الخليج الجديد-
رفض إعلاميون وسياسيون قطريون الذهاب للحج بطائرات على نفقة العاهل السعودي، أو الخروج من منفذ سلوى، الذي قرر خادم الحرمين فتحه من أجل الحج فقط، مؤكدين أن الحج لا يقبل المنة أو المزايدة.
وفي وقت سابق من اليوم الخميس، وجه الملك «سلمان بن عبدالعزيز» بإرسال طائرات خاصة تابعة للخطوط السعودية إلى مطار الدوحة لإركاب كافة الحجاج القطريين لمدينة جدة، واستضافتهم بالكامل على نفقته، ونقل جميع الحجاج القطريين من مطار الملك فهد الدولي في الدمام ومطار الأحساء الدولي، فيما يعد تراجعا عن القيود التي فرضتها السعودية على استقبال الحجاج القطريين، ضمن إجراءات الحصار التي تفرضه مع الإمارات والبحرين ومصر على قطر منذ 5 يونيو/حزيران الماضي.
وقال الإعلامي القطري «أحمد السليطي» في تغريدة على «تويتر»: «لن يركب أي حاج من قطر أي طائرة أو وسيلة نقل إلا على حسابه الخاص أو بتكفل من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد حفظه الله».
وقال الشيخ «فيصل بن جاسم آل ثاني» أحد أمراء الأسرة الحاكمة بقطر: «الله يحفظ سمو الأمير تميم، البيعة له وحده، والطاعة له وحده، ومهما حاول أحد شق الصف فنجوم السماء أقرب له من أن ينال مراده منا هذا».
وتابع: «حكمة سمو الأمير تميم وصموده أثمرت فتح الطريق البري، لن يحج قطري عالة على أحد، بالمملكة فقراء أولى بأموالهم، أهل قطر بفضل سمو الأمير ما عليهم قاصر».
وقال موجها حديثه لدول الحصار: «ظن الناس أن حركات الأطفال هذه ولى زمانها إلى غير رجعة، طرتم ولا وقعتم، لن يغير أهل قطر من ولائهم شعرة لأميرهم تميم، فالأمر محسوم لن يجدي تخبطكم».
واعتبر أن «رفع حصار من هنا وتبني تغيير الحكم من هناك عبث وغباء».
كما اعتبر نائب رئيس المجلس البلدي في قطر، «حمد لحدان المهندي»، أن «هذه التسهيلات أكبر دليل أن هناك معوقات وصعوبة في حج القطريين، يعني ما أثارته حكومة قطر صحيح، عموماً ننتظر رفع الحصار أولا».
أما مدير تحرير صحيفة «العرب» القطرية المقرب من أمير قطر، «جابر بن ناصر المري»، فقال: «حج القطريين حق لا يقبل المنة ولا المزايدة، ولسنا بحاجة لنفقة الملك، أطال الله في عمر أميرنا الشيخ تميم بن حمد».
وتابع: «مجرد الحديث عن وساطات فهذا دليل على أن السعودية تسيس الحج، وهذا ما لا يقبل سياسياً ودينيا، حجاج قطر ليسوا لاجئين لكي يدفع بهم للمجهول».
وأشار إلى أن «حجاج قطر يقصدون بيت الله الحرام، وليس السعودية، وعليها إيقاف خطاب الكراهية، حتى تضمن سلامة حجاجنا، فوالله لم يعد القطري آمناً من الغدر».
وفي وقت مبكر من اليوم الخميس، وجه العاهل السعودي بالسماح بدخول الحجاج القطريين إلى السعودية عبر منفذ «سلوى» الحدودي لأداء مناسك الحج، من دون التصاريح الإلكترونية وذلك بناءً على وساطة الشيخ «عبدالله بن علي بن عبدالله بن جاسم آل ثاني».
وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) أن ولي العهد السعودي، الأمير «محمد بن سلمان» رفع إلى الملك «سلمان» توصية بهذا الخصوص عقب لقائه بالشيخ «عبدالله بن علي»، أمس الأربعاء، بقصر السلام في جدة.
وليس من الواضح إن كان القرار السعودي مقدمة لتخفيف إجراءات الحصار ضد قطر، أم أنها تأتي ضمن نفس سياق تسييس ملف الحج، خاصة مع تأكيد وسائل الإعلام السعودي أن القرار الملكي جاء استجابة لوساطة الشيخ «عبدالله بن علي بن عبدالله آل ثاني»، نجل رابع حكام قطر من أسرة «آل ثاني»، الشيخ «علي بن عبدالله»، الذي تولى حكم قطر في فترة ما قبل الاستقلال 20 أغسطس/آب عام 1949، وهو ما قد يشير لاستمرار رهان السعودية على إيجاد بديل للنظام الحاكم في قطر.
وكانت حكومة المملكة قد اشترطت على الحجاج القطريين دخول أراضيها لأداء الحج عن طريق مطارين فقط، وأنه يجب عليهم السفر عن طريق الدوحة فقط، شريطة عدم استخدام طيران «القطرية».
وانتقد «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان»، القيود السعودية على الحجاج القطريين، معتبرا أنها تحد من قدرتهم على أداء الفريضة، داعيا السعودية إلى عدم استخدام «الحج»، لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الحرية الدينية للشعب القطري.
الجناح الثاني
واعتبر خبراء أن استقبال الأمير «بن سلمان» «الشيخ عبد الله بن علي بن جاسم آل ثاني»، ابن الشيخ «علي بن جاسم آل ثاني» رابع حكام قطر، وأول أمرائها بعد الاستقلال، يعني أن هذه القيادة بدأت تراهن على الجناح الثاني لأسرة آل ثاني الحاكمة التي جرى انتزاع الحكم منها عام 1974 في انقلاب أبيض قاده الشيخ «خليفة بن حمد آل ثاني»، جد الأمير الحالي «تميم بن حمد».
وأكد خبراء في الشأن الخليجي لصحفية «رأي اليوم» أن هذه الخطوة تعني أن قيادة المملكة قررت التعاطي مع الجناح الثاني لأسرة آل ثاني في مواجهة الشيخ «تميم، ووالده الشيخ «حمد بن خليفة»، واستقبال الأمير «محمد بن سلمان» له، وتعميم الاستقبال على الصحف وأجهزة الإعلام السعودية هو تأكيد رسمي على هذا التوجه الجديد.
وما زال من غير المعروف كيف سيكون رد فعل الأمير «تميم» على هذه الخطوة التي يراها المراقبون خطوة تصعيدية في الصراع من الجانب السعودي.
ويبدو أن قبول وساطة الشيخ «عبد الله بن علي بن جاسم آل ثاني» لتقديم كل هذه التسهيلات للحجاج القطريين تهدف لزيادة شعبيته في أوساط القطريين واستخدامها، أي التسهيلات، كورقة ضغط على السلطات القطرية.
وقطعت دول الحصار الأربع علاقاتها بقطر بدعوى دعمها «الإرهاب»، وهو ما تنفيه الدوحة بشدة.