ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

قرصنة «قنا» هزت الثقة بين أبوظبي والمخابرات الأمريكية

في 2017/07/21

ستراتفور- ترجمة شادي خليفة -

اتخذت الأزمة الدبلوماسية داخل مجلس التعاون الخليجي منعطفًا آخر هذا الأسبوع. وقد ذكرت صحيفة«واشنطن بوست»، يوم الأحد، أنّ وكالات الاستخبارات الأمريكية لديها معلومات تشير إلى مسؤولية الإمارات العربية المتحدة عن ترتيب هجومٍ سيبراني على وكالة أنباء قطر الرسمية (قنا) أواخر مايو/أيار الماضي.

وادّعى مسؤولون في المخابرات الأمريكية لم يُكشف عن اسمهم أنّ أبوظبي نظمت خرقًا لموقع وكالة الأنباء القطرية وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بها لنشر تصريحاتٍ مفبركة منسوبة لأمير قطر الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني»، جاء فيها إعرابه عن دعمه لإيران وحماس وحزب الله. ثمّ استخدمت الإمارات، جنبًا إلى جنب مع المملكة العربية السعودية والبحرين ومصر، الأقوال الكاذبة كذريعة لقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع قطر. ومما لا شك فيه أنّ هذا الكشف سيزيد من تعقيد العلاقات داخل وخارج مجلس التعاون الخليجي. وفي الوقت نفسه، ومع ذلك، لا يمثل الخبر مفاجأة كبيرة.

وعلى الرغم من أنّ المسؤولين الإماراتيين نفوْا تمامًا ادعاءات تورطهم في الأمر، إلا أنّ قادة قطر قد وصفوا الخرق بأنّه «عملٌ مخجلٌ من الإرهاب السيبراني»، وأبدوْا تصديقًا لأخبار تورط الإمارات. وبعد كل شيء، لدى الإمارات سمعة طويلة بالتدخل، إلى جانب السعودية، في شؤون قطر. وفي وقتٍ مبكرٍ من نشأة قطر والإمارات في الستينيات والسبعينيات، كان هناك تنازع على الحدود الإقليمية. وكانت هناك غلبة واضحة للرياض في النزاعات، وكذلك استفادت أبوظبي.

وبعد ذلك بأكثر من 30 عامًا، اتهمت قطر الإمارات والسعودية بمحاولة التحرك ضد أمير البلاد الشيخ «حمد بن خليفة آل ثاني» الذي أطاح بوالده. وعندما جاء ابنه، الأمير الحالي، للسلطة مكان والده عام 2014، حاولت أبوظبي والرياض إخضاع الأمير الجديد ليصبح تابعًا. وقد خفضوا علاقاتهم مع قطر، وطالبوا الدوحة بتغيير ما اعتبروه سياساتٍ مزعزعة للاستقرار. وحققت هذه الجهود بعض النجاح، لكنّها مهدت الطريق أيضًا للأزمة الحالية في مجلس التعاون الخليجي.

وفي ضوء تاريخها مع قطر، فإنّ فضيحة مشاركة الإمارات المزعومة في القرصنة التي أدت للأزمة تبدو قابلة للتصديق. ومن وجهة نظر الإمارات، فإنّ علاقة قطر مع مجموعات مثل جماعة الإخوان المسلمين وحركة طالبان وحماس وحزب الله، فضلًا عن الحرية التي تعطيها البلاد لوسائل إعلامها، تشجع التطرف وتأمر بالتخريب في المنطقة. وأثبتت أبوظبي نواياها كثيرًا من خلال تدخلاتها السابقة في شؤون الدوحة.

ومع ذلك، مع التكنولوجيا المتوفرة الآن للأفراد والمؤسسات والحكومات، من الصعب الحكم بتأكيد تورط الإمارات في الاختراق، وقد تم اتهام روسيا في وقتٍ سابق.

وفي كلتا الحالتين، فإنّ مجرد تأكيد الخرق جعل من المستحيل على الإمارات والسعودية حشد المزيد من الدعم الأمريكي لمبادرتها المناهضة لقطر. ومن المفارقة أنّ دعم الولايات المتحدة الواضح لجهود الرياض وأبوظبي لمكافحة الإرهاب قد ساعد على تحفيز الأزمة في المقام الأول. ومن خلال التركيز على مكافحة التطرف الإسلامي خلال قمة الرياض في مايو/أيار، قبل أيام قليلة من الاختراق المزعوم، ربما أرسل الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، عن غير قصد، رسالة إلى القادة السعوديين والإماراتيين، مفادها أنّ الولايات المتحدة تساندهم في مهامهم أيًا كانت. إلا أنّ وزارة الدفاع الأمريكية ووزارة الخارجية أخذتا نهجًا أكثر توازنًا تجاه الأزمة، احترامًا للعلاقة الحساسة للولايات المتحدة مع قطر، التي تستضيف إحدى أكبر القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط.

ويدفع الكشف عن الاختراق أيضًا للتفكير في تغير العلاقة، غير المستقرة أصلًا، بين مجتمع الاستخبارات الأمريكي ودولة الإمارات. وتعتمد الولايات المتحدة على علاقاتها مع الإمارات والبحرين والسعودية وقطر لضمان الأمن الإقليمي، فضلًا عن أمنها القومي. ولن تغير التفاصيل المتعلقة بالاختراق المزعوم ذلك كليا. لكنّ الحادث ربما يضر بالثقة التي تتشاركها واشنطن وأبوظبي، إلى جانب أنّ المسؤولين الأمريكيين قد سربوا معلومات عن الاختراق للصحافة.

وفي مجلس التعاون الخليجي، هز الكشف أيضًا أواصر الثقة، التي تعرضت لضربة كبيرة بالفعل، بين أعضاء الكتلة. وأشار وزير الخارجية الإماراتي يوم الاثنين إلى احتمال «إعادة تشكيل مجلس التعاون الخليجي»، وقال أنّ القمة السنوية المقرر عقدها في ديسمبر/كانون الأول من غير المرجح أن تتم إذا استمر النزاع. وقد واجهت الكتلة نصيبها من المشاكل في الماضي، لكنّ الاضطراب الأخير قد يترك مزيدًا من الضرر أكثر مما ترك في الأزمات السابقة. ومن المرجح أن تزداد العلاقات في مجلس التعاون الخليجي سوءًا قبل أن تتحسن، مما يعرض الجهود المستقبلية للتعاون الاقتصادي والأمني ​​بين دول الخليج للخطر.