الخليج أونلاين-
تواصل هيئة مكافحة الفساد السعودية (نزاهة) حملتها الواسعة على مظاهر الفساد الحكومي، حيث تمكنت خلال الأسابيع الأخيرة من رصد عدد جديد من القضايا، وذلك ضمن مساعي المملكة للوفاء بتعهداتها المتعلقة بالقضاء على جميع مظاهر الفساد والاستيلاء على المال العام.
وخلال الأعوام الثلاثة الأخيرة أحالت الهيئة عشرات قضايا الفساد إلى الجهات القضائية التي أصدرت بدورها أحكاماً على عدد من المتورطين، بينهم موظفون كبار في الدولة.
وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قد تعهد سابقاً بالقضاء على الفساد والفاسدين عبر برنامج عمل صارم لحماية النزاهة والمال العام من أي تجاوزات أو اختلاسات، سواء كانت صغيرة أو كبيرة.
قضايا جديدة
وفي آخر تحركاتها أعلنت الهيئة (الأحد 18 أبريل) أنها باشرت عدداً من القضايا الجنائية خلال الفترة الماضية، مشيرة إلى أنه تعمل حالياً على استكمال الإجراءات النظامية بحقها.
وقالت الهيئة، على حسابها في "تويتر"، إنها تنظر حالياً جملة من القضايا المتعلقة بسوء استغلال النفوذ وتلقي الرشا والاستيلاء على المال العام دون وجه حق.
ومن بين القضايا المنظورة حالياً، حصول لواء متقاعد وموظفين اثنين متقاعدين بالحرس الوطني (تم توقيفهم جميعاً) على 198 مليون ريال (حوالي 53 مليون دولار)، مقابل تسهيل إجراءات الترسية والصرف لتلك الشركات.
كما أوقفت السلطات مسؤولاً سابقاً بوزارة التعليم العالي و5 رجال أعمال لتأسيس الأول شركات بمشاركتهم، والحصول من خلالها على مشروعات بالوزارة والمبالغة بأسعارها.
وأوقفت الهيئة موظفاً يعمل بوزارة الخارجية لتصرفه بمبالغ مالية بطريقة غير نظامية من حساب إحدى سفارات المملكة، كما أوقفت موظفاً آخر بوزارة الإعلام لإصداره 328 رخصة إعلامية، والاستيلاء على مبلغ مالي كبير من خلال تكرار أرقام السداد الخاصة بها.
وشملت القضايا الأخرى إيقاف موظفين بوزارة المالية بإحدى المناطق، ومواطنين اثنين لحصولهم على مبالغ مالية اتُّفق عليها مقابل تسهيل صرف تعويضات مالية.
ومن ضمن القضايا المنظورة أيضاً إيقاف 3 موظفين بإدارة التعليم بإحدى المحافظات، وكاتب عدل وضابط برتبة نقيب يعمل بمديرية مكافحة المخدرات نظير قضايا فساد.
كما شملت القضايا إيقاف موظف بالشركة السعودية للكهرباء وآخر يعمل في بنك، إضافة إلى اثنين آخرين يعملان بإحدى البلديات.
وجاء الكشف عن هذه القضايا بعد أيام من الكشف عن توقيف 176 مواطناً ومقيماً، منهم موظفون؛ بتهم تتعلق بالرشوة واستغلال النفوذ الوظيفي والتزوير، وإساءة استخدام السلطة، فيما تقول الجهات المختصة إنه "جارٍ استكمال الإجراءات النظامية تمهيداً لإحالتهم للقضاء".
اعتقال ضباط وموظفين
وفي مارس الماضي، أعلنت السلطات السعودية اعتقال عدد من الضباط والموظفين الحكوميين ورجال أعمال على خلفية تهم فساد.
وقالت "نزاهة" إنها أوقفت 241 مواطناً ومقيماً، بينهم موظفون في وزارات الداخلية والصحة والتعليم والشؤون البلدية والقروية والإسكان، والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، إضافة إلى هيئة الجمارك ومؤسسة البريد السعودي؛ لتورطهم بقضايا فساد.
وأوضحت أن الموقوفين "تورطوا بتهم الرشوة واستغلال النفوذ الوظيفي والتزوير وإساءة استخدام السلطة، مؤكدة أنه سيتم عرضهم على القضاء.
وكانت آخر قضية فساد أعلنت عنها السعودية مطلع أبريل 2021، بعد إعلانها في 3 مارس اعتقال ثلاثة ضباط من الحرس الملكي بتهمة الفساد.
وقالت وكالة الأنباء السعودية "واس" إن الضباط الثلاثة من منسوبي الحرس الملكي (لواء متقاعد، وعقيد، ومقدم) يعملون بإدارة العقود والمشتريات، و21 رجل أعمال، ووافداً من جنسية عربية.
وأشارت إلى أن الضباط تم إيقافهم بسبب ترسيتهم المناقصات على شركات عائدة لهم ولمعارفهم.
كما جاء الإيقاف نتيجة لمخالفة نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، والتلاعب بالكميات، وصرف مبالغ مالية لتلك الشركات دون وجه حق، واستخدام أقاربهم في الحصول على الأموال المتحصل عليها.
قضايا كبرى في شهرين
وفي ديسمبر 2020، أعلنت الهيئة مباشرة التحقيق في 120 قضية جنائية خلال فترة وجيزة، وقالت إنها شملت 184 مواطناً ومقيماً.
وقالت الهيئة إن 6 ضباط من وزارة الداخلية والدفاع المدني من بين الموقوفين بتهم تلقي رشى وفساد، وتقديم تسهيلات لوافدين مخالفين.
وشهد شهر نوفمبر 2020، الإعلان عن قضية كبيرة في وزارة الدفاع السعودية، حيث ثبت تورط عدد من الضباط والموظفين المدنيين في تعاملات مشبوهة تصل إلى 328 مليون دولار.
وآنذاك، قالت الوكالة الرسمية إن السلطات وجهت تهماً بالفساد إلى 51 شخصاً على الأقل، بينهم ضباط بوزارة الدفاع ورجال أعمال ومقيمون، ضمن 6 قضايا.
ونقلت الوكالة عن مسؤول بالهيئة أن الأخيرة حققت مع 48 طرفاً، منهم 19 من منسوبي "الدفاع"، و3 موظفين حكوميين، و18 من رجال الأعمال، و8 موظفين يعملون بشركات متعاقدة مع القوات المشتركة منهم 3 أجانب".
وقال المسؤول إن المتهمين حققوا "مكتسبات مالية غير مشروعة بلغت ملياراً و229 مليوناً و400 ألف ريال (328 مليون دولار)، وانتهت التحقيقات إلى توجيه الاتهام لـ44 منهم، فيما يجري العمل على استرداد الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة".
وفي الشهر نفسه، كشفت الهيئة تورط ضابط سعودي رفيع في الحصول على 400 مليون ريال (أكثر من 106 ملايين دولار) على شكل رِشا في واحدة من أكبر قضايا الفساد في البلاد.
وجاء الإعلان ضمن الكشف عن مباشرة الهيئة التحقيق في أكثر من 100 قضية فساد تم على إثرها إيقاف ضابط برتبة فريق في إحدى الوزارات، ومدير إحدى الشركات الأجنبية المتعاقدة مع الوزارة؛ لتورط الأول خلال فترة عمله بالحصول على مبالغ مالية بلغت 400 مليون ريال (106 ملايين دولار).
وقالت الهيئة إن تلك الأموال كانت مقابل ترسية مشاريع لصالح الشركة وشركات أخرى، واستخدام الضابط لحساباته البنكية خارج المملكة لاستلامها وتحويلها إلى الداخل، وكذلك إجراء عمليات بيع لعقارات داخل المملكة بمبالغ كبيرة لا تمثل قيمتها الشرائية.
كما وجهت الهيئة، في نوفمبر نفسه، تهماً بـ"الفساد" لمدير إدارة الجودة بأمانة إحدى المناطق وشقيقيه، وممثل مالي بوزارة المالية في إحدى المحافظات، ولواء متقاعد من وزارة الحرس الوطني، ومدير لإدارة العقود والمشتريات بالشؤون الصحية بإحدى المحافظات، وموظفة بإدارة التعليم في إحدى المناطق.
ملاحقة مستمرة
وبشكل متواصل، تشدد الهيئة على أنها "مستمرة في رصد وضبط كل من يتعدى على المال العام أو يستغل الوظيفة لتحقيق مصلحته الشخصية، أو للإضرار بالمصلحة العامة ومساءلته حتى بعد انتهاء علاقته بالوظيفة".
وفي 16 أكتوبر الماضي، أعلنت السلطات السعودية توقيف 45 شخصاً على الأقل، بينهم 6 ضباط في الجيش والشرطة، إثر اتهامهم بقضايا فساد.
وقبل ذلك بشهر واحد، أعلنت الرياض إقالة قائد القوات المشتركة فهد بن تركي بن عبد العزيز، وأمير منطقة الجوف عبد العزيز بن فهد بن تركي، وإحالتهما للتحقيق في واقعة "فساد" في وزارة الدفاع.
وفي مارس 2018، أصدر العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، أمراً ملكياً بالموافقة على إحداث دوائر متخصصة لقضايا الفساد في النيابة العامة؛ وذلك "في إطار مكافحة الفساد بكافة صوره وأشكاله والمحافظة على المال العام".