ملفات » الفساد في السعودية

النائب العام السعودي يؤكد أن الحملة ضد الفساد لن تتوقف

في 2018/01/26

بلومبرغ-

في منتصف ليلة 21 يناير/كانون الثاني، لم يكن فندق «ريتز كارلتون» في الرياض يبدو كأنه كان مكان احتجاز بعض المطلوبين في المملكة العربية السعودية.

ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني، تم اعتقال بعض من أغنى الأمراء في المملكة والمسؤولين في الحكومة ورجال الأعمال، وتم احتجازهم في الفندق الفخم من فئة الـ5 نجوم، في إطار حملة تطهير واسعة النطاق لمكافحة الفساد.

ولم يعد يوجد حراس مسلحون مرئيون بالفندق، ويمكن رؤية سيارة شرطة واحدة فقط خارج المجمع، وفي صالة الانتظار المضاءة جيدا، يجلس بعض النزلاء والزوار يتحدثون وفي الخلفية تدور مقاطع الموسيقى العربية، وينتشر الموظفون الحكوميون حول الطاولات، وهناك بوفيه، ولكن لا أحد يأكل.

وعلى الأريكة بالقرب من مكتب الاستقبال، يقوم الشيخ «سعود المعجب» النائب العام السعودي بحساب عدد رؤوس المحتجزين.

وحتى الآن، تم الإفراج عن نحو 90 شخصا، بعد التوصل إلى صفقات تسوية مع الحكومة، ويبقى أقل من 100 شخص، بمن فيهم 5 ممن ينظرون في إبرام صفقات مقترحة، أما الذين لا يتوصلون إلى اتفاق، فستتم إحالتهم إلى النيابة العامة.

ويقول «المعجب»: «كان الأمر الملكي واضحا، من يعبر عن ندمه ويوافق على التسوية، سيتم إسقاط أي إجراءات جنائية ضده».

وتعتبر خطة الاعتقال السعودية في طريقها للانتهاء، وتتوقع السلطات خروج المعتقلين من «الريتز» بحلول نهاية يناير/كانون الثاني.

وترى الحكومة أنها قد حققت نجاحا باهرا، ويعتقد أحد كبار المسؤولين أن الحملة قد تحقق الهدف المعلن بأكثر من 100 مليار دولار في صفقات التسوية.

ويمكن أن يُستخدم هذا المال كذراع دافعة للاقتصاد السعودي، الذي لا يزال يكافح من أجل التعافي من انخفاض أسعار النفط عام 2014.

وقال المسؤول إن المدفوعات كانت مزيجا من النقد والعقارات والأسهم والأصول الأخرى، ومن المحتمل أن تدار من قبل لجنة حكومية.

وبدأت عملية التطهير بقيادة ولي العهد «محمد بن سلمان» ابن الملك «سلمان» البالغ من العمر 32 عاما، دون سابق إنذار في 4 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث اجتاحت السلطات البلاد لتلقي القبض على مئات المشتبه فيهم، بمن فيهم بعض من أبرز المواطنين.

وتم اعتقال الأمير «الوليد بن طلال» - الذي يعتبر أغنى رجل في المملكة - كما تم اعتقال وزير المالية السابق «إبراهيم العساف»، و«عادل الفقيه» الذي أزيل من منصبه كوزير للاقتصاد والتخطيط عشية الاعتقالات، وكان الأمير «متعب» ابن الملك الراحل «عبدالله» وزير الحرس الوطني القوي قد تم احتجازه، ثم أطلق سراحه بعد بضعة أسابيع بعد أن وافق على دفع أكثر من مليار دولار.

وغزت أخبار الحملة قاعات الاجتماعات والأسواق المالية والعواصم العالمية، حيث سعى المصرفيون والمحللون والدبلوماسيون إلى تقييم أثرها على أكبر اقتصاد عربي.

وتراجعت قيمة الشركات المملوكة للمحتجزين، وعلى الرغم من أن السعودية تحاول أن تصبح أكثر انفتاحا، فقد تم إجراء التحقيق بطريقة «غير شفافة تماما»، وفقا لما ذكره «موريتز كريمر»، مسؤول التصنيف العالمي في تصنيفات «إس أند بي للتقييمات العالمية»، في مقابلة أجريت معه في 22 يناير/كانون الثاني على تليفزيون «بلومبيرغ»، وقال إن التحقيق «قد يكون خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكنه قد يكون أيضا خطوة نحو حكم أكثر تعسفا».

ويقول مسؤولون سعوديون إن الأمير «محمد» كان عليه معالجة قضية الكسب غير المشروع، وإنه يحاول إعادة تنشيط الاقتصاد بفطامه عن النفط.

وقال مسؤول كبير: «لقد بلغ الفساد أبعادا وبائية، كان الأمر كما لو أن الأمة استيقظت وأدركت أن هناك أخبارا جيدة وأخبارا سيئة؛ حيث الأخبار السيئة هي أن البلاد كانت مصابة بالسرطان، والخبر السار هو أنه قابل للعلاج، ولكن علينا أن نخوض الجراحة والعلاج الكيميائي والإشعاع والبتر».

ويعد واحدا من أكبر الأسرار هو مصير «الوليد»، وقال ثلاثة أشخاص بعد قضيته إنه غادر فندق «ريتز كارلتون» ولم يكن هناك، بل احتجز في مكان آخر أثناء التفاوض بشأن اتفاق تسوية.

غير أن ثلاثة آخرين يقولون إنه ما زال في الفندق، وفي ديسمبر/كانون الأول، قال شخصان على دراية بهذه المسألة إن «الوليد» كان رافضا لمطالب مالية حادة تجبره على التخلي عن السيطرة على شركته القابضة، البالغة قيمتها 9 مليارات دولار.

ولم تتمكن «بلومبيرغ» من مقابلة المحتجزين أو التحقق من ادعاءات النائب العام بأن جميعهم سمح لهم بالاتصال بمحام.

وقال شخصان تحدثا مع بعضهما إنه لم يتم السماح لكل شخص بالوصول إلى المحامين أو السماح لهم بالخروج من غرفهم، باستثناء الخروج لأجل الاستجواب.

وينفي «المعجب» انتهاك حقوق المشتبه بهم، ويقول إن لجنة مكافحة الفساد تريد استنفاد جميع الخيارات التي يمكن أن تؤدي إلى التسوية، قبل إحالة أي شخص إلى المحاكمة القضائية.

ومع ذلك، كانت الرسالة واضحة، حيث قال « المعجب»: «نحن في عهد جديد»، وأضاف أن «الحملة ضد الفساد لن تتوقف».