ملفات » الخلافات القطرية الخليجية

شعارات قطر على مقصلة تدويل الحج!

في 2017/07/31

فيصل العساف- الحياة السعودية-

يخطئ من يظن أن قطر لم تستغل «حزب الله» اللبناني لمصلحتها، عندما كانت تُفرِد له العناوين الصاخبة على وسائل إعلامها، فعملية صناعة البطل التي تولتها الأبواق المؤثرة يومها لم تكن اعتباطية على الإطلاق. والشواهد جميعها تؤكد نجاح القطريين أو من يرسم لهم الخطوط العريضة، في صناعة مسرح سياسي يتلاءم ومتطلبات المشاهد العربي، الذي تأسره «مؤثرات» القوة، صوتية كانت أم بصرية.

فهذا البسيط الذي تكالبت عليه عوالق الانتكاسات العربية المتعاقبة يشبه غريقاً امتدت إليه قشة في خضم محيط متلاطم، ومن الصعب لومه على فكرة النجاة التي «تخيلها» بالتعلق بها.

وإذا كانت قطر استغلت الحزب الإرهابي في الترويج لنفسها على أنها نصيرة القضايا العربية، فإن «حزب الله» كان استغل الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان في مصلحة بقائه وتكاثره.

قضية ومظلومية وبصيص نور، فيما يتم تصويره على أنه نهاية نفق حالك الظلمة، وبطل مغلوب على أمره أجبرته الظروف على مقارعة أشداء فاحشي البطش. هذه هي عناصر الحبكة الدرامية العربية المسلية التي عطلت التنمية، وأرهقت الشعوب، وتسببت في اعتلاء «أشاوس» من ورق أكتاف الأمتين العربية والإسلامية، يتسلطون بذلك على رقاب المغيبين، ينكلّون بهم في سبيل ذلك، ويمتصون خيراتهم من دون أن يقدموا خيارات أوفر حظاً، فبقاؤهم مشروط بوجود ذلك النفق، وأولئك الأعداء الذين يشكلون الرقم الصعب في معادلة التسلط!

ولأن حبل الكذب قصير كما يقال، فإن الطغاة المتسلقين ينكشف عنهم غطاؤهم الذي يتقنعون به عند اللحظة الأولى التي تتطلب مواقف البطولة، بعيداً من الشعارات البرّاقة المزيفة التي صنعتهم. ولذلك سقط «حزب الله» في امتحان سورية، وسقط معه بشار وإيران والممانعة برمتها. صحيح أن قطر تمكّنت من القفز من سفينتهم التي كانت أحد أهم أذرع بنائها، إلا إن الطبع غالب على التطبع ولا شك، فالقناع الذي استعارته كان فضفاضاً عليها، ربما لأن الثورات العربية التي غذتها قطر بالضجيج والإمكانات، كانت أسبق إلى الحدوث مما تم التخطيط له، ولذلك بدا التخبط واضحاً على القطريين، بدعمهم المحتجين في يد، فيما تصافح اليد الأخرى عدوهم اللدود بشدة! فقطر التي تخلت بسهولة عن الدول الخليجية، عمقها الاستراتيجي، لم تستطع تبعاً لمصالحها المشبوهة أن تتحلل من السكين الإيرانية التي تقطع أوصال العالم العربي بلا هوادة، وتذبحه من الوريد إلى الوريد.

اليوم، تذهب قطر أبعد بكثير من حليفتها الأهم إيران، ولعل من اللافت أنها المرة الأولى التي تكون فيها قطر «أداة» لتنفيذ المخططات، بعد أن كانت هي من ترسمها في السابق، فقد تقدّمت إلى الأمم المتحدة بطلب تدويل الحرمين الشريفين!

ما كانت تخجل إيران من الإقدام عليه، تفعله اليوم قطر من دون اعتبار للنتائج الوخيمة التي تنزلق إليها، وإذا كان مبدأ: «هي خاربة خاربة» الذي تنطلق منه قطر هو عنوان المرحلة، وهو الذي يقودها سياسياً، فإنه في واقع الأمر بمثابة انتحار سياسي يعبّر عن حال اليأس والتقهقر والعزلة التي تسير بها إلى حتفها، ليس لأن المطلب يعد سابقة في التاريخ الإسلامي، وليس لطبيعة الأعذار الوهمية والبكائيات القطرية الكاذبة التي تنقضها الوقائع على الأرض، وليس لأن قطر في واقع الأمر تستعدي بذلك شعبها المتدين -بطبيعته- على رغم محاولات الإغراء وتغيير هويته التي مارستها السلطة عليه، وليس لأن القوى التي جعلت قطر من نفسها نداً لها بعبثية فجة ستقزّم طموحاتها، نظراً الى فارق الإمكانات والنفوذ العالمي والسياسي، ولكن، لأن قطر تنسلخ بهذا من كل خيوط التفوق التي كانت تغطي عورة نقصها، لتعريها أمام الجميع، بعد انتفاخ دام أمده في ظل صبر الأشقاء وطول حلمهم.