قد يغضب بعض المسؤولين من ربط التقصير والإهمال والاستهتار بالفساد؛ هم يظنون أن الإهمال صفة من صفات الإنسان الطبيعي، وأننا كلنا نهمل في واجب من واجباتنا. وربما هم محقون، فالثقافة العامة في مجتمعنا تقبل الإهمال، ولا تعتبره جرماً. ولو أن جراحاً ما أهمل في عمله أثناء إجرائه لعملية جراحية لابن أحد المسؤولين، لرفع الأمر حالاً إلى الوزير، مطالباً بإعفائه عن عمله كجراح، وربما سنسمع منه هذه المقولة المعتادة:
-ومطالبتي هذه ليست من أجل الخطأ الذي ارتكبه في حق ابني، بل لكيلا يرتكب نفس الخطأ في حق أشخاص آخرين.
لا بد لهيئة الفساد أن تتبنى حملة توعوية، عبر كل وسائل التواصل الاجتماعي، تعرّف من خلالها بمصطلح الفساد، وبكل ما يمكن أن يقع تحته. ويجب ألا تجامل الهيئة في حملتها أياً من القطاعات الحكومية أو شبه الحكومية؛ عليها أن تعتبر تأخير موعد رحلة الطائرة، فساداً. وعدم وجود المسؤول على مكتبه في أي دقيقة من ساعات الدوام، فساداً. وتعيين موظف محال من شخصية نافذة، فساداً. ووجود 60 طالباً في فصل دراسي، فساداً. فرض رسوم على خدمات البنك البدهية، فساداً. منح قطعة أرض خام لشخصية عامة، فساداً. كما يجب على الهيئة، أن توضح للعموم، أن هناك فرقاً بين القضاء والقدر والمطر، وبين البنية التحتية المتهالكة التي لم يحسن القائمون عملهم في تشييدها.
سعد الدوسري - الجزيرة السعودية-