واشنطن بوست- ترجمة أسامة محمد -
يقول الصيادون الإماراتيون إنهم لا يشعرون بالقلق الشديد إزاء التداعيات السياسية للأزمة مع قطر التي تعصف بالمنطقة منذ أوائل يونيو/حزيران، عندما قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع الدولة الخليجية الصغيرة متهمة إياها بدعم المتطرفين.
وقال «ثاني العبيد»: «عندما يتعلق الأمر بالسياسة، فهذا ليس عملنا، إذا سار كل خلف رأيه سوف تكون هناك فوضى».
وقال العبيد (65 عاما) وسالم جمعة (70 عاما) إنهما يثقان في «حكمة» حكام المنطقة لأنهم «عائلة واحدة».
«الخليج هو بيت واحد، من السعودية إلى رأس الخيمة (في الإمارات العربية المتحدة) إلى عمان، نحن جميعا إخوة وأبناء عم وأصدقاء، ونحن جميعا مسلمون».
فالعلاقات التي تربط العائلات بالقبائل والقبائل بالشيوخ الحاكمين تدعم شبه الجزيرة العربية، ولكن هذه القرابة أصبحت الآن تحت الضغط، وأدت الأزمة أيضا إلى إزالة بعض الخطوط الحمراء، وكان من أهمها التفاهم الذي يجسده التقليد والنظام، على أن انتقاد أي بلد خليجي آخر أو حاكمه الموقر يمكن أن يؤدي إلى السجن التلقائي والغرامة الضخمة.
بعد اندلاع أزمة 5 يونيو/حزيران، تغيرت تلك القواعد، وحذرت السعودية والإمارات والبحرين أن أي شخص يتعاطف مع قطر أو ينتقد التدابير المتخذة ضدها سوف يكون جزاؤه السجن والغرامة.
كما تم طرد المواطنين القطريين من الدول الثلاث بعد سنوات من السفر بدون تأشيرة في جميع أنحاء الخليج، وقُطعت خطوط النقل مع قطر، وأغلقت السعودية الحدود البرية الوحيدة لدولة قطر، ما أثر على الواردات الغذائية.
ويصر المسؤولون السعوديون والإماراتيون على أن هذه التدابير لا تستهدف المواطنين القطريين بل الحكومة، وهذا التمييز لم يكن يعني سوى القليل بالنسبة للقطريين الذين يقولون إن الحصار على بلدهم والهجوم على قيادتهم هو بمثابة هجوم على المجتمع بأسره.
وقال «أحمد الخيلي»، قطري يبلغ من العمر 36 عاما: «إذا كانوا يتحدثون عن أميرنا، فإنهم يتحدثون عنا»، مضيفا في اتصال هاتفي من قطر، أنه يعتقد أن العلاقة بين القطريين وغيرهم في الخليج أصبحت أكثر حساسية.
ويعتقد العديد من القطريين الذين يبلغ عددهم نحو 270 ألف مواطن، أن بلدهم الصغير الغني بالطاقة يعتمد على نفسه وأنه رفض التنازل عن سيادته، وقد اجتاحت روح الحماس الوطني البلاد، ووضعت صور صاخبة لأمير قطر الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني»، 37 عاما، على السيارات ولوحات الإعلانات وواجهات المحلات في جميع أنحاء العاصمة.
في قطر والإمارات حيث يفوق عدد الأجانب عدد السكان المحليين كثيرا، يتحدث الكثيرون حول الإعجاب الصادق بحكامهم، إنها علاقة تمتد إلى وقت كان فيه شيوخ القبائل مسؤولين عن أمن مجتمعاتهم التي تعتمد على جمع اللؤلؤ وصيد الأسماك من أجل البقاء، وكانت هناك علاقات مصاهرة بين القبائل.
وقد أدى طرد القطريين إلى فصل الأسر ذات الجنسية المختلطة وإبعاد آباء عن أبنائهم، وأزواج عن زوجاتهم، وعقب القطيعة، قالت دول الخليج الثلاث إن الاستثناءات ستقدم لأفراد العائلة المباشرين، على الرغم من أن الجماعات الحقوقية تقول إن الطلاب والأسر لا يزالون متأثرين جراء الأزمة.
وقال «حمد الكليب»، رجل الأعمال الكويتي البالغ من العمر 38 عاما، إن الأزمة «تبدو كأنها معركة بين كبار المسؤولين»، وتحاول الكويت التي ظلت محايدة، التوسط في الأزمة، متابعا: «إن التوتر بين قطر والكتلة السعودية يقود بالتأكيد جميع علاقاتنا الاجتماعية للخطر»، على الرغم من حدوث تداعيات في الماضي بين دول الخليج، فإن هذه الأزمة هي أشد الأزمات منذ عقود.
وقد أطلقت وسائل الإعلام السعودية والإماراتية وابلا من التقارير حول قطر، متهمة إياها بالفتنة والكذب ورعاية الإرهاب ومحاولة زعزعة الاستقرار في المنطقة؛ بسبب دعم قطر المجموعات الإسلامية المعارضة وعلاقاتها مع إيران.
وتنفي قطر الاتهامات المتعلقة بأنها تدعم الجماعات المتطرفة ذات الدوافع السياسية وتنكر أنها رعت الإرهاب على الإطلاق.
في الوقت نفسه، عززت الصحافة القطرية من تغطيتها الحرجة للمملكة العربية السعودية منذ اندلاع الأزمة. كما اتهمت قطر الإمارات بقرصنة وكالة أنبائها.
في السنوات التي سبقت الأزمة، لم تنتقد القنوات الإخبارية حكام الخليج أو سياسات الدول الخليجية، ورسميا، على الأقل، حافظت قطر على البروتوكولات في محلها، وهنأ الأمير الملك السعودي وابنه الأمير «محمد بن سلمان»، عندما أصبح وليا للعهد في أواخر يونيو/حزيران، كما بعث الأمير برقية تعزية إلى الملك «سلمان» بمناسبة وفاة شقيقه الأكبر.
وأثارت هذه الأعمال وسما على تويتر لدعم قطر، وقال وسم آخر إن السعوديين لا يزالون يرحبون بالعلاقات مع المواطنين القطريين، ويعد تويتر مكان تجمع للناس وراء حكوماتهم.
ورفض الإعلامي الإماراتي «تيم الفلاسي» الاتهامات بأن المواطنين في الإمارات يتلقون أجورا لدعم التحركات ضد قطر، وسأل القطريين كيف يمكنهم مواصلة دعم أميرهم بعد كل هذه الادعاءات الموجهة ضد بلادهم.
في مجلس الصيادين في ميناء دبي، يهز الصيادون رؤوسهم عندما يأتي ذكر تويتر، إنهم لا يوافقون على الكلمات الشرسة التي يتم تداولها عبر الإنترنت، وقال «العبيد»: «إذا أضفت الوقود إلى النار، سوف يشتعل الحريق».
وفي الكويت، قال «براك الدخيل» البالغ من العمر 27 عاما، إن الأزمة استقطبت الآراء هناك وجعلت العلاقات بين الناس في الخليج «محرجة»، وتابع: «إذا استمر الوضع في التصاعد فقد تخلق الأزمة إسفين أكبر بين الشعوب... وهذا بالتأكيد شيء لا نريده».