د. محمد صالح المسفر - الشرق القطرية-
يعمل سمو أمير دولة الكويت، «الشيخ صباح الأحمد الصباح» بكل جهد لإيجاد حل للأزمة الخليجية الراهنة بين دول الحصار الثلاثة (السعودية والإمارات والبحرين) وقطر المحاصرة، أوفد وزير خارجيته ومساعديه يحملون رسائل إلى عواصم دول مجلس التعاون تتعلق بمقترحات لحل الأزمة الراهنة.
يقترح أمير الكويت بصفته الوسيط المتفق عليه بين المحاصَر والمحاصِرين وسلطنة عمان عقد قمة في الكويت بضمانته، للدول السبع (6 +1).
التسريبات المصرية تقول إن وزير الخارجية الكويتي حامل رسالة أمير الكويت إلى مصر اقترح عقد اجتماع وزاري للدول (6 +1) في الكويت، برئاسة وزير الخارجية الكويتي، تكون مهمة الاجتماع الوزاري مناقشة آليات ستقترحها الكويت بالتعاون مع دولة عربية أخرى تحظى بإجماع الدول المعنية، بهدف الوصول إلى حلول عملية تضمن تلبية المبادئ الستة التي تطالب الدول الأربع قطر بتنفيذها، المبادئ الستة هي:
1ــ الالتزام بمكافحة التطرف والإرهاب بكل صورهما ومنع تمويلهما أو توفير الملاذات الآمنة لهما.
2ـ إيقاف كل أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف.
3- الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول، أو دعم الكيانات الخارجة عن القانون.
4- مسؤولية كل دول المجتمع الدولي في مواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب بوصفها تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين.
5- الالتزام بكل مخرجات القمة العربية والإسلامية الأمريكية التي عقدت في الرياض مايو 2017.
6- الالتزام الكامل باتفاق الرياض 2013 /2014 وآلياته التنفيذية في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وتشير التسريبات إلى أن مشروع الحل المقترح يتضمن دعوة قطر لوقف حملاتها الإعلامية ضد دول الحصار، خصوصا مصر، لكن الوسيط لم يتضمن مشروعه الطلب من الفريق الرباعي إيقاف الحملات اللاأخلاقية على قطر ورفع الحصار.
من هنا أقول: إن الفقرة الرابعة شاملة جامعة ما سبقها من مواد، فمحاربة التطرف والإرهاب مسؤولية عالمية وليست مسؤولية قطر بمفردها.
(إسرائيل) مثلا تمارس الإرهاب والتطرف فيشملها ذلك، سلطات «ميانمار» في جنوب شرق آسيا تمارس الإرهاب والتطرف، ودول أخرى ومنظمات في أرجاء العالم تمارس ذلك المحظور.
سؤال موجه إلى الكل في مجلس التعاون الخليجي: هل يعتبر نشر أخبار المظاهرات الشعبية وأحداث الشغب، وعنف رجال الأمن تجاه المواطنين في أي دولة من أعمال التحريض والحض على الكراهية والعنف؟
لكن، ماذا لو نشرت وسائل الإعلام الغربية والأمريكية تلك المظاهرات الاحتجاجية في أي دولة عربية من الدول المعنية وما شابهها من أعمال جماهيرية، هل سيجري الطلب من حكومات تلك الدول التصدي لوسائل الإعلام عندهم والمطالبة بعدم نشر تلك الأخبار؟
أوَليس من حق المواطن العربي معرفة ما يتعرض له أشقاؤه في الوطن العربي وأي مكان آخر في العالم؟
أما البند الخامس أعلاه فإنه يشمل جميع الدول الإسلامية التي حضرت مؤتمر «الرياض الإسلامي الأمريكي» وهي أكثر من 50 دولة، ولا يجوز الطلب من قطر تنفيذ ما جاء في ذلك المؤتمر كأنها المستهدفة وحدها من المؤتمر.
والحق أنه لم يعد هناك سر يمكن أن تخفيه أي دولة في العالم؛ نظرا لتطور وسائل الإعلام والتواصل على امتداد الكرة الأرضية.
نعرف أن الأزمة خليجية - خليجية بكل المعايير، فلماذا تقحم مصر في هذه الأزمة؟
وبمراجعة ما سمي اتفاق 2013/2014 الخليجي-الخليجي نجد ألا وجود لاسم «مصر» فيه، فهل دعوتها لأن مهارات التفاوض -إذا أجبر عليها الثلاثة مع قطر- عند دول الحصار الثلاثة منعدمة فلا بد من الاستعانة بمصر، أم لأن قطر متهمة بعلاقة مع «الإخوان المسلمون» فرع مصر؟
إذا كان ذلك السبب فقطر متهمة حديثا من قبل الدول الخليجية الثلاث بعلاقتها مع الحوثيين، وعلى ذلك لا بد من دعوة الحكومة الشرعية اليمنية لسماع صوتها في هذا الشأن مثلها مثل مصر، أو أن مصر وحلفاءها يتوقعون من قطر أن تدفع لمصر السيسي أموالا طائلة كما دفع الثنائي النفطي السعودية والإماراتي.
تشير الفقرة الثالثة أعلاه الموجهة إلى قطر ضمن المبادئ الستة مطالبتها «بالامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول»، وهذا شرط واجب على كل الدول في العالم، عدم التدخل في الشأن الداخلي لأي دولة.
لكن، أليس الطلب من قطر عدم استضافة أو منح حق اللجوء لأي مظلوم يلجأ إليها لحمايته من حكومة بلادة يعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية لدولة قطر؟
أمريكا مثلا رفضت إخراج المعارض التركي «فتح الله كولن» المقيم في أمريكا والمطلوب من قبل الحكومة التركية، والمتهم عمليا بتدبير الانقلاب العسكري الفاشل الأخير ضد النظام القائم في أنقرة، بريطانيا ذات العلاقة المتميزة مع بعض الدول الخليجية رفضت إخراج المعارضين من مواطني تلك الدول العربية المقيمين في بريطانيا رغم محاولات تلك الدول.
أتفهم وغيري من أصحاب الرأي أن يطلب من دولة قطر عدم السماح لأي لاجئ سياسي يقيم في قطر بممارسة أي أعمال سياسية من داخل قطر تضر ببلده الأصل، أما أن يطلب منها إخراجه من قطر مرضاة لذلك النظام رغم المخاطر على حياته فهو يعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية للدولة، وهذا أمر غير مقبول.
لا جدال أن الجهود الكويتية تتأرجح بين اليأس والرجاء، نسأل الله أن يوفقها.
آخر القول: الجنرال المتقاعد «أنتوني زينبي» مبعوث وزير الخارجية الأمريكي «تيلرسون» لحل الأزمة الخليجية، حصل على 20 مليون دولار تبرعًا إماراتيًا بشكل سري، وهو رئيس شرفي لمعهد «الشرق الأوسط للأبحاث »في واشنطن، والمركز أحد أذرع الإمارات هناك.
السؤال: هل الجنرال المتقاعد سيكون نزيهًا في وساطته ولن تؤثر عليه تلك التبرعات الضخمة؟