سعيد السريحي- عكاظ السعودية-
ثمة روائح كريهة تزكم الأنوف لا تسلم منها الأحياء الواقعة بقرب محطة معالجة الصرف الصحي شمال جدة فحسب وإنما تحمل العابرين للطرقات المحيطة بالمنطقة على سد أنوفهم وإحكام إغلاق نوافذ سياراتهم ريثما يعبرون المنطقة بسلام، تلك حقيقة يعرفها الجميع ويعرفون كذلك أن تلك الروائح الكريهة بدأت حين بدأ عمل تلك المحطة ولم يكن لها وجود قبل ذلك، غير أنه يبدو أن هناك حقيقة أخرى اجتهد مدير تلك المحطة في إقناعنا بها حين أكد أن لا علاقة لتلك المحطة بتلك الرائحة، موضحا أن آليات المسح الميداني للغازات قد أثبتت أن مستوى انبعاث الغازات من تلك المحطة صفر، وإذا كان ذلك كذلك كان لا بد لمئات الآلاف من سكان المنطقة والعابرين على طرقاتها من أن يبحثوا عن مواطن أو مقيم ينسى عادة أن يفتح السيفون بعد استخدامه الحمام أو يعرض أولئك المقيمون والعابرون أنفسهم على أطباء لمعالجة أنوفهم أو أطباء نفسيين يعالجونهم من توهّم تلك الرائحة !
ما فات على مدير تلك المحطة، أو ما أراد لنا أن يفوت علينا، هو ما ينبعث من عشرات الآلاف من أطنان مياه الصرف الصحي التي تُحمل يوميا وعلى مدار الساعة إلى المحطة من روائح كريهة خلال حملها وضخها في المحطة، وإذا كانت المحطة تستقبل الآن خمسين ألف طن من مياه الصرف الصحي وتبلغ طاقتها استقبال ٣٥٠ ألف طن فإن على سكان المنطقة والعابرين بها أن يستعدوا لمعاناة أضعاف مضاعفة من تلك الرائحة التي يعانون منها الآن.
السؤالان اللذان يفرضان نفسيهما في الختام يتمثل الأول منهما في التساؤل عما إذا كان الوفد الذي ضم أعضاء المجلس البلدي وبعض الأهالي قد صدق وصادق على براءة المحطة من تلك الرائحة؟ ويتمثل الثاني في التساؤل عما إذا كانت قد ضاقت الأرض فلم يجد من اختاروا مكانا لهذه المحطة غير هذا المكان الذي يتوسط المساحة بين الأحياء ومطار جدة؟