ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

الحرب الإعلامية في الخليج ـ منطق "جاهلي" بأدوات حديثة

في 2017/07/07

DW-

احتدمت حرب كلامية بين قطر والدول المقاطعة لها، تستعمل الأخبار الكاذبة والإجراءات الغريبة من قبيل التهديد بمعاقبة المتعاطفين مع العدو ـ الشقيق، ما يوحي بحرب جاهلية بأدوات حديثة على حد تعبير الإعلامي حافظ الميرازي.

دعم الإرهاب، مناصرة الإخوان المسلمين، زعزعة الأمن الإقليمي، محاولة قلب النظام، التآمر مع إيران، محاولة النيل من سيادة قطر، خدمة الأجندة الإسرائيلية...هذا جزء يسير من الترسانة المستعملة في حرب نفسية هوجاء بين الأطراف المتصارعة في الخليج. ولم يعد من الممكن التمييز بين الصالح والطالح، بين الصحيح والمزيف وباتت كل الوسائل مباحة بما فيها الكذب والافتراء من أجل إلحاق أكبر قد من الأذى بالخصم.

وبهذا الشأن أكد حافظ الميرازي الإعلامي المصري المقيم في الولايات المتحدة في حوار مع DW أن "الحقيقة هي الضحية الأولى للحرب، فلا أحد يعرف إن كانت الحقيقة هي اتهام قطر بدعم الإرهاب والرغبة في وقف هذا الدعم، أم أن المسألة لا تعدو أن تكون إيجاد عدو خارجي لإثارة تضامن شعبي داخلي لحكومات الدول المقاطعة وهي تجتاز اهتزازات داخلية.

حرب بلا ضوابط

اتهمت الرياض على لسان وزيرها في الإعلام عواد العواد قطر بتشغيل أكثر من 23 ألف حساب على تويتر تدعو إلى "إثارة الفتنة في السعودية". ومن بين تلك الحسابات، حساب غامض يحمل اسم "مجتهد" متخصص بنشر أسرار العائلة المالكة السعودية ويتبعه أكثر من 1.8 مليون شخص على تويتر. كما سبق لصحيفة "عكاظ" السعودية أن نشرت مقالا مطولا اتهمت فيه ما أسمته بـ"كتائب افتراضية قطرية" انتحلت حسابات سعودية على مواقع التواصل الاجتماعية وتشن هجمات على وسائل الإعلام السعودية، وسياسة الرياض بشكل عام من الأزمة الحالية مع قطر.

من جهة أخرى، تتهم الدول المقاطعة الدوحة بدعهما الإرهاب وتنظيمات الإسلام السياسي في العالم. غير أن الناشط البحريني المقيم في ألمانيا عبد الإله الماحوزي أكد في حوار مع DW  أن قطر "متورطة" في عدد من النزاعات كسوريا وليبيا على سبيل المثال غير أن الأمر يتعلق بـ"بروباغندا سعودية تقوم على اتهام قطر بدعم الجماعات الإرهابية، لأن السعودية نفسها متورطة في دعم الإرهاب كما ذكرت زعيمة حزب اليسار الألماني. السعودية تفعل ذلك لإبعاد الشبهة عنها كراعي أول للإرهاب من خلال نشرها للعقيدة الوهابية".

الحقيقة الضائعة؟

الحرب الكلامية قد تكون أداة لذر الرماد في عيون شعوب المنطقة على حد تعبير الميرازي، فلو لا أزمة قطر لكانت المشاكل الداخلية "موضوعا رئيسيا الآن في السعودية ولكان موضوع انتقال السلطة في مقدمة الاهتمام الإعلامي السعودي وما قيل عن الإقامة الجبرية لولي العهد المخلوع محمد بن نايف، وهل ستخرج العائلة الحاكمة من هذه الأزمة سالمة أم لا؟" وجهة النظر هذه يتقاسمها العديد من المراقبين بالنظر للشكل الغريب الذي تفجرت به هذه الأزمة والطابع اللاعقلاني الذي اتخذته.

وينسحب الأمر على مصر أيضا حيث هناك "أزمة اقتصادية خانقة متمثلة في زيادة الأسعار ورفع الدعم المتوالي عن المواد الاستهلاكية. هذا هو حديث واهتمام المواطن المصري وبالتالي كل طرف وجد فرصته لتحويل الأنظار عن إشكالية داخلية ما" على حد تعبير الميرازي. ثم إن موضوع دعم التنظيمات الإسلامية يبدو غريبا أيضا فـ "لماذا تدعم البحرين الإخوان المسلمين لديها لمواجهة الشيعة، ولماذا تدعم السعودية حزب الإصلاح ذي التوجه الإسلامي في اليمن؟ بل وحتى مصر بدأت الآن تخفف الحصار على حماس" يتساءل الميرازي.

وإذا كان العالم يستغرب لجزء من شروط الدول المقاطعة كالمطالبة بإغلاق قناة الجزيرة أو إجراءات غريبة من قبيل معاقبة كل من أبدى تعاطفا مع قطر، فإن قطر بدورها لا تزال لم تحسم موقفها من حيث دعمها لتنظيمات الإسلام السياسي، مثلما تدعم الإمارات التيارات المناوئة، "والمعضلة أن الشعوب العربية لم تستفد من التدخل الخليجي بل العكس هو الذي حصل" يقول الميرازي الذي استطرد موضحا أن ما يحدث في واقع الأمر ليس غريبا، فـ"الثقافة التي عشناها تاريخيا في شكل حروب القبائل هي التي تعود اليوم باستخدام أدوات العصر الحديثة كما لخص ذلك نزار قباني بقوله لقد لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية. هذه حرب جاهلية تتم بأدوات العصر الحديث".