من أفظع الأمور التي تُصيب بيتك هو انكسار ماسورة مياه مدفونة تحت البلاط أو داخل الجدران، بِفعْل فاعلٍ سواءً كان مُتعمِّداً أو مخطئاً!.
بالأمس، استأجرْتُ عاملاً لترميم بعض أجزاء بيتي، وتبيّن أنه من الوافدين الذين يجيئوننا «غشيمين» ويتعلّمون المهنة على حسابنا، ثمّ يروحون لبلادهم أثرياء وماهرين، إذ كسر ماسورة رئيسة بِمِعْوَلِه، وغرق بيتي في الماء، وظلّ البيت المسكين يستصرخني وهو يردّد قصيدة نزار قبّاني:
أخرجني من هذا اليمّ..
فأنا لا أعرف فنّ العوْم..
إن كنتُ أعُزُّ عليك فخُذ بيديّ..
إنّي أغرق، إنّي أغرق..
وقد فعلْت، وأخذْتُ بيديه، لكن بعد أن أفسدْتُ أرضياتٍ وجدراناً، وكأنّني إيران بإفسادها في العواصم العربية التي صار لها فيها نفوذ!.
لهذا، «لو» هبطت أسعار أراضينا، وانخفضت تكلفة البناء، وأصبَحَت في متناول جيب المواطن العادي، مع أنّه لا مؤشر لحصول ذلك، ولهذا قلْتُ «لو» التي لا تُعمِّر بيتاً، فسأشتري أرضاً وأبني بيتاً جديداً، وأفعل فيه ما يفعل الإنجليز الذين لا يدفنون المواسير، ويُمدِّدُونها مكشوفة بتغطية ديكورية، إمّا فوق سقف معلّق أو بجانب أرضية أو داخل دواليب خاصّة، فتُجاوِرَهم مباشرةً لا من وراء جُدُر، ولا مجال لمن يكسرها وإلّا فهو أعمى البصر والبصيرة!.
والإنسان الإنجليزي رائق، كأنّه «الواد» الكارتوني في دعاية مشروب السفن آب قبل سنوات، وهو لم يُروِّق إلّا بعد أن جعل ترميم بيته سهلاً للغاية بِكَشْفِ المواسير، ليُصلحها بنفسه وهو يُغنّي أغاني جون لينون، ولا تُعكّر مزاجه بانكسارها ولا تُخسّره ماله، ولا تمنعه عن التمتّع بشُرْب الشاي وأكْل الكعك ومشاهدة مباريات كرة القدم!.
أمّا نحن فلا روقان في بيوتنا بتعقيد سباكة المواسير، وجعلها شبيهةً بخلايا الإرهاب النائمة، قد تصحو وتُعذّبنا بانكسارها، وعندها «ولات حين مناص»!.
طلال القشقري- المدينة السعودية-