التوبة والاعتذار لا تشملان أولئك القوم الذين كشفوا عن حملاتهم المسمومة على الضحايا الأبرياء في حادثة مطعم إستانبول ولكنها تشمل مندوب القنصلية السعودية الذي حضر متأخرًا وتلفظ على المصابين بما لا يليق بعضو في البعثة الدبلوماسية.
إن هؤلاء المتطرفين في فكرهم قد وصموا ديننا السمح والمعروف بالاعتدال وشوهوا صورته من خلال ما أفصحوا عنه، وهم يسيئون إلى وطنهم من حيث لا يعلمون، فقد ترجمت بعض رسائلهم وتغريداتهم إلى لغات عدة مما زاد من كثافة الحملات المعادية لبلادنا.
يقول الأستاذ خالد المعينا في مقاله في صحيفة مكة (إن قلوب هؤلاء القساة مصوغة من حجر وإن مشاعرهم متبلدة ونفوسهم مريضة وإلا كيف سمحوا لأنفسهم في نهش لحم الضحايا الأبرياء، إنهم أصحاب عقول مريضة ونفوس مضطربة).
لقد استنكر بعض العلماء على ما أقدم عليه بعض القوم من هجوم كاسح ونعوت على الضحايا وبدأ بعض الخفافيش في وسائل التواصل الاجتماعي بالاختفاء بعدما لاحظوا ردود الفعل العنيفة عليهم وعلى أفكارهم المسمومة إلا أن ما ضاعف حجم الألم هو استخدام منبر المسجد للهجوم على الشهداء مجددًا حيث أقدم خطيب الجمعة في مسجد بحي البساتين بجدة بذلك وتلفظ بما لا يسمح المقام بذكره هنا دون رادع أو وازع، ولعل من سوء الصدف أن يكون بعض ذوي الشهداء من بين المصلين ولم يجدوا أفضل من الدعاء عليه وكتم غيظهم والاحتساب بالصبر.
هناك أمر آخر مدعاة للنقاش وهو: أليس في وسع مندوبي دول مجلس التعاون الذين حضروا مبكرًا قبل مندوب القنصلية السعودية بأن يتولوا رعاية المصابين السعوديين ضمن منظومة التعاون الخليجي والتي ربما تتجسد في موقف إنساني كهذا، أو ربما كانت هناك معوقات حالت دون ذلك.
لعل ما يخفف وطأة ما حدث من أخطاء جسيمة في حق إخوانهم وأخواتهم الضحايا الأبرياء هو أن يتم الإعلان عن توبتهم وتقديم الاعتذار لأسر الضحايا ولكافة أفراد المجتمع لاسيما وأنه كالجسد الواحد إذا أصيب فيه عضو تداعى له سائر الجسد السعودي بالحب والعطف والتلاحم. "والذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون" وقوله سبحانه: "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية وأدخلي في عبادي وأدخلي جنتي".. صدق الله العظيم.
سهيل بن حسن قاضي-المدينة السعودية-