الخليج أونلاين-
في ظل تسجيل أسعار النفط ما دون الـ50 دولاراً، والآثار الاقتصادية التي تركتها جائحة فيروس كورونا، تقترب السعودية من اتخاذها قراراً يقضي بخفض الإنفاق بنسبة 7.5% من موازنتها إلى 990 مليار ريال (263.94 مليار دولار).
ويأتي اتجاه السعودية إلى خفض الإنفاق مع توقعاتها ببلوغ عجز ميزانيتها للعام الحالي نحو 298 مليار ريال (79.5 مليار دولار)، وهي ما تعد خطوة أولى لمواجهة ذلك العجز المتوقع.
وتعود أسباب حدوث هذا العجز الكبير في الموازنة السعودية إلى تضرر أسعار النفط الكبير خلال العام الحالي، وتداعيات تفشي كورونا.
وتعد أسعار النفط التي تستمر في التراجع إلى ما دون الـ50 دولاراً، مخالفة لاعتماد الحكومة السعودية لسعر البرميل لموازنتها خلال العام الجاري، والتي وضعت الأسعار عند مستوى 56 دولاراً للبرميل، و54 دولاراً للبرميل من الخامات التي تصدرها المملكة.
وخلال عام 2020، قدرت الحكومة السعودية بلوغ إيراداتها النفطية 513 مليار ريال (136 مليار دولار)، بما يعني تراجعها 15% عن المتوقع تحقيقه خلال عام 2019، البالغ 602 مليار ريال (160 مليار دولار).
وينتظر العام المالي الجديد في السعودية أرقاماً مخيبة للآمال؛ حيث توقعت وزارة المالية في المملكة بلوغ عجز الموازنة خلال 2021 نحو 144 مليار ريال (38.4 مليار دولار)، مع توقعات بوصول نفقات الموازنة إلى 990 مليار ريال (264 مليار دولار)، في حين توقعت بلوغ إجمالي إيراداتها 846 مليار ريال (225.6 مليار دولار).
وإلى جانب عجز الموازنة تتوقع السعودية ارتفاع الدين العام إلى 854 مليار ريال (227.7 مليار دولار)، و941 مليار ريال في 2021 (250.9 مليار دولار).
خطوات ضرورية
الخبير الاقتصادي السعودي بسام العبيد، يؤكد أن المملكة في ظل استمرار انخفاض أسعار النفط أعطت أولوية للمشاريع الضرورية، وتأجيل ما يمكن تأجيله، خاصة في ظل جائحة كورونا التي يمر بها العالم.
وتعد السعودية وفق حديث العبيد لـ"الخليج أونلاين"، من أكثر دول العالم إنفاقاً على المواطنين والمقيمين خلال جائحة كورونا، ودعم مشاريع وتأجيل القروض على الشركات والأفراد.
ولدى المملكة، كما يؤكد العبيد، احتياطات ضخمة في الخارج يمكنها الاستفادة منها إلى جانب الخطوات الضرورية لمواجهة العجز.
وتسبب استمرار انخفاض أسعار النفط، حسب العبيد، في التأثير على الموازنة السعودية، ولكن ليس بالشكل الذي يتوقعه البعض، خاصة أن عام 2016 واجهت فيه المملكة انخفاضاً في الأسعار، التي استمرت فترة طويلة إلى ما دون الـ40 دولاراً للبرميل.
وتعاملت السلطات السعودية، كما يؤكد العبيد، بحزم في موضوع التقشف لمواجهة أي عجز مالي، حيث تم إعلان زيادة الضريبة، وتأجيل المشاريع التي ليست ضرورية دخل المملكة.
واتخذت السعودية إجراءات تقشفية لمواجهة العجز خلال العام الجاري، شملت تلك الخطوات إلغاء أو تمديداً أو تأجيلاً لبعض بنود النفقات التشغيلية والرأسمالية لعدد من الجهات الحكومية، وخفض اعتمادات عدد من مبادرات برامج تحقيق الرؤية والمشاريع الكبرى للعام المالي الحالي، بالإضافة إلى إيقاف بدل غلاء المعيشة، ورفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15%.
أزمة اقتصادية
الخبير في قطاع النفط والطاقة عامر الشوبكي، يؤكد أن العالم يمر بأزمة اقتصادية بسبب جائحة كورونا، ومن ضمنه الاقتصاد السعودي، الذي تتوقع السلطات فيه وصول الانكماش إلى 3.2% للعام الجاري.
ومع توقعات وصول العجز المالي في السعودية إلى 80 مليار دولار ستعمل المملكة، وفق حديث الشوبكي لـ"الخليج أونلاين"، على إصدار سندات والاقتراض من بنوك دولية لتسديد العجز، ليرفع مستوى الدين العام إلى 228 ملياراً حتى نهاية العام، مع توقعات بارتفاعه إلى 250 مليار دولار في عام 2021.
وستخلق إجراءات الدين من الخارج، حسب الشوبكي، نوعاً من الضغط على الحكومة السعودية، ومستوى الخدمات المقدمة للجمهور، وارتفاع نسبة الدين قياساً إلى الناتج المحلي لمستويات غير مسبوقة، ولكن هو واقع لا مفر منه؛ لكون السعودية حالها حال باقي دول العالم.
واتخذت المملكة لمواجهة العجز، كما يؤكد الشوبكي، عدة خطوات؛ أبرزها تقليل النفقات، وزيادة الضريبة المضافة على السلع والخدمات، موضحاً أن ذلك يعد بداية الطريق، ولكن أمورً أخرى يجب اتخاذها لتحويل الاقتصاد إلى إنتاجي يعتمد على الصناعة حتى يكون بمنأى عن الوقوع بأي أضرار.
وتعتمد السعودية، كما يوضح الشوبكي، بشكل شبه كامل في الإيرادات الحكومية على النفط، ومع وجود تباطؤ في الطلب على النفط، خاصة في الشهر الحالي؛ بسبب وجود تخوف من موجة ثانية من كورونا تؤدي إلى الاستهلاك، يمكن أن تتعطل بعض المشاريع الخاصة بـ2030 خلال الفترة القادمة.
ولمواجهة العجز المالي وتجنب حدوث أزمة مالية يوصي الخبير الشوبكي، السلطات السعودية بضرورة البحث عن سبل جديدة لتنويع مصادر اقتصادها وتحريره ونقله إلى اقتصاد منتج بدلاً من كونه اقتصاداً ريعياً، وتخفيف الاعتماد على النفط كمورد رئيس للحكومة.
يستدرك الشوبكي بالقول: "يجب أن تكون خطوات السعودية متسارعة أكثر من الخطى التي يخطوها العالم في تنويع مصادر الدخل، وتكون جاهزة لتغيير اعتماد العالم على النفط كمصدر للطاقة".
ولم تكن أرقام العجز وخفض الإنفاق الوحيدة التي سيشعر بها السعوديون خلال العام الجاري، فقد أظهر تقرير حديث لهيئة الإحصاء السعودي أن أكثر من 53 ألف سعودي وسعودية تقدموا باستقالتهم خلال الربع الثاني من العام الحالي 2020، مع ارتفاع نسبة البطالة إلى 15.4%، وهو ما يزيد من الأعباء الاقتصادية.