ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

بعد 40 يوما.. «مكاسب» لقطر وتركيا وإيران و«انتكاسة» متزايدة لرباعي الحصار

في 2017/07/13

الخليج الجديد-

بعد أكثر من شهر على اتخاذ السعودية والإمارات والبحرين ومصر إجراءات لحصار قطر، يبدو المشهد مختلفاً تماماً الآن عن بدايته.

إذ تبدلت المواقع على نحو كبير، وبات من حاول فرض الحصار والعزلة على قطر، بالأمس، في وضعية المُحاصر والمعزول الآن من المجتمع الدولي والحقوقي الرافض لإجراءاته ضد الشعب القطري.

فالدول الأربع فشلت فشلاً ذريعاً في كسب الدعم والتأييد لموقفها إقليمياً ودولياً؛ إلا من دول صغيرة ليس لها وزن يُذكر على خريطة السياسية العالمية.

ضربات وصدمات متوالية

وبعد أن ألقت الدول الأربع بجميع أوراقها، وأظهرت كل عضلاتها أمام قطر، في 5 يونيو/حزيران الماضي، أخذت الضربات والصدمات تتوالى عليها منذ ذلك التاريخ.

فالشقيقان الخليجيان، الكويت وسلطنة عمان، فضلا النأي بنفسيهما عن موقف دول الحصار.

إذ رفضت الكويت المشاركة في حصار قطر، وعوضا عن ذلك، قاد أميرها الشيخ «صباح الأحمد الجابر الصباح»، منذ بداية الأزمة الخليجية، جهود وساطة حثيثة في مسعى منه لنزع فتيلها.

وبينما عولت دول الحصار، على انضمام الكويت إلى معسكرها، إذا لم تنجح جهودها في إقناع قطر بالقبول بمطالب الدول الأربع، كما بشرت وسائل إعلام الأخيرة، لم يحدث ذلك، وجاء الرد القطري عليهم حازماً برفض مطالبهم، لتتلقى دول الحصار الصفعة الأولى.

أما سلطنة عمان، فقد سارت على دربها المعهود المتمثل في التزام الحياد، وبذل جهود للحل من وراء الستار.

وإن كانت مسقط مالت في تلك الأزمة –إلى حد ما- للموقف القطري؛ حيث ساهمت في تخفيف إجراءات دول الحصار عنها، بعد أن فتحت موانيها أمام الدوحة، ودشنت معها خطين ملاحيين جديدين؛ الأمر الذي كان من ضمن العوامل التي ساهمت في إفشال الحصار على قطر.

فشل ذريع في أفريقيا

فشل دول الحصار ظهر بقوة على الساحة الأفريقية؛ فالقارة السمراء التي كثيرا ما عولت عليها الدبلوماسية السعودية في الترويج لسياساتها ومواقفها دولياً، لم تنجر إلى معسكر دول الحصار.

وبينت تلك الأزمة، أن مليارات الدولارات، التي صرفتها الرياض في أفريقيا كمساعدات تنموية، ضمن دبلوماسيتها الناعمة، لم تؤت ثمارها.

فبعد تأييد محدود لإجراءات دول الحصار من حفنة دول ضعيفة التأثير دولياً، أو ربما لا يسمع بها أحد، مثل موريشيوس والمالديف وجزر القمر  وجيبوتي وإريتريا وموريتانيا، في الأيام الأولى للأزمة، ظن البعض أن ذلك فقط مقدمة ستتوالى معه مواقف مشابهة لاحقاً.

إلا أن ما جاء من القارة السمراء، في الأيام التالية، لم يكن سوى صفعات لدول الحصار. 

فالمغرب، الذي سعت السعودية بقوة، منذ عهد الملك الراحل «عبدالله عبدالعزيز»، إلى ضمه للصف الخليجي، ثم «مجلس التعاون الخليجي» لاحقاً، والذي تلقى المليارات من الدولارات كمساعدات من السعودية، رفض دعم حصار الرباعي للدوحة، وتبنى في المقابل الدعوة للتهدئة، بل وأرسل طائرات محملة بالغذاء إلى قطر.

على النحو ذاته، جاء الموقف السوداني، الذي كانت علاقاته مع السعودية توصف بــ«الوثيقة»؛ حيث كانت الرياض من بين الدول القليلة التي حرصت على استقبال الرئيس «عمر البشير» على نحو متكرر، متجاوزه انتقادات «المحكمة الجنائية الدولية»، التي تلاحق الأخير بتهم من بينها «ارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب» في إقليم دارفور، غربي السودان.

هذا الدعم السعودي، على ما يبدو، لم يكن كافياً من «البشير» وحكومته إلى الانجرار وراء دول الحصار، وتبني موقفها؛ إذ حرص السودان على دعوة أطراف الأزمة إلى التهدئة، فيما تحدثت تقارير صحفية أن الخرطوم رفضت ضغوطاً خليجية للمشاركة في الحصار.

كذلك، رفض الصومال عرضاً خليجياً مالياً لقطع العلاقات مع قطر؛ حسب ما كشف الكاتب الصحفي «جابر الحرمي»، الذي ذكر أنّ وزيراً خليجياً (لم يسمه) حمل 80 مليون دولار، للرئيس الصومالي «محمد عبد الله فرماجو» مقابل قطع علاقاته مع قطر، لكن العرض رفضه «فرماجو».

الأمر ذاته، أكدته صحيفة «الصومال اليوم»، نقلا عن مصادر لم تسمها؛ حيث كشفت أن السعودية هددت بإلغاء وعودها المالية للحكومة الصومالية ما لم تتراجع الأخيرة عن موقها الحيادي الداعي إلى إنهاء الخلاف السياسي بين الدول العربية عن طريق الحوار عبر دوائر «الجامعة العربية» ومنظمة «المؤتمر الإسلامي».

ولم يتوقف الموقف الصومالي عند حد رفض الاستجابة للضغوط الخليجية؛ بل ساهمت مقديشو، كذلك، في تجاوز الدوحة لحصار الرباعي؛ عندما فتحت مجالها الجوي أمام الطيران القطري.

الجزائر، أيضاً، تصدت لمساعي الدول الأربع التي كانت ترمي إلى دفع دول القارة السمراء لتبني مواقف ضد قطر.

فخلال القمة الأفريقية الأخيرة، التي استضافتها إثيوبيا، يومي 3 و4 يوليو/تموز الجاري، اجتمع وزير الخارجية المصري «سامح شكري» بعدة رؤساء أفارقة في محاولة لحشد موقف أفريقي مساند لدول الحصار في موقفها من قطر، لكن جهوده باءت بالفشل حيث أكد له هؤلاء الرؤساء أن الأزمة الخليجية شأن يخص دول الخليج وحدها، وليس الدول الأفريقية؛ الأمر الذي أدى إلى غضب الوزير المصري، ودفعه إلى مغادرة القمة قبيل اختتامها بيوم.

وكشفت مصادر دبلوماسية عربية، لـ«الخليج الجديد» في وقت سابق، أن الجزائر هي من قادت جهد دبلوماسي لإفشال جهود الوزير المصري؛ الأمر الذي أكده الصحفي الجزائري المعروف، «عياش دراجي».

الصدمة الأكبر لرباعي الحصار جاءت من رئيس الاتحاد الأفريقي «ألفا كوندي»، دعا خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للقمة، في 3 يوليو/تموز، إلى ضرورة أن تتحدث الدول الأفريقية بصوت واحد بشأن الأزمة الخليجية.

وطالب «كوندي» بضرورة إنهاء الأزمة الخليجية بشكل سلمي، وكان ذلك الموقف الأول للاتحاد الأفريقي، بعد أسابيع من اندلاع الأزمة الخليجية، والذي مثل صدمة كبيرة، لدول الحصار، وخاصة للسعودية، من القارة السمراء.

هذه الصدمة، على ما يبدو، كان وراء الدعوة التي صدرت -على نحو مفاجئ- من العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز» لعقد قمة سعودية إفريقية ببلاده نهاية هذا العام أو بداية العام المقبل؛ حيث أرجع مراقبون الخطوة إلى محاولة من قيادة المملكة لتشجيع القادة الأفارقة على اتخاذ موقف ضد قطر علها تفوز بجزء من الكعكة في «القمة السعودية الأفريقية».

لكن - على ما يبدو – فشل تلك الدعوة في جلب المزيد من الداعمين الأفارقة إلى معسكر دول الحصار؛ فدول القارة السمراء تم فطامها، وتعلمت أن يكون قرارها من رأسها ولو على حساب قوتها.

موقف الحلفاء «الاستراتيجيين»

في هذه الأزمة أيضا، أخفقت الدبلوماسية السعودية في جلب حلفاء يوصفون بـ«الاستراتيجيين» إلى جوارها ضد قطر أو على الأقل تحييدها.

فتركيا لم تقبل الوقوف على الحياد من الأزمة، رغم كل الجهود التي بذلها الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، منذ وصوله للحكم في يناير/كانون الثاني 2015، لتحسين العلاقة معها؛ وهو ما تُوج، في 14 أبريل/نيسان 2016، بالإعلان عن تدشين «مجلس التنسيق التركي السعودي»، للاضطلاع بمهمة تطوير العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وتعزيزها مستقبلا.

تلك الشراكة، والاستثمارات السعودية الكبيرة في تركيا، لم تكن كافية لتخلي أنقرة عن مواقفها الأخلاقية التي تلتزم بها في عهد حكومة «العدالة والتنمية»؛ إذ سارعت إلى إقرار قانون يسمح لها بنشر المزيد من القوات في قاعدتها العسكرية في قطر، وأرسلت بالفعل 5 دفعات من تلك القوات؛ الأمر الذي أرجعه مراقبون ودبلوماسيون إلى علم القيادة التركية بمخطط من رباعي الحصار لتنفيذ عمل عسكري ضد الدوحة، معتبرين أن الخطوة التركية أجهضت هذا المخطط، وغير التوازنات بين قطر ورباعي الحصار لصالح الأولى.

أيضاً، أعلن الرئيس التركي، «رجب طيب أردوغان» أكثر من مرة رفضة للحصار المفروض على قطر، ودعا السعودية، بوصفها «الشقيقة الكبرى»، إلى أن تسارع في أقرب وقف لحل الأزمة، مؤكداً على أنه «لا يوجد طرف رابح من خلاف الأشقاء في الخليج».

كما سارعت أنقرة إلى تدشين جسر جوي إلى الدوحة يمدها بالمواد الغذائية التي حاولت دول الحصار حرمانها منها؛ الأمر الذي ساهم في عدم شعور المواطن القطري بأي تأثير لإجراءات دول الحصار، بل بادر هو إلى حصار المتبقي من منتجاتها في الأسواق، التي باتت لا تجد من يشتريها.

وعلى غرار الموقف التركي، فضلت باكستان، الحليف الآخر للسعودية في المنطقة، التزام الحياد رغم ضغوط السعودية.

وحسب تقرير لمجلة «نيوزويك» الأمريكية، عقد الملك «سلمان» ورئيس الوزراء الباكستاني «نواز شريف» اجتماعا في مدينة جدة، غربي السعودية، في 12 يونيو/حزيران الماضي، حيث خير إسلام آباد بين السعودية أو قطر.

وجاء الرد الباكستاني بعد 3 أيام فقط؛ حيث قال مستشار رئيس الوزراء الباكستاني للشؤون الخارجية «عزيز سرتاج»، في مؤتمر صحفي، إن «باكستان لا تريد التدخل في شؤون الدول الأخرى، وستلتزم بسياستها غير الحزبية فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط».

أما إيران، فكان موقفها متوقعاً خاصة أن أحد الأسباب التي روجتها دول الحصار لموقفها من قطر، هو تصاعد العلاقات بين الدوحة وطهران، ولاحقاً كان مطلب تقليص العلاقات الدبلوماسية مع إيران ضمن المطالب الـ13 التي قدمتها دول الحصار لقطر.

إذ فتحت إيران مجالها الجوي للخطوط القطرية، وخصصت 3 موانئ لإمداد قطر بالمواد الغذائية.

مساعي رباعي الحصار للتصعيد تخفق دولياً

دوليا، أخفض رباعي الحصار في الترويج لموقفه من الأزمة، رغم نشاط وزراء خارجيته لشرح وجهات نظره.

فمن برلين، دعت ألمانيا أطراف الأزمة إلى التهدئة والحوار، وحذرتهم من خطورة التصعيد.

كما زار وزير خارجية ألمانيا «زيغمار غابريال» المنطقة في محاولة لنزع فتيل الأزمة، وأشاد بتعامل قطر النزيه مع الأزمة، ودعا لاتفاق يشمل الجميع حول «مكافحة الإرهاب».

القوى الخميس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، وصاحبة الموقف الأكثر تأثيراً على الساحة الدولية، تبنت، كذلك، مواقف تدعو للتهدئة، وتظهر عدم اقتناعها بالمبررات التي ساقها رباعي الحصار لإجراءاته ضد قطر.

فبعد تغريدات من الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» المثيرة للجدل ومواقفه المتناقضة من الأزمة، دعا البيت الأبيض إلى وحدة دول الخليج، وتبنت واشنطن جهود لدعم التهدئة، ودعت وزارة الخارجية الأمريكية دول الحصار لتقديم «مطالب منطقية» إلى قطر.

بينما أكدت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) على الشراكة مع قطر، وأجرت تدريبات مشتركة في الدوحة.

وأخيرا أبرم وزير الخارجية الأمريكي «ريكس تليرسون»، الثلاثاء الماضي، مذكرة تفاهم بين بلاده وقطر لمكافحة تمويل الإرهاب؛ الأمر الذي كان بمثابة المسمار الأخير في نعش الحصار المفروض من الدول الأربعة على قطر؛ فها هي قطر سـ«تكافح الإرهاب»؛ ما يجهض أقوى مبررات الرباعي لاستمرار التصعيد ضدها.

على النحو ذاته، شددت روسيا على ضرورة تسوية الخلافات في الخليج عبر الحوار، بل تضمنت مواقف موسكو دعما غير مباشر للدوحة.

وصدر الموقف الأقوى من «أندريه بوكلانوف»، المستشار السياسي في مجلس الاتحاد (الغرفة العليا في البرلمان الروسي)، والذي أكد على أن لغة الإنذارات وتهديد الدوحة غير مناسبة، واصفاً الأزمة الخليجية بأنها «بدأت من خبر ملفق لتنتهي إلى قطيعة».

وقال إنه يعول على «حكمة القيادة السعودية في تسوية الأزمة مع قطر»، لافتاً إلى أن بلاده مستعدة للعب دور الوساطة بين قطر وشقيقاتها في حال طلب منها ذلك.

أيضا، دعت الصين لحل الأزمة داخل مجلس التعاون الخليجي، وشددت على ضرورة وحدته.

كما أكدت بريطانيا دعم وساطة الكويت في الأزمة وقام وزير خارجيتها «بوريس جونسون» بجولة في المنطقة شملت أطراف الأزمة في محاولة لنزع فتيلها.

أيضاً، انضمت فرنسا على إلى الوساطة لحل الأزمة، ودعت إلى «تهدئة سريعة لمصلحة الجميع».

وضمن جهود الوساطة، أجرى وزير الخارجية الفرنسي «جان إيف لودريان»  جولة في المنطقة  شملت قطر والسعودية والكويت والإمارات.

وللغرض ذاته، أجرى الرئيس الفرنسي «مانويل ماكرون» اتصالات هاتفية مع زعماء الدول أطراف الأزمة.

من خسر ومن كسب من الأزمة؟

الخلاصة أنه بعد مرور نحو 40 يوماً من بدء الدول الأربع حصارها على الدوحة، أخفقت في إقناع الأطراف الدولية والإقليمية بموقفها، وباتت في موقف تحسد عليه، فعليها البحث عن مخرج للأزمة، بأقل الخسائر، وتحفظ به ما تبقى من ماء وجهها.

لكنها بالفعل خسرت الكثير في تلك الأزمة، التي ورطها فيها المحمدان «محمد بن سلمان» ولي عهد السعودية، و«محمد بن زايد» ولي عهد أبوظبي، ومن تلك الخسائر:

- «بن سلمان» على وشك تدمير دبلوماسية والده الملك «سلمان» لإصلاح العلاقات مع تركيا، والوصول بها إلى مرحلة التحالف الاستراتيجي؛ أملاً أن تكون أنقرة القوية أحد حصون الأمان السعودية في مواجهة طهران، الذي لن تتوانى على افتراس الرياض إذا دانت الفرصة.

فـ«الأمير الطائش»، كما وصفته تقارير صحفية غربية، يعمل بقوة على تفكيك روابط تلك العلاقات التي بناها والده، عائدا بها إلى برود عاشته في عهد الملك «عبدالله».

- ألقت دول الحصار بكل أوراقها في بداية الأزمة،  من قطع علاقات مع قطر وطرد مواطنيها  وإغلاقات الموانى والأجواء والحدود البرية في وجه الدوحة، ولم يتبق بيدها شيء، بينما لا تزال قطر في يديها الكثير من الأوراق، ومنها ورقة الغاز المسال؛ حيث الدوحة الإمارات بنحو ثلث احتياجاتها منه، وبإمكانها أن تقطعه عنها، إذا أرادت.

- الأموال الضخمة التي أغدقتها السعودية والإمارات على الإدارة الأمريكية الجديدة، في صورة اتفاقيات تجارية وصفقات سلاح، والتي بلغت مئات المليارات، لدفعها لتبني موقفهما ضد قطر، لم تُفلح؛ فإدارة «ترامب» أكبر من أفشل خطط رباعي الحصار، كما فازت بالمال أيضاً.

- الأزمة جلبت على رباعي الحصار انتقادات حقوقية من منظمات دولية عدة؛ فمنظمات «هيومن رايتس ووتش» و«العفو الدولة» انتقدت الإجراءات التي اتخذها الرباعي ضد الدوحة، والتي فرقت شمل عائلات كثيرة، وحرمت الآلاف من الطلاب من إكمال تعليمهم.

- عرت الأزمة الكثير من خبايا السياسات الخارجية التآمرية لأبوظبي والرياض في المنطقة؛ فما كان مسكوتاً عنه أصبح متداولاً في كثير من وسائل الإعلام العالمية، ومن بين ذلك المال الإماراتي التي تم دفع في أمريكا وبريطانيا، لتأليب البلدين ضد قطر.

- الأزمة بينت الضعف السياسي لـ«بن سلمان»، وربما تقضى على طموحه في اعتلاء عرش المملكة، خاصة أن فشله في إدارتها يأتي في سياق اخفاقات أخرى، وأهمها في اليمن. كما من المتوقع أن تحرم تلك الأزمة «بن سلمان» من الدعم الدولي؛ حيث بدا بسببها «شاباً طائشاً»، «وخطراً» على السلام والاستقرار الإقليمي.

- من أكبر خسائر السعودية في هذه الأزمة هي خسارة الرهان عليها، وعلى ما كان يعرف بـ«العهد الجديد»، ممثلا في فترة ما بعد الملك «عبدالله»؛ حيث بات واضحاً أن المملكة ما زالت تتبنى نفس السياسات المتطرفة ضد الإسلاميين عموما بمن فيهم حركة «حماس». ويعزز ذلك حجة الأصوات التي ترى في النظام السعودي امتداداً لسياسات أبوظبي العدوانية؛ ما يعني فقدان تعاطف قطاع كبير من الرأي العام العربي منها، والذي تكون على خلفية مواجهتها مع ايران؛ حيث فوجئ الجميع بتشدد تجاه شقيق خليجي وتجاه الحركات الاسلامية السنية فاق موقف المملكة من إيران نفسها.

- أما النظام المصري فقد تورط في المشهد، وظهر تابعاً لدول خليجية بصورة مهينة لا تناسب المكانة التي عادة ما تمتعت بها مصر على الساحتين الإقليمية والدولية.

إيران وتركيا رابحان

ووسط هذه الخسائر لرباعي الحصار، كانت إيران وتركيا أكبر رابحين.

فعلى خلاف المساعي السعودية لعزل طهران دولياً، دفعت الدول الأربع قطر إلى الزاوية الإيرانية؛ لتستفيد إيران منذ ذلك، وتفك القليل من عزلتها.

أما تركيا، فقد استفادت من الأزمة «جيوسياسياً»؛ حيث عادت للمنطقة بعد انتكاسة خسارتها لمصر، بعد الانقلاب العسكري، وعادت ليس فقط بدور سياسي قوي، ولكن بقاعدة عسكرية كبيرة، وتحالف وثيق مع قطر.

قطر  تعلمت «الدرس الأكبر»

أما قطر فقد تعلمت الدرس الأكبر، كما صرح نائب رئيس مجلس الوزراء القطري، «عبد الله بن حمد العطية»، الذي قال في تصريحات صحفية إن بلاده تعلمت درساً قاسياً من الأزمة الحالية، «ولكنه درس مفيد لنا كيف نتعامل مع اقتصادنا وأسواقنا واعتمادنا على النفس أكثر من اعتمادنا على الآخرين».

وأضاف أن قطر لن تعود كما كانت، و«قد تعلمت للأسف ألا تثق بالأخوة والأشقاء الذين قاموا بهذا الحصار».