في الوقت الذي تنتشر فيه ظاهرة الاقتصاد الخفي في الدول المتقدمة والنامية التي تحاول محاربته، قال عضو لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى الدكتور فهد بن جمعة لـ«الوطن»، إن قيمة الاقتصاد الخفي في السعودية تبلغ حاليا 326 مليار ريال، موضحا أنه قدم مقترحا للمجلس حول آلية مكافحته، والآن قيد الملاءمة لدى المجلس.
في الوقت الذي تنتشر فيه ظاهرة الاقتصاد الخفي - الممارسات المالية غير الرسمية وغير القانونية مثل تستر العمالة والتعامل بالنقدية خارج الاقتصاد الرسمي- في كلٍّ من الدول المتقدمة والنامية والتي تحاول محاربته، قال عضو لجنة الاقتصاد والطاقة في مجلس الشورى السعودي الدكتور فهد بن جمعة، إنه قدم مقترحا للمجلس حول آلية مكافحة الاقتصاد الخفي، وهو الآن قيد الملاءمة لدى المجلس.
العمل غير المعلن
لا يزال الاقتصاد الخفي ظاهرة تقوم على أساس النقدية التي يحركها العمل غير المعلن، أو عدم الإبلاغ عنه، وهي ظاهرة متفشية في الاقتصاد السعودي إلى حد كبير، حيث إن حساب متوسط نسبة الاقتصاد الخفي في السعودية بناء على تقديرات البنك الدولي كبير كجزء من إجمالي الناتج المحلي الاسمي خلال الفترة ما بين 2008 - 2012، وأوضح أن حجم الاقتصاد الخفي نما من 364 مليار ريال في 2008 إلى 510 مليارات ريال في 2012، أي ما يقارب خُمْس إجمالي الناتج المحلي، وهذا الارتفاع في نسبة الاقتصاد الخفي تتزايد مع ارتفاع قيمة إجمالي الناتج المحلي الذي حقق نموا حقيقيا بنسبة 5.13% في 2012.
الشواهد الحالية
طالب ابن جمعة بضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لكبح جماح الاقتصاد الخفي، وذلك نتيجة لتلوث البيئة الاقتصادية بظاهرته، والتشدد في أنظمة العمل وبعض القرارات الحكومية الحاسمة وغير المدروسة جيدا، وانخفاض معدلات الدخول المتاحة، مع توفر وظائف غير مرغوب فيها من قبل السعوديين.
وأضاف وفقا للدراسة التي أعدها ورفعها لمجلس الشورى «أن الشواهد الحالية تدعم تقديرات البنك الدولي بارتفاع حجم الاقتصاد الخفي بالمملكة خلال السنوات الأخيرة، حيث إن 332 ألف منشأة من إجمالي المنشآت الفردية السعودية، البالغ عددها 550 ألف منشأة، غير مشتركة في نظام التأمينات الاجتماعية، بينما المشترك في هذا النظام فقط 218.4 ألف منشأة في عام 1430، مما يعني تهرب تلك المنشآت من دفع رسوم اشتراك موظفيها في نظام التأمينات الاجتماعية، مما يعتبر اقتصادا خفيا».
تفعيل الرقابة
أوضحت تقديرات البنك الدولي بأن نسبة حجم الاقتصاد الخفي في السعودية بلغت 18.7% من إجمالي الناتج المحلي الجاري سنويا خلال الفترة ما بين 2002 و2007، ولكن تلك النسبة كانت في تصاعد من 17.5% عام 2002 إلى 20% عام 2007، ووصول قيمة الاقتصاد الخفي إلى 288.5 مليار ريال عام 2007، ومع المعطيات التي يقيسها البنك الدولي فإن حجم هذا الاقتصاد ارتفع مؤخرا إلى 326 مليار ريال.
لذا فإن الاقتصاد الخفي يشوه دقة الأرقام الاقتصادية، فلو تمت إضافة نسبة الاقتصاد الخفي إلى معدل النمو الاقتصادي الاسمي الذي بلغت نسبته 16.6% عام 2010 لتغير معدل النمو، مما يزيد المطالب بإيجاد نظام لمكافحة الاقتصاد الخفي وأجهزة رقابية فاعلة لتحجيم الكثير من الممارسات السلبية التي تجري في الاقتصاد الخفي.
تدني القوى العاملة
قال ابن جمعة وفقا للمقترح المرفوع لمجلس الشورى، «إن الإحصاءات أوضحت أن نسبة البطالة بلغت 12.1% في 2012، حيث إن معدل مشاركة الإناث في القوى العاملة من عدد السكان من الإناث فوق سن 15 عاما لا يتجاوز متوسط 18% من 2009 إلى 2011، وكذلك معدل مشاركة الذكور في القوى العامة شبه ثابتة بنسبة 74% خلال نفس الفترة، وهي نسبة تعتبر منخفضة مقارنة بالنسب في دول الخليج، وفقا للبنك الدولي».
وأضاف: «إن العبرة ليست في نسبة البطالة المرتفعة بين النساء والمنخفضة بين الرجال، بل في معدل مشاركة الجنسين في القوى العاملة المتدنية، الأمر الذي يستدعي اهتمامنا ويجعلنا نتساءل هل للاقتصاد الخفي دور كبير في تدني المشاركة في القوى العاملة وعدم شَغْل الكثير من المهن، كما أن نتائج مسح القوى العاملة لعام 1434( الدورة الأولى)، توضح أن إجمالي قوة العمل بلغت 11286744 عاملا، منهم 10,634,733 مشتغلون و652,011 عاطلون، بينما بلغت قوة العمل السعودية 5,531,299 عاملا، أو 46.6% من إجمالي القوة العاملة، منهم 4,631,117 مشتغلون، و629,044 عاطلون، بينما عدد العاطلين الأجانب 22,967 عاملا، 3.5% من إجمالي العاطلين، مما يدعم ظاهرة الاقتصاد الخفي في سوق العمل الذي يتركز معظمهم في المهن الهندسية بنسبة 37.8% والخدمات 21.3%».
تداول خارج البنوك
أوضح ابن جمعة أن التعامل النقدي يخفي الحركة المالية للنشاط التجاري، ويوجد خارج البنوك الآن نقدية متداولة بما يقارب الـ173 مليار ريال بحسب إحصاءات مؤسسة النقد العربي السعودي، مشيرا إلى أن هناك تعاملات غير رسمية ولكن من الممكن تحويلها إلى تعاملات رسمية، وأن هناك ما يندرج تحت الاقتصاد الخفي ويعتبر غير مشروع أساسا كتجارة المخدرات والاتجار بالبشر، والتجارة بالأسلحة.
وأن الدراسات التي أجراها صندوق النقد الدولي كشفت أن الاقتصاد الخفي تزداد معدلاته في الدول النامية والدول الشرقية بشكل خاص.
الوطن السعودية-