يطل 2017 على السعودية وهي لا تزال تخوض حروبا كبرى ضد الإرهاب والاقتصاد المتراجع والمزاحمة الإقليمية من بعض الأعاجم، الذين اخترقوا المجال الحيوي للمنطقة العربية، فضلا عن التآمر الذي قاده البيت الأبيض ضدها.
هي في المجمل مجموعة من صراعات متشابكة معقدة، تداخل فيها الجوار والإقليمي والدولي، مع خيانة بعض الأصدقاء، وأحيانا انخراط قلة من العامة في الحرب ضد الوطن دون أن يعوا ذلك.
المملكة لا تزال تنفض يدها من حرب «وجود»، بدأت العام 2009، شنها عليها البيت الأبيض بقيادة الرئيس المنتهية ولايته أوباما، شملت الحرب على السعودية، تغيير ميزان
مواضيع أخرى
الأندية الأدبية وبقايا «الصحوة»
القوى في الشرق الأوسط لصالح إيران، على حساب تاريخ طويل من العلاقات الحيوية مع الرياض، إضافة للسعي لنقض القواعد الكبرى للمملكة اقتصاديا وعسكريا وإعلاميا، بل وحتى اجتماعيا.
كانت أهم رافعتين استخدمتا لتحريك الأوضاع السعودية، هما دعم الانقلاب «الطائفي»، في البحرين، فالمنامة هي الخاصرة الأقرب لمنابع النفط قلب السعودية الاقتصادي، وأي اختراق للمنامة، يعني أن رئة السعودية ثقبت، الأخرى كانت إغراق مصر في الاحتجاجات والفوضى، وجلب الإخوان المسلمين للحكم، ليتولوا بعد ذلك مساعدة أجنحتهم الإرهابية في المملكة للقيام بالخطوة الكبرى، في ما يسمى بالخريف العربي، والدفع به نحو الشوارع والمدن السعودية.
لم يستطع أوباما طوال ثماني سنوات، تحريك «المصمك»، من مكانه، ولا قدر على ترجيح كفة أعدائه، بل وجد أن جدران المصمك صلبة جدا فوق ما كان يتخيل، وأبوابها طويلة جدا أمضى من قامته بكثير، وأن النتائج على الأرض التي تظهر اليوم، أو التي ستظهر لا حقا هي في صالح الرياض، أدرك أوباما وحلفاؤه ذلك أو لم يدركوا.
هذا ليس كلاما إنشائيا، وليس عنتريات إذاعات الستينات، بل هي المعلومات المتواترة، عن نتائج السياسة السعودية التي تعود للعمل في صمت، وقتما تقضي مصالحها الإستراتيجية بذلك، باراك أوباما طالما خاض الحروب الخاسرة، لكن المصالح الكبرى أجبرت حلفاء واشنطن، للانتظار على مضض ذهابه من سدة الرئاسة، فالعلاقة مع البيت الأبيض أرسخ من ثماني سنوات عجاف سكنها أوباما.
الرياض مثل غيرها من عواصم عدة تضررت من وجود رئيس ضعيف القدرات، متردد في القضايا الحاسمة، أدت سياساته إلى جملة من النكبات في الحروب والسياسة، لا يزال الإنسان البريء يدفع ثمنها حتى هذه اللحظات، كما في سورية وليبيا وسيناء وفلسطين ولبنان وإيران والعراق.
لكن كيف ستكون 2017 على الرياض وواشنطن؟؟
لا شك أن الأضرار التي أصابت الملفات بين الرياض وواشنطن كبيرة، إلا أن حلها ليس بالمستحيل، ولعل هناك ثلاثة ملفات رئيسية هي المرجحة لقيادة العلاقات السعودية ـ الأمريكية في العام القادم وما سيليه..
أولها الملف الاقتصادي.. فالسعودية تمتلك اليوم أهم صندوق استثمار سيادي في العالم، وهي قادرة على التفاوض مع الرئيس ترمب وإدارته، لتحقيق مصالح من مسارين يخدمان الاقتصاد والسياسة السعودية الأمريكية..
ثاني الملفات.. إعادة التحالف العسكري بين الرياض والبنتاغون، لما كان عليه، فالسعودية من خلال نمو جيشها المتسارع، ورغبتها في تحديث قدراتها العسكرية، إضافة إلى توسعها في الفضاء المحيط بها لحماية مصالحها، سيساعد شريكتها واشنطن في إعادة الهيبة للصناعة العسكرية الأمريكية التي تراجعت كثيرا - شرق أوسطيا -، بل سحقت أمام الجيش الروسي.
ثالثا.. تحجيم القدرات النووية الإيرانية، فالمؤسسات الأمنية الأمريكية ليست في وارد انتظار طهران قادرة على تفجير نووي في جبال البلوشستان، وهو ما يجعل منها دولة نووية بأمر الواقع، الأمر الذي يقضي بإعادة الملا الإيراني إلى صومعته، بعيدا عن تمدده في العراق واليمن وإفريقيا.
الأمر الرابع.. تنظيف المنطقة من مخلفات الإرهاب التي دعمتها إدارة أوباما، خاصة داعش وجبهة النصرة وجماعة الإخوان المسلمين، وثوار مصراته، وإخوان ليبيا.
سيكون الرئيس الأمريكي الجديد في البيت الأبيض، بعد فتح أبوابه يوم 21 يناير الجاري، أكثر تفهما للمصالح العليا السعودية، وأكثر قدرة على استخلاص أهمية الرياض من سلفه، ذلك اندفع خلف مثاليات الفصول الدراسية الليبرالية في جامعة ميشغن، متناسيا أن للسياسة قواعد أخرى تختلف من مكان إلى آخر حول العالم.
محمد الساعد- عكاظ السعودية-