ذكرت «المدينة» (5 يناير)، أنَّ ثمَّة توجُّهًا لإقرار مشروع ربط إلكتروني بين الهيئة الوطنيَّة لمكافحة الفساد (نزاهة)، وجهات رقابيَّة وقضائيَّة، وجهات تحقيق ورقابة أخرى. ويبدو أنَّ (نزاهة) مسرورة جدًّا بهذه النقلة التقنيَّة المقترحة؛ لأنَّها ربما ساعدت على التسريع في (تحديد القضايا والحالات والجرائم التي تدخل في مفهوم الفساد وتصنيفها تصنيفًا مُوحَّدًا).
في نظري تكملة إضافة جديدة في ميدان (التنظير) الجيِّد، لكنَّها ليست -من وجهة نظري أيضًا- ذات قيمة مضافة في التقليص من حجم الفساد. هي ليست سلاحًا نوعيًّا يُهاجَم به الفساد، بل هي آليَّة لتطوير العمليَّة الإحصائيَّة التي تساعد على التصنيف والتعداد، ومن ثمَّ توسيع قائمة الإنجازات، أو ما يُظن أنَّها إنجازات!
أمنيتي التي أسأل الله -عزَّ وجلَّ- أن يرزقني رؤيتها في عالم الواقع هي (الكشف السريع عن قضايا الفساد المريع)، المتضمِّن (إعلان أسماء المفسدين بغير تردد ولا تهوين!!).
عزيزتي «نزاهة»: كثر الكلام عن دورك المحدود في التصدِّي لقضايا الفساد المشهود، وأنَّك مُكبَّلة لا تقدرين على الإفصاح إلاَّ في حدود! حدودك، تشمل الإشارة إلى القضيَّة من بعيد، وأحيانًا من قريب، لكن دون ذكر اسم الفاعل، سواء أكان مرفوعًا بالضمَّة، أو بنون المجموع، أو حتَّى نون النسوة! ولذا تظل (إنجازاتك) مشكورة، لكن آثارها محدودة، فلا هي بالتي تردع، ولا هي بالتي تفزع؛ لأن مصيرها الكتمان، والكتمان والردع عدوَّان لا يسيران جنبًا إلى جنب.
اقتراحي أن تواصل (نزاهة) مشكورة طرق كل الأبواب المفتوحة؛ لتنتقل من مرحلة الاكتفاء بإعلان الأحرف الأولى من اسم (الفاسد)، إلى إعلان اسمه الأول، واسم جدَّه، وعائلته، واسم الوالد. البديل هو مزيد من فقدان الثقة في الهيئة الموقَّرة، وإحالتها إلى تقاعد مبكر دائم في أذهان الناس، فيزول وهجها، وينخفض بريقها، ويتراجع تقديرها من امتياز في بداية ظهورها، إلى دون المقبول في حال استمرار تواضع أدائها.
ليس المهم عدد الحالات، بقدر ما هو نوع الحالات، وحجمها، وتصنيفها، والرؤوس التي تقف وراءها!
نعم! يظل المنجز مهما كبر متواضعًا، طالما كان الكتمان والتكتم مصير أسماء أبطاله، وشهوده، والكاشفين عن خباياه.
سالم بن أحمد سحاب- المدينة السعودية-