أندرياس سبيث/خ.س- DW بالعربية-
طالما شكلت "الاتحاد للطيران" و"طيران الإمارات" و"الخطوط الجوية القطرية"، المدعومة من أموال البترودولار، تهديداً كبيراً على طيران اللوفتهانزا. اليوم يبدو أن سنوات العز التي عاشتها تلك الشركات أصبحت شيئاً من الماضي.
يظهر فيديو صوّره خلسة أحد ركاب طائرة الإمارات إحدى المضيفات وهي ترجع بعض الشمبانيا المتبقية بكأس إلى الزجاجة، الفديو أحدث ضجة في وسائل التواصل الاجتماعي. كانت الطائرة في رحلة من برشلونة إلى دبي. يبدو مثل ذلك التصرف غير وارد ولا يخطر ببال أحد أن يحدث في شركة الطيران معروف عنها تقديمها لأقصى درجات ووسائل الرفاهية. إذ تقدم طيران الإمارات للزبائن الخمس نجوم حمامات وبارات فاخرة على متن طائرات A380.
في بعض الأحيان تكشف مثل تلك الوقائع الصغيرة الكثير وحتى أكثر من الأرقام: لم تمر طيران الإمارات بأوقات أكثر صعوبة مما تمر به اليوم.
البحث عن المال النقدي
وبالمثل حدث ما يشبه ثورة في طيران الإتحاد؛ فقد أعلنت الشركة عن إنهاء العمل بخدمة السيارة المجانية فقصرتها على ابو ظبي: "ابتداءً من 3 يوليو 2017، هناك تغييرات على خدمة سيارة مع سائق من الاتحاد للطيران. اعتباراً من تاريخه، نوفر لضيوفنا في الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال خدمة سيارة مع سائق من الاتحاد في الإمارات"، هذا ما جاء على الموقع الرسمي للشركة. ويعني هذا عملياً إلغاء خدمة السيارة مع السائق المجانية. وفي نفس الوقت قدمت الشركة عروضاً لركاب الدرجة الاقتصادية.
وبينما لم تشطب طيران الإمارات، حتى الآن على الأقل، أي من خطوطها الطائرة إلى كل أنحاء العالم، تقدم عروضاً للمسافرين العاديين بالدخول لصلاتها الفخمة مقابل مبالغ بسيطة.
وتحرك طيران الاتحاد بنفس الاتجاه فاتاح لركاب درجة رجال الأعمال والدرجة الاقتصادية دفع مائتي دولار ليجلسوا لمدة ساعتين بأفخم صالات الشركة. بالتأكيد الأمر مربح مادياً؛ إذ لا يمكن لأحد شرب شمبانيا بمثل ذلك المبلغ في ساعتين! تسوّق الاتحاد ذلك على أنه "خدمات جديدة"، إلا أنّ الحقيقة هي أنها فعلت ذلك بسبب الحاجة للسيولة. وهي محاولة تقوم بها كل شركات الطيران، التي تقدم رحلات رخيصة، للحصول على مزيد من الإيرادات الجانبية. "لقد تعلمت الاتحاد الدرس من الشركات الأخرى"، كما يقول الخبير البريطاني بشركات الطيران جون ستركلاند.
تناقص البترودولار !
في الحقيقة فإنّ سنوات العز بالنسبة لشركات الطيران الخليجية، وفي مقدمتها طيران الإمارات وطيران الاتحاد والخطوط الجوية القطرية، قد ولّت وبشكل غير متوقع. وقد حدثت سلسلة من التطورات أدت إلى تلك الحال. بدأت تلك السلسلة بانخفاض أسعار البترول عام 2014، الذي يشكّل بالنسبة لكثير من دول الخليج أهم مصدر للإيرادات . كما أنّ الركود في القطاع النفطي أدى إلى تراجع الطلب على مقاعد الدرجة الممتازة. ويبدو انّ وضع طيران الاتحاد هو الأسوأ؛ فهي الأحدث سناً والأصغر بين شركات الطيران الخليجية وقد قامت بالمناورة عن طريق إستراتيجية عقد الشراكات. غير أنه تبين أن كل تلك الشراكات كارثية.
مأساة الشراكة معAir Berlin
حسب التقديرات فإنّ طيران الاتحاد فقدت ثمانية مليارات يورو في شراكات غير مثمرة. ذهبت تلك الاستثمارات أدراج الرياح. ويبدو الوضع أكثر درماتيكية في الشراكة مع "الخطوط الجوية الإيطالية"، التي يملك طيران الاتحاد 49 من أسهمها. منذ حوالي شهرين أعلنت الشركة إفلاسها للمرة الثانية وهي معروضة للبيع الآن.
ويبدو الوضع مأساوياً ومروّعاً أيضاً بالشراكة مع طيران Air Berlin، الذي يمتلك طيران الاتحاد 29 بالمئة من أسهمها. وحتى الآن كلفت هذه المغامرة طيران الاتحاد أكثر من ملياري يورو. يبدو أنّ النهاية تلوح في الأفق وتبحث الشركة الألمانية عن مستثمر جديد.
وقد شطب طيران الاتحاد حتى الآن 3000 وظيفة وحسب المعلومات فإنّ الشركة لم تحقق أرباحاً حتى الآن. وتتوارد أخبار عن تقارب بين طيران الاتحاد واللوفتهانزا وأنّ التعاون الوثيق بينهما غير مستبعد.
تداعيات بريكست والأوامر التنفيذية لترامب!
وعلى نحو غير معتاد يبدو وضع طيران الإمارات صعباً أيضاً. فللمرة الأولى منذ عام 1996 لا توزع الشركة أرباحاً على المساهمين بعد أن تراجعت الأرباح بنسبة 82 بالمئة. وقد حملت السنة الماضية معها مشاكل كثيرة بالنسبة لطيران الإمارات: "تسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لوحده بخسائر تقدر بـ18 بالمئة"، كما يقول مدير الشركة تم كلارك. وعلاوة على انخفاض أسعار النفط تسبب عوامل أخرى طويلة الأمد خسائر، منها ضعف الدرهم الإماراتي أمام الدولار وخسارة أسواق مهمة كالعراق وسوريا وليبيا أو الرحلات رخيصة الثمن طويلة السفر كالتي تأتي من النرويج.
كما ساهمت قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي يصعب التنبؤ بتصرفاته، بحظر دخول مواطني بلدان مسلمة إلى أميركا وحظر إدخال أجهزة الكمبيوتر المحمولة في زيادة الطين بلة. أدت تلك الإجراءات إلى تراجع الطلب على الرحلات إلى أميركا على متن طيران الإمارات إلى الثلث مما حدا بالشركة لتخفيض عدد رحلاتها الأسبوعية من126 إلى 101.
المقاطعة الخليجية تتسبب بخسائر للخطوط الجوية القطرية
الشركة الخليجية الوحيدة التي لم تمر بأزمة هي شركة الخطوط الجوية القطرية. فقد نمت أرباحها بثبات وبلغت في السنة المالية الماضية 22 بالمئة. وكانت الأمور تسير على ما يرام حتى اندلعت الأزمة الخليجية قبل أكثر من أسابيع ففرضت دول عربية مقاطعة على قطر. وبالنسبة للشركة القطرية المعتادة على الأرباح فيشكل هذا مصيبة؛ فهي لا تستطيع تسير رحلات للدول المجاورة، والتي يشكل زبائنها خمس ركاب القطرية. كما يتحتم على الشركة القطرية تغير خطوط طيرانها بعيداً عن المجال الجوي لدول المقاطعة، مما يرتب أعباء مالية إضافية.
كما يتوقع محللون ارتفاع أسعار الكيروسين نتيجة المقاطعة بنسبة 10 بالمئة مما يرتب خسائر أخرى على القطرية. "نعم، نتحمل تكاليف إضافية ولكني لا أريد الخوض في هذا الأمر"، يقول أكبر الباكر، المدير التنفيذي للخطوط الجوية القطرية، باقتضاب.
يفضل الباكر الحديث عن أنه لم يلغِ أي من الطلبات على الطائرات الجديدة وأنه وبدلاً من الرحلات الملغاة إلى دول المقاطعة يرغب بتسيير رحلات إلى إيران وأنه عازم على تشغيل خطوط جديدة، بأسرع مما كان مخططاً له، إلى كل من مقدونيا وسلوفينيا والبوسنة. على كل حال كل ما ذكره أكبر الباكر لا يضمن استمرار "الخطوط الجوية القطرية" على قيد الحياة.