واشنطن بوست- ترجمة منال حميد-
اعتبرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية أن دولة قطر وبعد شهرين من الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين ومصر عليها، تحولت من الدفاع إلى الهجوم، وأنها "تتجاهل بشدةٍ" مقاطعة الدول الأربع.
وتقول الصحيفة إنه بعد شهرين من إعلان الحصار على قطر، بدأت الدولة الغنية بالغاز تعزيز اقتصادها وأمنها، وأعلنت إصلاحات واسعة وعززت العلاقات مع تركيا وإيران، الأمر الذي يشير إلى احتمالية إعادة تشكيل المنطقة وتحالفاتها لسنوات.
وإلى الآن، لم تنجح جهود الولايات المتحدة الأمريكية للتوسط بين حلفائها المقربين. وبدلاً من ذلك، فإن الأزمة تزداد حدة في ظل المقاطعة الدبلوماسية والقانونية، تضيف الصحيفة.
ويرى بيري كاماك، المحلل في شؤون الشرق الأوسط بمؤسسة "كارنيغي" للسلام، أنه من المحتمل أن تتفاقم الأزمة بعض الوقت؛ "فالأمر فيه صعوبة في كيفية إيجاد حل وسط للجانبين".
وتتهم دول الحصار قطر بأنها تنتهج سياسة تتعارض مع سياسة مجلس التعاون الخليجي كعلاقة الدوحة بطهران، ودعم جماعة الإخوان المسلمين وحركة حماس.
وفي يونيو الماضي، قدمت الدول الأربع 13 طلباً قالت إن على قطر أن تنفذها، من بينها خفض العلاقات مع إيران، والتخلي عن دعم جماعة الإخوان المسلمين، وطرد عدد من الإسلاميين، وتقديم مبالغ تعويضية للدول المتضررة، بالإضافة إلى مطالبة قطر بإغلاق قناة "الجزيرة".
حيث أغلقت تلك الدول مكاتب القناة في عواصمها قبل أن تلحق بهم "إسرائيل" التي أعلنت عزمها إغلاق مكاتب الشبكة وحظر عمل صحفييها.
الدوحة من جانبها، رفضت هذه المطالب جملةً وتفصيلاً، معتبرة إياها "مطالب غير قابلة للتنفيذ وغير معقولة".
في المقابل، ردت على الحصار بسعي حثيث لتنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على جيرانها الخليجيين في الغذاء والإمدادات الأخرى، فبدلاً من الاستيراد من السعودية والإمارات لجأت الدوحة إلى الاستيراد من تركيا وإيران.
كما وقّعت قطر على صفقة بقيمة 262 مليون دولار لشراء أحد أشهر نجوم كرة القدم وهو نيمار، وضمه إلى نادي باريس سان جيرمان الذي تملكه قطر، واعتُبر المبلغ فلكياً. ولكن في الوقت ذاته، وبحسب الصحيفة، "مثّل استثماراً أفضل في كأس العالم 2022 الذي تستضيفه قطر، فضلاً عن تعزيز العلاقات العامة".
كما كشفت قطر، الأسبوع الماضي، النقاب عن مشروع قانون جديد يسمح لبعض الأجانب بالحصول على الإقامة الدائمة والتي ستمنحهم المزيد من الخدمات في مجالات التعليم والصحة والتملك العقاري وممارسة بعض الأنشطة التجارية.
وفي حال تم إقرار القانون، فإنها ستكون سابقة بين دول الخليج العربي، التي تعتمد على العمالة الأجنبية بشكل كبير، إلا أنها نادراً ما تمنح الأجانب الجنسية أو امتيازات.
ويعتبر هذا القانون جزءاً من تدابير واسعة تسعى قطر لاتخاذها في مواجهة الحصار؛ لكونه يضمن توفير حوافز للقوى العاملة للبقاء في الدولة، وأيضاً لجذب المزيد من الاستثمارات والشركات لاختيار الدوحة كمركز تجاري إقليمي.
قطر قدمت أيضاً شكوى إلى مجلس الأمن الدولي ومنظمة التجارة العالمية، وطالبت منظمة الطيران المدني الدولية ببحث الحصار المفروض عليها من قبل جيرانها.
وعززت قطر علاقاتها مع الغرب بسلسلة من الاتفاقيات، كان آخرها إعلان شراء 6 سفن حربية إيطالية بقيمة 6 مليارات دولار، سبقتها صفقة شراء طائرات مقاتلة من نوع "إف 15" من الولايات المتحدة الأمريكية تجاوزت قيمتها 12 مليار دولار.
ونظمت قطر، خلال هذا الأسبوع، مناورات وتدريبات عسكرية مشتركة مع تركيا، التي أعلنت إرسال عدة آلاف من جنودها إلى الدوحة عقب اندلاع الأزمة الخليجية كجزء من اتفاقية دفاع مشترك وقِّعت عام 2010 بين الدوحة وأنقرة.
ومع استمرار الأزمة الخليجية، يشعر مسؤولون أمريكيون بالقلق، معتبرين أن تواصل الخلاف الدبلوماسي بين قطر وبعض جيرانها الخليجيين يمكن له أن يؤدي إلى عرقلة جهود محاربة تنظيم الدولة في العراق وسوريا؛ خاصة أن جميع دول الأزمة جزء من التحالف الدولي بقيادة واشنطن.