هدى القشعمي- خاص راصد الخليج-
تعاني المنطقة اليوم من فيروس إيراني متنقل كانت بدايته في إيران وسرعان ما انتشر وأصاب مناطق عربية عدة ولا يبدو بأن مناطق أخرى ستنجوا منه، والمقصود بالفايروس هنا، التظاهرات التي عمت إيران وبعدها انتقلت إلى مناطق أخرى، ويبقى السؤال هل الخليج محصن ضد هذا الفايروس؟.
كما هو معروف طبياً أن للفايروس مكونات جينية تتحد فيما بينها لتشكل هذا الفايروس، كذلك الحال في الفايروس الايراني الذي لديه أبعاد اقتصادية اجتماعي بشكل أساسي وبعدها يأتي بعد الوازع الديني الذي لم يظهر إلا في إيران ولكن يحتمل ظهوره في دول لم يصبها الفايروس إلى حد الآن، فقد إشتركت مكونات الفايروس في جميع المناطق التي أصابها وهو البعد الإقتصادي الاجتماعي الذي يعاني منه الشعب في جميع الدول التي فتك بها الفايرس جراء غلاء المعيشة والبطالة والاجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الدول المصابة والدول التي يمكن أن تصاب.
1- البعد الإقتصادي الاجتماعي:
يأتي البعد الاقتصادي الاجتماعي في المرتبة الأولى في ظهوره بجميع المناطق المصابة بالفايروس الإيراني، والشواهد على وجوده عديدة ففي إيران خرجت الاحتجاجات بسبب موجة الغلاء وضد سياسات الحكومة الموجهة نحو الشعب الإيراني والتي تطال الجميع، وفي تونس خرجت الاحتجاجات بسبب الزيادات الضريبية التي أقرّها قانون المالية الجديد، التي تؤثّر مباشرة في أسعار المواد الأساسية (المحروقات، وبطاقات شحن الهواتف، والإنترنت، والعطور، ومواد التجميل، والخبز والبن والمياه والشاي)، وفي السودان، يحتجّ المواطنون على غلاء الأسعار، وبالأخصّ أسعار الخبز، التي تضاعفت بعدما قرّرت الحكومة التوقّف عن استيراد القمح، وعهدت للقطاع الخاص القيام بذلك، ما أثار استياءً كبيراً بين السكان، وكما يوجد غليان في الأردن يمكن أن يتحول إلى مظاهرات على خلفية إعلان الحكومة الأردنية حزمة كبيرة من زيادة الضرائب على خلفية توجيه صندوق النقد الدولي والتي اعتبرتها الاردن ضرورية لخفض مستوى الدين العام الذي يشهد مستويات قياسية تدريجياً وإعادة الاقتصاد الذي تضرّر جراء الصراع الإقليمي إلى النموّ مجدداً، كما في المغرب الشعب قابل للانفجار في أي وقت على خلفية ارتفاع أسعار المحروقات، بالإضافة إلى غلاء المعيشة وضرب مجانية التعليم من خلال قانون أقرته الحكومة يقضي بفرض رسوماً على الاستفادة من التعليم العمومي، فهذا الحال ليس ببعيد عن مناطق الخليج التي تشتكي من غلاء البنزين كما في البحرين التي خرجت مظاهرات منددة بهذا الغلاء قام بها المتظاهرين بارتياد الحمير، وفي السعودية عبر الشعب السعودي على شبكة التواصل الاجتماعي تويتر عن غضبه من الإصلاحات الاقتصادية التي تنتهجها السعودية من خلال زيادة مباشرة في الضريبة على القيمة المضافة، وكذلك في أسعار المحروقات والكهرباء، ومواد أساسية أخرى، إلا أنه لا يرى أي زيادة على راتبه، كما تعاني السعودية من الفساد المستشري الذي يطال كبار المسؤولين في المملكة والذي تم القبض عليهم وتسوية الأمر معهم، كذلك تعاني السعودية من البطالة التي أخفى المسؤولين احصاءاتها الدقيقة والتي تشكل قنبلة موقوتة في الداخل السعودي بالاضافة الى الفقر المنتشر في المملكة التي تحوي على أكبر مخازن النفط في العالم.
2- الوازع الديني:
هذا البعد لم يظهر إلا في إيران بشكل مباشر بعدما طالب المتظاهرين برحيل القيادة الايرانية والحكم الديني في البلاد في محاولة لكسر الوازع الديني، أما في البحرين الممارسات التي يقوم بها النظام من قمع الحريات وخاصة ضد شريحة من المجتمع البحريني، أما في السعودية رغم وجود الوازع الديني بشكل قوي ورغم الاحترام الكبير لكلمة المراكز الدينية وخاصة المفتي وما هو معروف بعدم جواز الخروج على الحاكم فيمكن للمجتمع السعودي كسرهذا الوازع بعد الاجراءات التي قام بها الأمير محمد بن سلمان من اعتقال للدعاة ونشر ثقافات غريبة عن المجتمع السعودي من قيادة المراة إلى السينما وغيرها من ما يمكن أن يؤدي إلى كسر هذا الوازع في المملكة أيضاً.
خلاصة القول، الفايروس الإيراني الذي ضرب إيران وانتقل إلى المناطق العربية (مع وجود نفس العوارض للفايروس في مناطق عربية وخليجية مختلفة) فليس ببعيد أن يضرب هذا الفايروس السعودية، لذا يجب على من يتحدث ويحلل ما قد جرى في إيران من مظاهرات ومطالب ويدعمها من خلال مقالاته التي ملأت الصحف، الإلتفات بأن المملكة السعودية تعاني من نفس العوارض، لذا يجب معالجة الأمور قبل أن يفتك هذا الفايروس بنا، وكذلك من الأجدى أن نفكر بأجوبة لهذه الأسئلة، ما هي المضادات الحيوية التي يجب علينا أن نتناولها لاتقاء الاصابة بـ"فايروس" التحركات الاجتماعية؟ وهل سنسبق الزمن؟ أو أنه فات الأوان؟ وأصبح "الفايروس" على مشارف بلدنا الذي لديه كل الاستعداد لاستقباله..
سننتظر لنرى.