سعيد السريحي- عكاظ السعودية-
لم تبق جهة لم تتوعد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي وتتهددهم بالويل والثبور وعظائم الأمور، وأصبحت تهمة «إطلاق الشائعات» مطية سهلة تلوح بها جهات عدة وهي تنذر من تتهمهم بالجرجرة في المحاكم، حتى هيئة الأرصاد وحماية البيئة لم تنس نصيبها من التهديد والوعيد لمن يستخدمون هذه المواقع ومقاضاتهم إذا خالفوا ما تبثه الهيئة من تقديرات لكمية الأمطار التي هطلت على جدة أول أمس، فقد انبرى المتحدث باسمها ليؤكد أن الهيئة تراقب الحسابات على مواقع التواصل التي تبث معلومات مغلوطة، مشيرا إلى أن الهيئة هي وحدها من تمتلك صلاحية تقدير كمية الأمطار، ويجب على المواطنين عدم الالتفات إلى أي أرقام أخرى متداولة.
وبصرف النظر عما إذا كان المتحدث باسم الهيئة يشير إلى ما أعلنته جامعة الملك عبدالعزيز بقوله «عدم الالتفات إلى أي أرقام أخرى»، ذلك أن وسائل الرصد في الجامعة أعلنت عما يقارب ضعف الكمية التي أعلنت عنها هيئة الأرصاد، ورغم أن الجامعة لم تقل أنها تمثل أي جهة أخرى فإن المتحدث باسم الأرصاد أكد أن الجامعة لا تمثل إلا نفسها.
ولم تكن هيئة الأرصاد بحاجة إلى كل هذا التهديد والوعيد والانشغال بمراقبة مواقع التواصل والتخطيط لمقاضاة من اسمتهم بمروجي الشائعات، فحسب المواطنين ما عانوه وما خسروه جراء الأمطار، وليس يعنيهم مقدار كمية المطر كما تقرره الهيئة وإنما كمية المطر الذي خرب بيوتهم وعطل سياراتهم وأغلق شوارع جدة وملأ أنفاقها وكشف حجم فساد المشاريع التي طالما تغنى بإنجازها المسؤولون عن تنفيذها، وكان يكفي الهيئة أن تعلن عن تقديرها لكمية الأمطار وأن تؤكد أنها هي الجهة المخولة للتقدير دون حاجة للتهديد والوعيد والمراقبة، فكمية الأمطار ليست سرا من أسرار الدولة.