مواطن صور مقطعاً لأسلاك ضغط عالٍ من شبكة الكهرباء تخترق عمارة تحت التنفيذ، الصورة كشفت عن خطر وقصور، وهي إدانة لشركة الكهرباء أولاً ولبقية الأجهزة الحكومية المعنية ثانياً. وبدلاً من شكر صاحب المقطع وتقديم مكافأة له تم تداول أخبار عن محضر رسمي، جاء في أحد بنوده التوصية بالتحقيق معه!
وفي لقاء مع محافظ محايل في صحيفة «المدينة» قال: «إن تحويل مصوّر المقطع لهيئة التحقيق والادعاء العام جاء لأنه أثار الرأي العام ولم يسلك الطرق النظامية، فالبلدية لديها رقم مجاني 940، وهيئة مكافحة الفساد لديها رقم مجاني، وشركة الكهرباء لو اتصل ستسجل مكالمته، وباب مكتبي مفتوح»، وأضاف: «أما أن يقوم بنشر هذا المقطع بهذا الشكل فهو مرفوض، وإذا كان يهمه الصالح العام فأنا من منبر «المدينة» أدعوه للكشف عن شخصيته وزيارتي في مكتبي، وإن كان دافعه المصلحة العامة فأنا أول من يقف معه». انتهى. هناك اعتراف رسمي بـ«التقصير»، لكن لا يكفي هذا، بل لا بد من جرجرة مصور المقطع، وهو ما يفتح باب سوء استخدام «الجرائم المعلوماتية» بشكل رسمي للحد من الكشف عن التقصير والإهمال. فإذا تم استدعاء المصور للتحقيق فقط فهي خطوة وحدها كافية لإحجام المواطنين عن الاهتمام بقضايا من هذا النوع أو أكبر منها، ومسألة أن لدى البلديات ومكافحة الفساد والكهرباء وسائل للإبلاغ فمن المعروف أن الأداء والتفاعل من خلال هذه الوسائل ضعيف، وعليه ملاحظات، فكيف بقضية سلامة وتيار ضغط عالٍ؟! ومسألة «الدوافع» مشكلة في التحديد ما بين نية إثارة الرأي العام ونية المصلحة العامة، والمفترض أن يؤخذ المقطع ونشره بظاهرة المعترف بالتقصير فيه من جهات حكومية هذه من مسؤولياتها.
مقطع آخر صوّر اعتداء مجموعة مكونة من سعودي وأفارقة من المتسكعين بدبابات في الشوارع على رجل أمن وراكب معه، وفي دهاليز النوايا المظلمة، يمكن لمن أراد أن ينظر إلى هذا المقطع على أنه تشويه للأحوال الأمنية وانتقاص من هيبة رجل الأمن!
تحميل مشكلة قصور أداء الأجهزة الحكومية أو الشركات في قضايا تمس السلامة أو إهدار المال العام على المواطن الذي أشار إليها هرب منها وتعمية على أسباب حدوثها، والتعامل بهذا الشكل مع «الجرائم المعلوماتية» ضرره أكثر من نفعه، وقد يؤدي إلى عدم تفاعل المواطن واهتمامه مستقبلاً، وهذا ليس في كفة المصلحة العامة.