أُسدل الستار على عام 2016 في الكويت وسط جدل كبير حول عدة قضايا سياسية واقتصادية شائكة، أبرزها وثيقة التقشف الاقتصادي، وقانون البصمة الوراثية، وحل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات جديدة شاركت فيها المعارضة التي كانت قد قاطعت العملية السياسية لأربع سنوات متتالية احتجاجاً على مرسوم الصوت الواحد.
ولم يأت عام 2016 بحل لأبرز القضايا العالقة، وعلى رأسها قضية البدون، والمواطنين الذين سحبت منهم الجنسية لأسباب سياسية، وعلى رأسهم عضو البرلمان السابق عبدالله البرغش والإعلامي سعد العجمي والداعية الكويتي الشهير نبيل العوضي، في ظل استمرار سجن العشرات من المعارضين وعلى رأسهم أحد مؤسسي حركة العمل الشعبي (حشد) مسلم البراك، والمسجون بتهمة إهانة الذات الأميرية.
كما شهد عام 2016 أيضاً محاكمة الخلية الإرهابية التابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) والتي قامت بتفجير مسجد الإمام الصادق منتصف عام 2015، كما قامت المحاكم الكويتية بإصدار أحكام بإعدام عدد من عناصر خلية متهمة بالاتصال بحزب الله والحرس الثوري الإيراني، في القضية الشهيرة بـ"خلية حزب الله" أو "خلية العبدلي".
على الصعيد الخارجي شهدت نهاية العام زيارة العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الكويت، وسط استقبال رسمي وشعبي وُصف بالتاريخي.
قوانين أثارت جدلاً
أقرت الحكومة الكويتية وبموافقة لجان البرلمان "المنحل" قانون الوثيقة الاقتصادية والذي يهدف إلى رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية وتمرير قانون الضريبة المضافة وخفض جزء من رواتب بعض القطاعات وعلى رأسها القطاع النفطي، كما يهدف أيضاً إلى تقليل الاعتماد على النفط في موازنة البلاد السنوية سداً للعجز الحاصل فيها بسبب انخفاض أسعار النفط.
كما أقر البرلمان وبالتعاون مع الحكومة الكويتية قانوناً يقضي بجمع عينات البصمة الوراثية (DNA) من كافة الأشخاص المقيمين على أرض الكويت سواء كانوا وافدين أو مواطنين، وقال مقدمو القانون إنه يهدف إلى تسهيل إجراءات جمع الاستدلالات للكشف عن الجرائم وتحديد مرتكبيها وسرعة التعرف على أصحاب الجثث المجهولة أو أي حالات أخرى.
ونص القانون في إحدى مواده على معاقبة الممتنع عن إعطاء بصمته الوراثية للحكومة الكويتية بالسجن مدة لا تزيد سنة وبالغرامة عشرة آلاف دينار كويتي (أي ما يوازي 33 ألف دولار أميركي).
لكن جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات الدولية والسفارات الأجنبية في الكويت، احتجت على وجود القانون كونه ينتهك خصوصيات الأفراد ويتدخل في شؤونهم الخاصة بالإضافة إلى عدم إمكانية تطبيقه من ناحية علمية وطبية كونه يكلف الدولة مليارات الدولارات، وأعلن أمير البلاد، الشيخ صباح الأحمد الصباح، وقف العمل بهذا القانون مشيراً في حديث له مع صحيفة "الجريدة" إلى أنه قانون مجنون ولا يمكن العمل به أبداً.
وأقر مجلس الأمة "المنحل" قانون الإعلام الالكتروني والذي تقول منظمات حقوقية إنه يكبل حرية الصحافة الالكترونية في الكويت ويمنعها من مواصلة عملها على الشكل المطلوب، ويقضي القانون بوجوب تسجيل أي حساب إخباري على وسائل التواصل الاجتماعي لدى الجهات المختصة كما يتحكم بنوعية الأخبار المنشورة ويضع عقوبات وغرامات مالية ضخمة ضد من وصفهم القانون بمروجي الإشاعات.
ولم يأت عام 2016 بجديد للكويتيين الذين سُحبت جنسياتهم، حيث ما زالت الكثير من قضاياهم عالقة في المحكمة وسط رفض وزارة الداخلية تنفيذ أحكام بعض القضايا التي أمر القضاة فيها بإعادة الجنسيات لأصحابها، وعلى رأسها قضية رئيس تحرير صحيفة عالم اليوم أحمد الجبر الشمري، ورد الديوان الأميري وساطات شيوخ القبائل ووجهاء العوائل في الكويت ورفض الأخذ بها باعتبار هذه القضايا "ذات سيادة خالصة" بحسب تعبير الديوان الأميري.
أزمة البدون مستمرة
مددت الحكومة الكويتية عمل اللجنة المركزية لبحث أوضاع البدون ومديرها البرلماني السابق صالح الفضالة خمس سنوات أخرى بعد انتهاء ولايته العام الفائت، واستمر الجهاز بالتضييق على البدون في المعاملات والإجراءات الحكومية حيث أوقفت الحكومة الإثباتات الشخصية لعدة آلاف منهم بحجة وجود "قيود أمنية" تثبت انتماءهم لدول أخرى مجاورة.
وكان رئيس الجهاز المركزي صالح الفضالة قد أقر بوجود أكثر من 34 ألفاً من البدون يستحقون الجنسية الكويتية لكن الحكومة غير ملزمة بتجنيسهم كلهم.
ويبلغ عدد البدون في الكويت أكثر من 140 ألفاً ويمثلون ما نسبته 9% من الكويتيين وترفض الحكومة الكويتية الاعتراف بمواطنتهم ومنحهم الجنسية الكويتية بحجة أنهم جاءوا إلى الكويت بعد تشكل الدولة الحديثة، وهو ما يرفضه البدون ويطالبون الحكومة الكويتية بإقامة الحجة عليه.
مجلس أمة جديد
وقررت الحكومة الكويتية في آخر 2016 حل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات جديدة بسبب الأخطار المحيطة والمحدقة في البلاد وبسبب تعذر التعاون بين الحكومة والمجلس.
وأعلن الجزء الأكبر من المعارضة الكويتية وعلى رأسها الحركة الدستورية الإسلامية "حدس" الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في الكويت مشاركتها في الانتخابات، وجاءت نتائج الانتخابات متوازنة حيث استطاع الإسلاميون الحصول على جزء كبير من المقاعد فيما انخفض تمثيل الشيعة وبعض القبائل الكبيرة ذات النفوذ، وهي مطير والعوازم والعجمان بسبب تفرق أصواتها وتشتتها بفعل مرسوم الصوت الواحد.
وربح رئيس مجلس الأمة السابق مرزوق الغانم رئاسة البرلمان بفارق مريح فصله عن أقرب منافسيه بسبب دعم الحكومة له، كما حاز النائب عيسى الكندري على عضوية البرلمان منتصراً على جمعان الحربش ممثل جماعة الإخوان المسلمين.
وجاءت الحكومة الكويتية موافقة لتشكيلة مجلس الأمة حيث قرر رئيس الوزراء استبعاد وزير الداخلية السابق، محمد الخالد الصباح، من منصبه نزعاً لفتيل أزمة مرتقبة بسبب تهديد النواب الجدد له بالاستجواب نظراً لدوره بقضية سحب الجنسيات وسجن المعارضين الكويتيين وعلى رأسهم مسلم البراك.
ووعد مجلس الأمة الجديد بحل القضايا العالقة وأبرزها قضية الكويتيين الذين سحبت جنسياتهم وقضية البدون وقضايا الإصلاح الاقتصادي والخصخصة التي تحاول الحكومة الكويتية تمريرها.
زيارة العاهل السعودي
في ختام جولته الخليجية التي شملت الإمارات وقطر والبحرين، زار الملك سلمان بن عبدالعزيز الكويت في زيارة رسمية استمرت عدة أيام، التقى خلالها أمير البلاد وتباحثا في عدة قضايا مشتركة أبرزها الحقول النفطية المشتركة والعملة الموحدة والسوق المشترك بالإضافة إلى الحرب التي تقودها المملكة العربية السعودية ضد الانقلابيين في اليمن، وتأكيداً على موقف الكويت الداعم للشرعية في اليمن والمدنيين في سورية.
وكانت الكويت قد استضافت مفاوضات بين الحوثيين والحكومة اليمنية برئاسة المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد واستمرت المفاوضات عدة أشهر دون التوصل إلى أية نتيجة مما حدا الكويت إلى إنهائها بسبب عدم جدية الأطراف المشاركة وتعنتها بحسب المسؤولين الكويتيين.
خالد الخالدي- العربي الجديد-