جيمس دورسي - ميد إيست سوكر- ترجمة شادي خليفة -
يبدو أنّ الدول الخليجية التي ضخت ملايين الدولارات في شبكات العلاقات العامة الدبلوماسية قد ركزت بشكلٍ أكبر على إلحاق الضرر بسمعة خصومها بدلًا من تحسين صورتها.
وتتدهور صورة كل من والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر بشكلٍ سيء، وفق دراسة حديثة للرأي العام الأمريكي. غير أنّ استجابة المجتمع الدولي لأزمة الخليج التي استمرت لشهرين حتى الآن تشير إلى أن قطر قد نجحت حتى الآن في الحصول على دعمٍ لدعوتها إلى إجراء محادثاتٍ مباشرة لحل الأزمة، وهو الموقف الذي رفضه خصومها.
وفي الاستطلاع الوحيد الذي أُجري في الوقت الراهن عن التصورات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية عن الأزمة في الخليج من قبل يوغوف البريطانية، نيابةً عن صحيفة «عرب نيوز» التي تصدر باللغة الإنجليزية، لم تكن السعودية والإمارات، كمحرضين على المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية للدولة الخليجية الصغيرة أفضل حظا من قطر من الناحية الشعبية.
وأظهرت نتائج الاستطلاع أنّ 27% فقط من بين 2663 شخصًا شاركوا كعينات في الاستطلاع اعتبروا قطر صديقًا أو حليفًا للولايات المتحدة، مقارنةً بـ 37% للسعودية و39% للإمارات. وتحدثت «عرب نيوز» بشكلٍ مكثف عن الاستطلاع وتضمنت التقرير الكامل في إحدى القصص المنشورة. ومن المقرر أيضًا أن يكون التقرير متاحًا على موقع يوجوف على الإنترنت يوم الاثنين. وكانت تقارير «عرب نيوز» حول التصويت هي الأحدث في حرب العلاقات العامة التي تشنها وسائل الإعلام المملوكة للدولة أو المملوكة للقطاع الخاص على جانبي الانقسام الخليجي، والتي تعمل في بيئة من حرية الصحافة المقيدة للغاية وغالبًا ما تكون على علاقة وثيقة مع الحكومة أو الأسر الحاكمة.
ونقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» عن الصحفيين السعوديين قولهم أنّهم تعرضوا للضغط من قبل الحكومة لأجل انتقاد قطر. ووصف أحد المحررين السعوديين كان المسؤولون يستخدمون الرسائل الهاتفية المتنقلة لتوجيه الصحفيين حول كيفية تشكيل التغطية وما هي القصص التي يجب التركيز عليها. وقال المحرر: «كانت أوامر وليس اقتراحات».
وقال «فيصل عباس»، رئيس تحرير «عرب نيوز»، الذي ركز حصرًا على قطر في نتائج الاستطلاع، أنّ هناك «مفاجأة في مدى سرعة تأثير الخلاف الدبلوماسي على سمعة قطر، على الأقل في الولايات المتحدة ... وكان من المثير للاهتمام أن ترى أنّه على الرغم من المليارات التي أنفقتها قطر على مختلف مبادرات القوة الناعمة، من التعليم إلى الجمعيات الخيرية إلى الرياضة الدولية، وجدت الدراسة أنّ المزيد من الأمريكيين يربطونها بدعم الإرهاب أكثر من أي شيءٍ آخر».
ولم يذكر عباس أي إشارة إلى حقيقة أنّ السعودية والإمارات أيضا قد أنفقتا مبالغ ضخمة على جماعات العلاقات العامة الأمريكية للضغط على المؤسسات في محاولة للحصول على دعمٍ لمواقفها. كما أنّه لم يناقش أي عائدٍ من هذا الاستثمار لديهم.
قطر الأكثر نجاحا
وكانت غالبية الدول العربية والإسلامية قد امتنعت عن الانضمام إلى الحملة التي تقودها الإمارات، بينما حصلت على قليل من الدعم من بعض الدول الأفريقية والآسيوية التي تعتمد على دول الخليج الغنية بالنفط من الناحية المالية أو السياسية أو كليهما معًا.
وقد رفض المجتمع الدولي بالإجماع تقريبًا تأييد شروط التحالف بقيادة الإمارات لحل أزمة الخليج. وقد دعمت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين وروسيا بشكلٍ فعال دعوة قطر لإجراء محادثاتٍ مباشرة بين دول الأزمة، وهو اقتراحٌ رفضه التحالف.
وقال الصحفي «رامي خوري»: «يرجع عدم الدعم لهذه المطالب، على نطاقٍ واسع، إلى أنّ اتهاماتهم مبالغٌ فيها إلى حدٍ كبير، كما اعتُبرت الشكاوى الأساسية نفاقًا، مثل تمويل الحركات الإسلامية، أو العلاقات الودية مع إيران، أو التدخل في شؤون الدول الأخرى. كما اعتمدت الدعاية الإعلامية للترويج للأزمة من قبل دول الحصار على معلوماتٍ تفتقر إلى الحقيقة، ما أدى إلى نتائج عكسية لا تخدم سوى زيادة الضرر بالمصداقية التي تتمتع بها بعض وسائل الإعلام في دول مجلس التعاون الخليجي في الأعوام الأخيرة».
وأضاف: «ويبدو أنّ القطريين في ميزان الرأي العام العالمي كانوا أكثر تركيزًا ودقة، في حين يبدو أنّ الدول التي تقودها الإمارات تعبر عن غضب وخوف حقيقيين مصحوبين بمطالب غير واقعية وغير معقولة، لكن بدون أدلة مقنعة على اتهاماتها».
وطالب التحالف الذي تقوده الإمارات بأن تغلق قطر قناة الجزيرة ووسائل الإعلام الأخرى التابعة لها، وتقليل علاقاتها مع إيران التي تشترك معها في أكبر حقل للغاز في العالم، وطرد القوات التركية من الإمارة، وقطع العلاقات مع الجماعات المسلحة والإسلامية بغض النظر عما إذا كانت الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة تحظرها أم لا. وقد رفضت قطر هذه المطالب واعتبرتها انتهاكًا لسيادتها.
تبادل الاتهامات
وبالنسبة للكثيرين، يشوب النزاع الكثير من تبادل الاتهامات وإلقاء اللوم على الغير في أمورٍ قامت بها غالبية الأطراف. ومن الناحية العملية، يشتبه في أنّ جميع أطراف النزاع كانوا، على الأقل في بعض الأوقات، على صلة بالجماعات المسلحة. وباستثناء السعودية، تحافظ باقي دول النزاع على علاقاتٍ اقتصادية مزدهرة في كثير من الأحيان مع إيران، ولديها العديد من القواعد العسكرية الأجنبية على أراضيها.
وقال الصحفي المحقق «غلين غرينوالد» في مقالٍ يشرح بالتفصيل استثمار الخصوم في الخليج في العلاقات العامة في واشنطن وجماعات الضغط، قبل 4 أعوام من أزمة الخليج الحالية: «"النقطة هنا ليست في أنّ قطر بريئة تماما... لكنّ هذا الهجوم الإعلامي المنسق علىها، باستخدام مسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى وحلفائهم في وسائل الإعلام، يعد سلاحًا يستخدم من قبل الإمارات و(إسرائيل) والسعوديين وغيرهم لدفع أجنداتهم ... والتضليل هنا ليس الادعاء بأنّ قطر تمول المتطرفين، لكن تصوير أنّ القطريين يفعلون ذلك أكثر من الحلفاء الأمريكيين الآخرين في المنطقة ... والواقع يؤكد أنّ بعض متهمي قطر يفعلون نفس الشيء على الأقل، وفي حالة السعودية، فهي تقوم بأكثر من ذلك بكثير».