تتباين قوانين العمل الجديدة التي يبدأ تطبيقها في عام 2017، بين دول غربية وعربية، ففي الوقت الذي تسعى فيه فنلندا لمساعدة العاطلين، وفرنسا لإراحة العاملين، تضيق السعودية على العاملين الأجانب وتفرض رسومًا متصاعدة على مرافقيهم.
فنلندا تمنح عاطليها 585 دولارًا شهريًا بلا شروط!
في سابقة هي الأولى من نوعها عالميًا، قررت الحكومة الفنلندية، منح عاطلين من مواطنيها راتبًا أساسيًا شهريًا بلا شروط لمدة عامين بدايةً من العام الجاري 2017، ويبلغ قيمة الراتب الشهري الأساسي 560 يورو (أي 585 دولارًا) ، وستمنح الحكومة ذلك الراتب لألفي عاطل، يُختارون بشكل عشوائي ولن يُخيروا بين المشاركة في تلك التجربة أو عدمها، ولكنهم سيحصلون تلقائيًا على الراتب الأساسي كل شهر.
ولن تطلب الحكومة من هؤلاء العاطلين ما يُثبت أنهم يبحثون عن عمل، وستصرف الراتب الشهري بصرف النظر عن أي دخل يتلقاه هؤلاء الأشخاص من مصادر أخرى، وبلغت نسبة البطالة في فنلندا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي 8.2%، بوجود 213 ألف عاطل في فنلندا.
وتستهدف الحكومة الفنلندية من ذلك النظام، تحسين مستوى المعيشة وتوفير فرص عمل جديدة، وخفض نسبة البطالة، وتسعى فنلندا من خلال هذه التجربة إلى دراسة مدى إمكانية أن تساعد تلك السياسة العاطلين المتلقين للراتب على إيجاد عمل لهم في ظل شعورهم بالأمان المالي نتيجة تلقيهم الراتب الشهري الأساسي، بدلًا من تطبيق نظام إعانة البطالة المؤقتة، وإذا نجحت التجربة تلك في مساعدة العاطلين على إيجاد فرصة عمل، فقد تمنح الحكومة ذلك الراتب لمزيد من الفنلنديين.
اقرأ أيضًا: فنلندا التي تصدرت المؤشرات العالمية بـ2016.. تمنح عاطليها 585 دولار شهريًا في 2017
ويبدو من هذا القرار أن الحكومة تحاول مساعدة العاطلين الفنلنديين الذين تخرجوا في التعليم الأقوى عالميًا، ولم يجدوا عملًا مناسبًا، وبذلك لا يتوقف دعم الحكومة الفنلندية لمواطنيها على تقديم التعليم الأقوى عالميًا، وإنما تسعى لاستمرار الدعم للعاطلين الذين قابلهم الحظ السيء بعد ذلك، ولم يجدوا بعد فرصة عمل.
واعتادت فنلندا أن تتصدر دول العالم في التعليم، إذ حافظت على صدارتها في المؤشر العالمي للتعليم وفقًا لتقارير التنافسية العالمية لعام 2016، وهي صدارة احتلتها فنلندا أيضًا في عامي 2015، و2014. وترجع أسباب قوة فنلندا تعليميًا إلى أسباب من أبرزها» احترام التعليم باعتباره جزءًا من الهوية الفنلندية، وصعوبة الوصول لمهنة المدرس، واعتماد ساعات عمل أقل وراحة أكثر، والمساواة بين الطلاب وعدم الفصل بينهم على أساس مستواهم التعليمي، وشدة الارتباط بين الطالب والمدرس».
اقرأ أيضًا: 7أسباب جعلت فنلندا أقوى دولة في التعليم عالميًّا
فرنسا تمنح العاملين الحق في عدم الرد على البريد الإلكتروني بعد ساعات العمل
وبدأ العمل في فرنسا بقانون يحمل اسم «الحق في قطع الاتصال» مع بداية العام الحالي، وبموجب هذا القانون يحق للعامل عدم الرد على رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية، وألزم القانون الشركات التي يزيد موظفوها عن 50 موظفًا،بإعداد ما يسمى بـ«ميثاق سلوك الشركة»، يوضح عدد ساعات العمل للموظف، ليكون من حقه بعد انتهائها التوقف عن الرد على أي بريد إلكتروني خاص بالعمل.
ويحدد القانون الفرنسي المعمول به منذ عام 2000، عدد ساعات العمل في فرنسا بـ35 ساعة أسبوعيًا، فإذا كان مثلًا عدد أيام العمل خمسة أيام أسبوعيًا ، فإن عدد ساعات العمل اليومية تبلغ في المتوسط سبع ساعات.
وبدأ العمل رسميًا بقانون «الحق في قطع الاتصال» مطلع العام الجاري، بعد مناقشته وإقراره في شهر مايو (أيار ) الماضي، وبحسب «شبكة الإذاعة البريطانية بي بي سي» ، فإن هذا القانون الفرنسي هو الوحيد «الذي تعامل مع قضية لم تثر من قبل أية احتجاجات أو إضرابات على نطاق واسع».
ويرى مؤيدو القانون أن العمال الذين يتفاعلون مع رسائل البريد الإلكتروني بعد ساعات العمل الرسمية، لا يتقاضون أجرًا عادلًا على ساعات العمل الإضافية تلك، وتجعل العمال أكثر عرضة للإرهاق والضغوط واضرابات النوم، وقد تؤثر بالسلب على علاقاتهم الإنسانية.
وكانت بعض الشركات حاولت وضع قيود تلزم الموظفين باستخدام بريدهم الإلكتروني الخاص بالعمل بعد ساعات العمل الرسمية، وهو اتجاه رفضه بينوا هامون، عضو البرلمان الفرنسي عن الحزب الاشتراكي، ووزير التعليم السابق عندما قال تأييدًا للقانون «إن الموظفين يتركون مكاتب العمل جسديًا ولكنهم لا يتركون العمل، ويظلون معلقين به كالكلب بقيود إلكترونية» وأضاف في تصريحات صحافية «البريد الإلكتروني والرسائل، يستعمرون حياة الفرد، حتى تكسره في نهاية المطاف».
السعودية تضيق على العمالة الأجنبية
وفي المقابل، سعت الحكومة السعودية للتضييق على العمالة الأجنبية والتي تشمل العديد من الدول العربية وبالأخص اليمن ومصر، ويظهر هذا التوجه من خلال وثيقة «التوازن المالي» التي كشفتها صحيفة عكاظ السعودية، وتحدث عنها موقع العربية، وبحسب الوثيقة فإن المملكة ستفرض رسومًا شهرية على كل مرافق للعمالة الوافدة خلال العام الجاري، تضاف إلى ألفي ريال سنويًا تدفعها منشآت القطاع الخاص للملكة عن كل عامل وافد في القطاع الخاص يزداد على عدد العاملين السعوديين.
وقسّمت الوثيقة الوافدين إلى ثلاث فئات، وهي: العمالة الفائضة على أعداد العمالة السعودية، والعمالة المساوية لأعداد العمالة السعودية، والمرافقون والمرافقات، وفي مطلع يوليو (تموز) 2017، يبدأ فرض رسوم على الفئة الثالثة، تبلغ قيمتها 100 ريال شهريًا على كل مرافق.
وفي عام 2018، تتضاعف تلك القيمة لتصل إلى 200 ريال شهريًا في يوليو (تموز)، وتحصل المملكة الرسوم على بقية الفئات، مع بداية العام القادم بواقع 400 ريال شهريًا على الفئة الثانية، 500 على الفئة الأولى.
وفي عام 2019، ترتفع الرسوم على الفئة الثالثة لتصل إلى 300 ريال شهريًا في يوليو (تموز)، وتحصل المملكة الرسوم على بقية الفئات، مع بداية عام 2019 بواقع 500 ريال شهريًا على الفئة الثانية، 600 ريال على الفئة الأولى.
وفي عام 2020، ترتفع الرسوم على الفئة الثالثة لتصل إلى 400 ريال شهريًا في يوليو (تموز)، وتحصل المملكة الرسوم على بقية الفئات، مع بداية عام 2020 بواقع 700 ريال شهريًا على الفئة الثانية، 800 على الفئة الأولى.
وتسعى الحكومة السعودية من خلال فرض تلك الرسوم، إلى دفع الشركات الخاصة لتوظيف عدد أكبر من السعوديين، ودعمًا لقرارات المملكة، نشرت جريدة الحياة اللندنية، رسمًا كاريكاتيريًّا وصفه مغتربون بــ«العنصري» ، أظهر العمالة الأجنبية فأرًا، يقرض في حبل يسير عليه بصعوبة مواطن سعودي يعاني من «ضعف الأجور» و«انعدام الفرص» بحسب الكاريكاتير .
وبحسب أرقام الهيئة العامة للإحصاء السعودية للربع الثالث من عام 2016، فقد بلغت نسبة البطالة في السعودية 12.1%، فيما يعاني أكثر من ثلث الشباب الذين تتراوح أعمارهم من 24 لـ29 من البطالة، في الوقت الذي تتزايد فيه نسبة العمالة الأجنبية، في سوق العمل السعودي بنسبة تصل إلى 56.5% ، فيما تبلغ نسبة العمالة السعودية 43.5%.
أحمد عمارةت- ساسة بوست-