فؤاد السحيباني- خاص راصد الخليج-
تمضي المملكة العربية السعودية إلى نهاية عصر آل سعود، سريعًا سيختم سلمان بن عبدالعزيز عهدًا، ويبدأ ولي العهد بن سلمان ملكه، هامدًا لأساس قيام المملكة الوهابية، واضعًا ما يظن أنه سبيل جديد لحكم دولة اتسع جرحها على الراتق، وبات وجودها عبئًا على الشرق الأوسط.
حروب ومجازر واعتقالات، لترويج بن سلمان كـ"نابليون المملكة الشاب"، أثبتت أنه ليس أكثر من "دب كسول" متردد عند اتخاذ القرار، فاشل في التعامل مع مجريات الأحداث، عاجز عن الانسحاب وقتما يرى نذر الهزيمة وقد لطخت رايته، كما في اليمن.
لجأ سلمان إلى ترتيب البيت المالك ليصبح "على مقاس" الوريث الجديد، ابتعد مقرن بن عبد العزيز، ثم محمد بن نايف، ليصبح محمد بن سلمان ملكًا قادمًا للسعودية بلا أي عقبات، وفق تفاهماته مع الولايات المتحدة، ورضا الكيان الصهيوني.
لكن الملك السعودي لا بد له من كسر شوكة أصحاب القوة والمال، لا سيما وإن كان من بينهم من استعد لتسلم الحكم في يوم من الأيام، وعلى رأسهم متعب بن عبدالله، الذي لو امتد العمر بأبيه لكان الآن ملكًا على السعودية، بنفس طريقة تصعيد بن سلمان.
تعلم سلمان درس عبدالله، الذي مهد الطريق لمتعب ليكون في الطريق إلى العرش السعودي ذات يوم، لكنه نسى أن لكرسي الملك سطوة لا سطوة بعدها، في بلد مثل السعودية، حيث لا ينشغل بصراعات القصور سوى أهل القصور، وأنه لو نفذ تصعيد متعب في حياته، لربما كان أول ملك من الجيل الثاني للأسرة الحاكمة، لكنه اكتفى بتعيينه قائدًا للحرس الوطني، وعين ابنه الآخر أميرًا للرياض.
أراد سلمان إبعاد معارضي تولي نجله، وهو على قيد الحياة، فالظروف الدولية غير مضمونة، والولايات المتحدة التي تبارك اليوم ترفيع النجل، قد تتخلى عنه فجأة، كما تخلت عن حليفها الأقرب بن نايف، وتركته يواجه مصيره في العراء.
الملك السعودي لا بد له من حيازة القوة المطلقة، في بلد لم يألف شعبه ممارسة لعبة الحكم والمعارضة، يدرك سلمان أن المعارضة تتركز في آل سعود، ممن يرفضون إدارة ابنه، لكنهم لا يجهرون بهذا حتى الآن، لكنهم يملكون المليارات، والأهم، يملكون مفاتيح القوة المسلحة، وعلى رأسها الحرس الوطني.
قائمة الاعتقالات التي تمت بليل في المملكة، شملت أصحاب النفوذ الحقيقي، بداية بمتعب بن عبدالله، وأصحاب الأبواق والمليارات، مثل الوليد بن طلال وصالح كامل، وفاعلين حقيقيين في الديوان الملكي، مثل خالد التويجري، باختصار، اعتقل سلمان كل رؤوس آل سعود، في مؤشر واضح لرغبة إنهاء عهد كامل.
أدرك بن سلمان يقينًا أنه إن أراد تولية ابنه، فليتم ذلك في حياته، فعلًا لا قولًا، وأراد أن يرسم المستقبل وهو على كرسي السلطة، فله سطوة على الجميع، داخليًا وخارجيًا، ويستطيع -لو رغب- أن يمنع ويمنح، ولا يريد أن يترك ابنه وحده في مواجهة أسرة، فيها من الذئاب من سيتلذذون بتقطيع لحمه حيًا، فور غياب الأب.