «الهدر» من المال العام في هذا الجانب العريض، كما أن جدة في المنشور على الأقل أعلى المدن تعرضاً لمثل هذه الممارسات.
أليس استرداد هذه الأراضي وفرض الغرامات المناسبة للمدد التي استغلت أو «أكتنزت» طوالها أكثر جدوى اقتصادية من طرح سندات للاستدانة من الخارج!
فإذا قيل إن السندات ستقدم أموالاً من الخارج تضخ في الاقتصاد الوطني نقول إن كثيراً من الأموال التي نتجت من «استغلال» المرافق العامة وما في حكمها من أصول عامة من المؤكد أن جزءاً منها مودع في حسابات في الخارج.
ثم لماذا تجميل و«تتبيل» توقيت طرح السندات بالقول إنه «مناسب»؟ كما ذكر نائب وزير الاقتصاد والتخطيط في حوار «الثامنة». معلوم أن التوقيت اضطراري وغير مناسب وتم تفويت فرص ذهبية في سنوات الفائض المالي، هذه بالطبع لا يسأل عنها نائب الوزير بل يسأل عنها الفريق الاقتصادي القديم، وما نعلمه أن طرح السندات مناسب جداً و«لقطة» للمصارف العالمية التي اشترتها.
عبدالعزيز السويد- الحياة السعودية-